مأساة حقيقية تعيشها مئات الأسر من المقيمين بعشوائيات دمياط، حيث يقطنون داخل مناطق تفتقد لأبسط مقومات الحياة من مسكن آدمي ومياه وكهرباء وصرف صحي، وهو ما أدى لإصابتهم بالعديد من الأمراض، كفيروس سي والفشل الكلوي وأمراض الجهاز التنفسي، خاصة وأنهم يقيمون داخل عشش مبنية من الصفيح، وفي فصل الشتاء تتحول حياتهم لجحيم، حيث تغطي مياه الأمطار الأخضر واليابس، وتغرق عششهم، علاوة على افتقادهم لدخل ثابت ولا توجد لهم معاشات تعينهم على الحياة. بنبرة حزينة تقول زينب الشرقاوي، 60 عامًا، من ساكني العشوائيات: أنا أم لشاب مريض، يعاني من مياه على المخ. أقيم هنا منذ 41 عامًا فى العشة، ومنذ 17عامًا بعد وفاة زوجي أصبحت الأم والأب لنجلي الوحيد، وأنتظر عطف أصحاب القلوب الرحيمة علينا؛ كي أتمكن من تدبير علاجي وعلاج نجلي، الذي يتكلف ألف جنيه شهريًّا، وليس لنا مصدر رزق آخر سوى كراتين شيبسي وبسكويت نسترزق منها. وأصبحت عاجزة عن تدبير نفقات علاجه ومعيشته. لا عارفين نعيش ولا نمشي. مضيفة: نفسى في سكن يحمينا من البهدلة والعيش وسط القطط والفئران والحشرات. ووجهت الأم المكلومة رسالتها للرئيس "يا ريس نعمل إيه؟ ونجيب لقمة عيشنا منين؟ كل شهر أنتظر قلوب الخير تعطف عليَّ أنا وابني، وكثيرًا من الأحيان لا أتمكن من تدبير لقمة العيش الحاف. كل أمنياتي تتلخص في توفير أوضة بصالة تحمينا من برد الشتاء ونهش الحيوانات بدل ما احنا يائسين. مش كثير عليَّ اليومين اللي لسه ليَّ في الدنيا أنام فيهم في بيت بدل ما أنا نايمة في الشارع أنا وابني المريض". وداخل عشته يجلس سمير سلامة، 60 عامًا، بجواره أدوية الحساسية وأجهزة الاستنشاق، حيث إنه مريض بالربو، قال إنه يقطن في ذلك المكان منذ 17 عامًا بعد هدم منزله، مضيفًا "لم أجد إلا عشة صفيح تحمينا من برد الشتاء أنا وأبنائي ال 4، حتى اضطررت للعمل في مهن متعددة، ولم أترك مهنة تأتي لي بلقمة عيش حلال عشان أربي أولادي إلا وأمتهنتها، وأعاني من مرض الربو منذ سنوات، والحكومة مش بترحمنا، مرة إشغالات، ومرة كهرباء وأخرى مياه، ومش عارف أدبر لهم كل المصاريف دى منين، وكأننا مش بشر، فلا صرف ولا مياه ولا كهرباء. نفسي في أوضة بصالة؛ كي أحيا مثل باقي البشر". والتقط وائل السيد الدالي، 23 عامًا، طرف الحديث قائلًا: تعبت كثير، فمنذ ولادتي وأنا أقيم فى عشة. لا أعرف للحياة طعم فيها، ففي فصل الشتاء حياتنا بتكون مأساة، ونكون محاصرين بالمياه من فوق وتحت، حتى نصبح عائمين وكأننا سمك مش بشر من لحم ودم". وأكد الدالي أن أمنيته "توفير سكن آدمي بدل البهدلة اللي عايشين فيها دي. إحنا عايشين مع تعابين وفيران وكل الحيوانات". وحسبما أفاد مصدر بديوان عام المحافظة في تصريح ل "البديل" هناك 3 مناطق عشوائية غير آمنة بدمياط، مؤكدًا أنه جارٍ إدراج 2 منها بخطة العام الجاري 2017- 2018؛ لتطويرهما، ويقطن بهما نحو 4500 مواطن.