رغم التحذيرات التي انطلقت قبل بدء موسم توريد قصب السكر، مازالت الأزمة تخيم بظلالها على مزارعي الصعيد؛ بسبب ارتفاع تكلفة الزراعة على الفلاح، وتمسك الحكومة بشراء طن القصب ب500 جنيه. وعقد مزارعو قصب السكر، في الأقصر الجمعة الماضي، اجتماعًا أعلنوا فيه رفض سعر شراء الطن، الذي أعلنته وزارة التموين والتجارة الداخلية، مؤكدين امتناعهم عن توريد المحصول، إلَّا بعد زيادة السعر، وتشكيل لجان فلاحية بالمحافظة للتفاوض مع الدولة. وجاءت مطالبهم بألَّا يقل سعر الطن عن ألف جنيه، غير الزيادات في مستلزمات الإنتاج، وتفعيل بند زيادة طن القصب ب10% من قيمة طن السكر، ونسبة من الأرباح للفلاح من نسبة إنتاج الصناعات التكميلية، التي يدخل في مكوناتها القصب مثل الأوراق والأخشاب والأعلاف والروائح العطرية والفازلين والكحول، وتدعيم مستلزمات الإنتاج من الأسمدة والوقود، الذي يؤثر على النقل والحرث والري، وتخصيص ميزان مستقل خارج المصنع لكل مجموعة من القرى. وشملت المطالب أيضًا رفض احتساب نسبة الشوائب التي يحسبها المصنع بشكل عشوائي على الفلاحين، وتدعيم نقل المحصول والسعر المقابل للنقل، وتوريد المحصول المحروق خارج إرادة المزارع دون خصومات، وتغيير صيغة التعاقد الباقية منذ أيام مصانع عبود باشا في الأربعينيات من القرن الماضي، بما يراعي مصالح الفلاحين وحقوقهم، والصرف الفوري لمستحقات الفلاحين كافة، فور انتهاء التوريد مباشرة وبدون تأخير، وتوفير أماكن لائقة للفلاحين في أوقات الصرف، وتقديم منحة الري بواقع ما يتكلفه الفدان طوال العام، أي نحو ألف و600 جنيه. وبالمثل كان الحال في أسوان، حيث منع مزارعو قرى الكفور والسبيل والعباسية والمنشية والنجوع والبصالي والخور قبلي وبحري بمركز كوم أمبو، قطار الديكوفيل «وسيلة النقل لشحن ونقل المنتج لمصنع السكر بكو أمبو»، من التواجد أمام زراعتهم؛ احتجاجًا على ما سمّوه «تجاهل الحكومة رفع سعر طن القصب إلى ألف جنيه». وأكد أحمد سيد عبد العظيم، عضو جمعية منتجي القصب بأسوان، أنه استمرارًا للأزمة الدائرة بين المزارعين والحكومة، فشلت مصانع السكر في كوم أمبو وإدفو بأسوان في استقبال الكميات المطلوبة لبدء العمل بكامل طاقتها الآن. وحذر عبد العظيم من العواقب الوخيمة لاستمرار الأزمة على هذا النحو، مما ينذر بخسائر كبيرة للمصانع، فضلًا عن تأثيره المباشر على الناتج القومي لصناعة السكر، خاصة في ظل أزمة السكر التي تعيشها الدولة، وطالب الحكومة بتدارك الموقف؛ حرصًا على الصناعة الوطنية ومصالح المزارعين في المقابل، من خلال تحقيق مطالبهم المشروعة. وأكد الخبير الزراعي محمد نجم أن حل الأزمة في يد الحكومة، معقبًا: يجب أن ندرك أن الفلاح مرهق في الأصل بتكاليف الزراعة، وجاءت قرارات الإصلاح الأخيرة لتزيد عليه الأعباء، ويجب وضع ذلك في الحسبان عند طرح سعر الطن، فلا يمكن احتسابه على شهور مضت، فاليوم أصبح لدينا سعر صرف حر للعملة، إضافة إلى ارتفاع تكلفة النقل نتيجة لرفع الدعم جزئيًّا عن الوقود. وتابع في تصريح ل«البديل»: الآن يجب أن تستجب الحكومة على الأقل لمطلب زيادة سعر الطن، والوصول إلى ثمن يرضي كل الأطراف حتى نتلافى أزمة سكر أشد مما نعيشها الآن، فقد وصل سعر الكيلو في الأسواق إلى 20 جنيهًا، كما أن خيار الاستيراد الآن صعب؛ بسبب أزمة العملة الأجنبية.