60 كيلو متر تقريبًا، تقطعها بسيارتك جنوب مدينة المنيا للوصول إلى أبرز المناطق الأثرية بمصر «تل العمارنة» التي تقع شرق وادي النيل، حيث عاصمة مصر القديمة على أرض المنيا «أخت آتون»، التي هجرها السائحون، خلال السنوات القليلة الماضية. يبلغ عمر المنطقة 3 آلاف و500 سنة تقريبًا، إذ تم بناؤها في عصر الدولة الحديثة، بالتحديد في الأسرة ال18، وتقع في موقع متميز بين عدة جبال بشرق النيل مركز ملوي، ويبلغ طولها 7 كيلو مترات تقريبًا، وعرضها 2 كيلو، ولم يسكنها أحد من البشر قبل أن يأمر الملك إخناتون بإقامة العاصمة الجديدة عليها بدلًا من طيبة على أرض الأقصر. سبب الإنشاء بعد قرار الملك امنحتب الرابع بتوحيد الآلهة، إذ لم يكن مقتنعًا بتعددهم، وبدأ يفكر في موقع مميز يبدأ فيه الدعوة لتوحيد الآله وهي عبادة الشمس، ونظرًا للعداء الكبير الذي كان سيدخل فيه مع كهنة آمون في طيبة بالأقصر، قرر البحث عن منطقة جديدة لم يسكنها أحد من قبل، وينشأ فيها عاصمته الجديدة، ويبدأ في الدعوة لديانته برفقة زوجته الملكة "نفرتيتي". أشهر آثار المدينة قال كبير مفتشي آثار شرق ملوي والمشرف على المنطقة، حمادة القلاوي، إن منطقة تل العمارنة تعد من أبرز المناطق الأثرية بالمنيا، إذ شهدت حقبة تاريخية شديدة الأهمية للملك إخناتون والملكة نفرتيتي، وتوحيد الآله لأول مرة في التاريخ، لذا نجد بالمنطقة عدة لوحات فريدة من نوعها وبقايا معابد على مساحات شاسعة تدل على مدى تمسك الملك بالآله الجديد. وأضاف القلاوي ل«البديل» أن الملك إخناتون حرص عند قدومه للمدينة الجديدة على عمل وصف كامل للمدينة وتدوينها على لوحات محجرية تسمى "اللوحات الحدود" وهي بمثابة خريطة للمدينة، والتي مازالت باقية حتى الآن، وتضمنت اللوحات أيضًا قسم الملك بأنه لن يغادر تل العمارنة وسيعيش ويدفن فيها. وأشار إلى تقدم فن العمارة بالمنطقة، والدقة في تأسيسها بشكل كبير، موضحًا أن أبرز الآثار المتبقية بالمنطقة، بقايا القصر الشمالي والجنوبي والمقبرة الملكية، ومقبرة "مري رع الأول" المدون عليها رسومات، تصف حياة الملك اليومية بدقة عالية، وهي رسومات بالألوان المختلفة، ومقبرة "بانحسي" ومعبد آتون الكبير الذي كان به أكثر من 950 مائدة لتقديم القرابين للآله، ومعبد آتون الصغير الذي يقع فى مواجهة مدخل المقبرة الملكية، ويتكون من 3 صروح، وبه بقايا عمودين، إذ تشمل المنطقة كلها 25 مقبرة لرجال البلاط الملكي وكبار المواطنين والكهنة، و14 لوحة صخرية بينها 11 فى الجبل الشرقي و3 بالجبل الغربي بمنطقة تونة الجبل. أوضح مفتش الآثار، أن حياة الملكة نفرتيتي كانت هادئة أثناء معيشتها على أرض تل العمارنة مع الملك إخناتون، مدللا على ذلك بظهورها معه في جميع المشاهد الموجودة على جدران المقابر، نافيا ما أعلنه بعض الباحثين عن ترك نفرتيتي المنطقة وكثرة مشاكلها مع الملك، مستدلًا على ذلك باكتشاف نقش أثري في محاجر دير البرشا بمركز ملوي، مدون عليه اسم نفرتيتي للعام السادس عشر من حكم إخناتون، ما يؤكد انها عاشت هنا حتى نهاية تل العمارنة. وتابع القلاوي: «لا أحد يجزم بأن العائلة المليكة دفنت في تل العمارنة، فبعد أن هجم كهنة آمون على المنطقة، هجر أهالي المدينة تل العمارنة، ورجعوا لعاصمتهم القديمة طيبة بالأقصر، بينما اختفت العائلية الملكية، لكن وفقًا لما مدون على اللوحات، فإن إخناتون أقسم على عدم ترك المنطقة وأن يدفن فيها». وفي سياق آخر، تشهد المنطقة ضعفًا في عدد وفود السائحين، بالرغم من أهميتها الكبرى وتمهيد الطرق المؤدية إليها، وإنشاء المحافظة مركزا للزوار تبلغ مساحته10 آلاف متر مربع، بتكلفة 44 مليون جنيه، ويتكون من طابقين، يضم منازل أثرية ومنزل لعصر العمارنة الفرعوني وبعض المجسمات التي تحكي تاريخ المنطقة. وكشف مصدر مسؤول بهيئة تنشيط السياحة – فضل ذكر اسمه- أن أعداد الزائرين تتراوح بين 200 إلى 300 زائر شهريًا للمنطقة، بعد أن كانت تشهد قدوم أكثر من 4 آلاف زائرا شهريًا منذ 4 أعوام تقريبًا، من مختلف دول العالم.