أمام مجلس الدولة وانا أقف وسط الجموع واحتمي بالفرحة واحتمي بصديقاتي جاءني بملابسه الرثة وعيونه الدامعة وسنوات عمره التي ربما تجاوزت الثمانين ويداه التي أصابها الرعاش يستحلفتي بالله قائلا: هل صحيح القاضي قال أنها مصرية؟ أقسم له بالله أن القاضي قال: مصرية فتتكاثر الدموع في عينيه وفي عيني ويمضي وهو يردد: الله يحميه ..الله يحميه . ترتفع اصوات الحناجر التي استيقظت من النجمة وكانت قبلتها وكلمة سرها هي مجلس الدولة ..عيش ..حرية ..الجزر دي مصرية ..عشرات وعشرات ..ومئات ومئات .. حالوا بيننا وبين شرف الدخول الي إحدي قاعات مجلس الدولة لنعيش لحظات ربما تساوي العمر كله ..طاردونا من أمام مجلس الدولة الي الشوارع الجانبية بوجوههم الجامدة أحيانا والكارهة أحيانا والمهددة دائما .. وبعد ساعتين من الانصراف والعودة والخوف والرجاء والتقهقر والتقدم إلي قبلتنا ومحاولة الاحتماء منهم بكثرتنا ..جاءت البشارة: برفض طعن الحكومة علي مصرية تيران وصتافير .. وأن اتفاقية ترسيم الحدود هي والعدم سواء ..فالجزر جزء من مصر ..ومصر دولة قديمة، ليست نقطة علي خريطة الكون أو خطوط رسمها خطاط أو عالم جغرافيا.. وجيشنا لم يكن أبدا جيش احتلال .. قالت البشارة: الجزر مصرية في كتب التاريخ والجغرافيا.. بالحروب والنزاعات والمراسلات العسكرية الجزر مصرية ..بالأطالس والخرائط الجزر مصرية ..بالأمن والاستراتيجية والوطنية والعروبة الجزر مصرية. طعنوا أمام إلادارية علي حكم قضاء مصر في درجته الأولي ..ثم استشكلوا أمام الأمور المستعجلة ..ثم ذهبواللدستورية ..ثم صدر حكم القضاء الذي هو عنوان الحقيقة أن الجزر مصرية فاكتشفوا أن القضاء غير مختص!! وتحولت الفرحة إلى فرحة مكسورة، فبدلا من طقوس اليقين والاحتفال ومصر اليوم في عيد ..أصبحنا علي شك وانعدام بوصلة ..وبدلا من الزغاريد والإعلام وأبواق السيارات العالية التي تعلن ان الجزر مصرية أضحينا علي مساء بغيض ونعيق شؤم واتهامات بالافتئات علي سلطة الرئيس وسلطة البرلمان.. بل وصل الجنون والرخص إلى مداه بأن لنا مليوني مصري يعملون في السعودية سوف يعودون ..وأن السعودية قد تحاربنا دفاعا عن أرضها.. ويتواصل الجنون بأن السعودية سوف تكسب جولة التحكيم وتسترد الجزر .. (عمركم شفتوا سفالة اكتر من كدة) وأيضا كان بيننا من صمت ففي الصمت امكانية لنسيان مواقف الهوان . ولان الخيال قاصر ومصاب ..ولان العته والخبل زاد ..ولان الشغل دائما علي قديمه فقد جاءت ووصلت مرحلة الاشتغالة -كما يسمبها أهلنا في الإسكندرية – والاشتغالة هذه المرة لن تنفع بالفتاة التي انجبت طفلا من علاقة لا يعترف بها القانون وبدء قصة جديدة ربما تصلح لأن تكون سبوبة جديدة اسمها (السينجل مازر) فكان المطلوب هو سمعة وشرف ودم وأموال اللاعب المحبوب أبو تريكة .. فجأة طلع إن أبو تريكة إرهابي ..فجأة أبو تريكة مؤيد وداعم وممول لاعتصام الارهابين في رابعة .. كل شيء ظهر فحأة كما الجزر التي اكتشفنا فحأة أنها سعودية رغم الدماء التي ذهبت فداء لها ورغم الأطالس والخرائط.. فسدت اشتغالة المحامي خالد علي الذي تصدر فريق الدفاع بأنه أشار بإشارات غير أخلاقية أثتاء فرحته بحكم القضاء ..فلم يكن هناك غير أبو تريكة الإرهابي ..أقول لكم: أبو تريكة ليس إرهابيا ..ولن تستقيم الاشتغالة أيضا هذه المرة ..ولن تكسروا فرحتنا فالجزر مصرية بحكم الشعب وحكم القضاء.. والباقي تفاصيل. .