شهد الأسبوع الماضي العديد من الزيارات الخارجية لسامح شكري وزير الخارجية، من سلطنة عمان لبحث العلاقات الثنائية والتنسيق فيما يخص قضايا الشرق الأوسط، إلى برلين لمناقشة عدد من الملفات الثنائية، فيما زار رئيس المجلس الرئاسي الليبي القاهرة؛ لاستمرار المساعي لتوحيد الصف الليبي، التي بدأها مصر منذ ما يقارب الشهر؛ في محاولة للم شمل الفرقاء على طاولة الحوار. زيارة شكري لعمان زار وزير الخارجية سامح شكري سلطنة عمان؛ للقاء عدد من المسؤولين في البلد الخليجي الهادئ نسبيًّا عن الصراعات المحيطة بالدول المجاورة، لا سيما وأنها تنأى بنفسها عن الخلافات التي يشهدها الشرق الأوسط. ويرى مراقبون أن زيارة شكري لسلطنة عمان لا تخلو من دلالات، أبرزها وجود حراك عربي لمواجهة تداعيات التغيرات المتسارعة في المنطقة، لا سيما في الملفات السورية والعراقية والليبية. وبحسب التصريحات الرسمية فإن زيارة سامح شكري لمسقط أستهدفت نقل رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى السلطان قابوس بن سعيد، كما أنها استهدفت بالأساس تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ومتابعة برامج ومشروعات التعاون القائمة، بالإضافة إلى التشاور حول عدد من الملفات والقضايا الإقليمية التي تهم البلدين. وتعتبر الزيارة فرصة مهمة لاستعراض أبرز المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وسبل التعامل مع الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية، وتمثل تهديدًا للأمن القومي العربي، لا سيما وأن هناك توافقًا في الرؤى بين مسقطوالقاهرة حول ضرورة التوصل لحلول سياسية لأزمات المنطقة، وأيضًا لبدء حوار خليجي إيراني لوقف تصعيد الخلافات. وبحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية، فإن المباحثات شملت البدء في الإعداد للدورة الرابعة عشرة للجنة المشتركة المصرية العمانية المقرر عقدها في عام 2017 بمسقط، كما استحوذ الإعداد للقمة العربية القادمة على قدر كبير من المناقشات بين الوزيرين، حيث توافقت رؤاهما حول أهمية أن تكون القمة القادمة غير تقليدية. كما تم التنسيق بين البلدين في الملفين اليمني والليبي، خاصة وأن سلطنة «عمان» تبذل جهودًا مضنية لحل الأزمة اليمنية في إطار علاقاتها المتوازنة بين السعودية وإيران، ومحاولة حلحلة المشاكل والخلافات بينهما في قضايا المنطقة، بينما تشهد القاهرة الكثير من الجولات الليبية؛ في محاولة لوضع حد للأزمة المتفاقمة منذ سنوات. زيارة ألمانيا وبعد زيارة عمان مباشرة، توجه شكري إلى ألمانيا، مستهلًّا لقاءاته بعدد من المسؤولين الألمان؛ وذلك لبحث عدة ملفات، أبرزها تنشيط وتعزيز العلاقات الثنائية، ودعم التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري لمصر في المرحلة المقبلة، ونقل رؤية مصر فيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية، وسبل معالجة الأزمات المختلفة في منطقة الشرق الأوسط، في إطار من التفاهم والتنسيق المشترك بين البلدين. وبحسب الخارجية، فإن هذه الزيارة تعكس العلاقات المتميزة بين مصر وألمانيا وحرص الجانبين على إعطائها دفعة قوية في مختلف المجالات خلال الفترة القادمة، حيث من المقرر يلتقي سامح شكرى مع نظيره الألماني فرانك شتاينماير، ومستشار الأمن القومي الألماني كريستوف هويسجن، ووزير الداخلية توماس ميزييه، ووزير الاقتصاد والطاقة ونائب المستشارة زيجمار جابرييل، بالإضافة إلى وزير النقل والبنية التحتية ألكسندر دوبرينت، ووزير التعاون الاقتصادي والإنمائي جيرد مولر، وفولكر كاودر زعيم الأغلبية بالبرلمان الألماني، وإيديلجارد بولمان نائبة رئيس البرلمان الألماني. وكشف سفير مصر في ألمانيا أن هناك أهدافًا استراتيجية مشتركة بين البلدين، وأن الزيارة تأتي لتعميق وترسيخ تلك الأهداف، لافتًا إلى تلاقي إرادة الطرفين فى قضايا مشتركة، مثل مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. وعن ملفات المنطقة أكد أن الجانب الألماني يثمن الدور المصري في المنطقة، وأن مصر حليف استراتيجي في الشرق الأوسط لا غنى عنه في التوصل لاستقرار المنطقة، وإيجاد الحلول للقضايا الشائكة، مثل الأزمة الليبية، وإيجاد حلول سلمية للأوضاع في سوريا واليمن والعراق. وبعيدًا عن الأهداف السياسية فإن الملف الاقتصادي كانت له أهمية خاصة أيضًا في زيارة شكري. فبحسب مصادر فإن المحور الاقتصادي يحتل مرتبة متقدمة على جدول أعمال الزيارة، حيث ركزت مباحثات الجانبين على البعد الخاص بتنشيط الاستثمار الأجنبي في مصر على ضوء أن ألمانيا تعتبر من أهم الدول المستثمرة في مصر، مثل استثمارات شركة سيمنز في مجال الطاقة، والتي تصل قيمتها إلي ما يقرب من 9،65 مليار دولار، إلى جانب استثمارات أخرى في قطاعات الإسكان والأنفاق والنقل والبترول والغاز، وتطلع مصر للدعم الألماني لخطة التنمية الاقتصادية والمجتمعية التي تتبناها الحكومة المصرية. السراج في القاهرة شهد الأسبوع الماضي زيارة لرئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج، استقبله خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذي أشار إلى سعي مصر لدعم الوفاق بين مختلف مكونات الشعب الليبي وإيجاد حل ليبي خالص يرسخ دعائم المؤسسات الوطنية الليبية بدون أي تدخل خارجي. وتسعى مصر من خلال الاجتماعات الليبية المتعددة التي تستضيفها بالقاهرة لخلق حالة من التوافق العام بين كافة الأطراف الليبية، خاصة وأنها تدعو باستمرار لتوحيد المؤسسات في البلاد، وأن تكون هناك حكومة واحدة وبنك مركزي واحد وجيش واحد؛ لتكون هناك مؤسسات دولة تعمل على رعاية الشعب الليبي. كما التقى رئيس أركان القوات المسلحة المصرية والمكلف بمتابعة الملف الليبي، الفريق محمود حجازي، مع رئيس المجلس الرئاسي فائز سراج؛ لبحث سبل الخروج من الأزمة الليبية والتوصل لتسوية سياسية، ووفقًا لبيان اللجنة المصرية، فإن الطرفين ناقشا الأوضاع الراهنة في ليبيا والجهود المبذولة من الجانبين؛ للتوصل إلى حلول توافقية تستند في الأساس على الإطار العام للاتفاق السياسي، وترتكز على القضايا الجوهرية للخروج من الأزمات المختلقة الحالية، في إطار سلسلة الاجتماعات التي استضافتها مصر. من جانبه أعرب السراج عن تقديره للجهود التي بذلتها مصر للإسهام في إعادة اللحمة بين أبناء الوطن، مؤكدًا دعمه لكل التحركات والجهود الأمنية الشفافة التي تقوم بها مصر.