عثرت وزارة الداخلية التونسية، الخميس الماضي، على المهندس التونسي، القيادي بحركة حماس، محمد الزواري، مقتولًا بالرصاص داخل سيارته وأمام منزله بمنطقة العين في ولاية صفاقس، حيث قالت الوزارة، إن ثماني طلقات رصاص اخترقت رأس الزواري، كانت كفيلة بتصفيته في وقتها. المهندس محمد الزواري الزواري من مواليد 1966، يبلغ من العمر 49 عامًا، كان له انتماءات للجماعات الإسلامية، فدخل السجن في عهد نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، وبعد خروجه هرب إلى عدة دول من بينها ليبيا والسودان التي أقام بها 3 سنوات، حيث حصل على الجنسية السودانية قبل أن يستقر في سوريا ويتزوج بسورية، لتبدأ هنا علاقته بحركة حماس، حيث انتمى المهندس إلى الحركة في تسعينيات القرن الماضي، وعمل الزواري في الوحدة الجوية لكتائب القسام، الذراع العسكرية للحركة، وكان من مهماته تصنيع الطائرات من دون طيار، وتطويرها وتعليم القساميين عليها، وفي الوقت الذي كان يعيش فيه الزواري على الأراضي السورية أقام علاقات قوية مع حزب الله في الأراضي اللبنانية والسورية. بعد اندلاع الأزمة السورية لم يترك المهندس دمشق، بل بقى فيها حتى عام 2013، وبعدما ساءت الحالة الأمنية هناك وفي الوقت ذاته انتصرت الثورة التونسية، واضطر الزواري إلى مغادرة سوريا ليعود إلى تونس ويواصل دراسته للحصول على شهادة الدكتوراة بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، وعمل هناك مهندسًا للطيران، وأسس «نادي الطيران النموذجي» في صفاقس. يعتبر الزواري، أحد رواد مشروع الطائرات بدون طيار، التي تعمل عليها كتائب القسام بقطاع غزة، كما أنه عمل طيارًا سابقًا بشركة الخطوط التونسية، واخترع أول طائرة من دون طيار في تونس، إلَّا أنه قبل مقتله كان يعمل كمدير تجاري بشركة خاصة، وكان يُعرف بانتمائه لحركة النهضة التونسية. الموساد الصهيوني.. المتهم الأول أصابع الاتهام الأولى تم توجيهها إلى الموساد الإسرائيلي، الذي كان ولايزال يضع المقاومين الفلسطينيين أمثال المهندس الزواري في مقدمة قائمة اغتيالاته، ففور خروج نبأ مقتل الزواري وجهت الفصائل الفلسطينية الاتهامات للأيدي الصهيونية التي يمتد إجرامها إلى العديد من الدول، وفي مقدمة تلك الفصائل جاءت حركة حماس التي ينتمي إليها المهندس التونسي، حيث أعلنت الحركة في بيان لها أمس السبت، أن المهندس التونسي، محمد الزواري، الذي قتل الخميس الماضي في ولاية صفاقس هو أحد قادتها، محملة الكيان الإسرائيلي مسؤولية الجريمة ومتوعدة بالرد، وأضافت: تزف كتائب القسام شهيد فلسطينوتونس القائد القسامي المهندس الطيار محمد الزواري، الذي اغتالته يد الغدر الصهيونية الجبانة يوم الخميس في مدينة صفاقسبتونس. في الإطار ذاته، اعتبرت الحركة أن اغتيال الزواري اعتداء على المقاومة وكتائب القسام، وعلى العدوان العلم بأن دماء القائد لن تذهب هدرًا ولن تضيع سدى، وأضاف بيان القسام أن الزواري أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية، التي كان لها دورها في حرب عام 2014 التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، وأوضح البيان أن القائد الطيار الزواري التحق قبل عشر سنوات بصفوف المقاومة الفلسطينية، وانضم لكتائب القسام، وعمل في صفوفها أسوة بالكثيرين الذين أبلوا في ساحات المقاومة ضد العدو الصهيوني، وحذرت الحركة من أن اغتيال الزواري يمثل ناقوس خطر لأمتنا العربية والإسلامية، بأن العدو الصهيوني وعملاءه يلعبون في دول المنطقة ويمارسون أدوارًا قذرة، وقد آن الأوان لأن تقطع تلك اليد الجبانة الخائنة. تحقيقات تونسية من جانبها سارعت وزارة الداخلية التونسية بإجراء التحقيقات للبحث عن منفذ الجريمة، حيث أعلنت الوزارة توقيف امرأة في مطار تونسقرطاج الدولي يشتبه في ضلوعها في جريمة قتل الزواري، وأضافت الداخلية التونسية أن المشتبه بها قد وصلت ليلة الجريمة إلى مطار تونسقرطاج قادمة من إحدى الدّول الأوروبية، فيما أعلن مساعد النائب العام، مراد التركي، أن الموقوفة هي صحفية أجرت مقابلة مع القتيل ومعها صحفي آخر ومصور تلفزيوني، وكلاهما تونسيان. وأعلنت الداخلية التونسية أنه تم إيقاف 8 أشخاص يشتبه في تورطهم بجريمة القتل، كما تم احتجاز 4 سيارات خفيفة لها علاقة بجريمة الاغتيال، من بينها اثنتان تم تسويغهما من شركة سيارات وهمية بتونس العاصمة لمدة شهر، وقد سجل وجودهم في صفاقس منذ 3 أيام وهي سيارات على علاقة مباشرة بتنفيذ الجريمة، حيث عُثر داخل إحداها على مسدسين وكاتمي صوت، وعقد خاص بالسيارتين. صمت إسرائيلي يؤكد الشكوك وسط كل هذه الاتهامات المتلاحقة، وعلى الرغم من أن الكيان الصهيوني لا يترك مناسبة إلا ويخرج للتعليق عليها ونفي أي اتهامات موجهه إليه، هذه المرة لم يصدر الاحتلال أي رد فعل، الأمر الذي أثار المزيد من الشكوك، خاصة وأن مثل هذه العمليات سبق أن أثبتت التحقيقات اضطلاع الاحتلال الصهيوني بها خاصة في السنوات ما بين 1988 و1991، كما أن عملية اغتيال الزواري مشابهة بدرجة كبيرة عملية اغتيال مسؤول الوحدة الجوية في حزب الله حسان اللقيس، الذي أثبتت التحقيقات أن الاحتلال الصهيوني خطط لاغتياله في الضاحية الجنوبية لبيروت عام 2013. في ذات الإطار، وجهت بعض الصحف الصهيونية أصابع الاتهام إلى الاحتلال، حيث نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" مقالا تحت عنوان: الموساد يغتال مجندًا لحماس في تونس، وأفاد المقال أن "الزواري" المعروف لدى إسرائيل باسم "المهندس" وُجد مقتولا قرب سيارته في مدينة صفاقس، وقال الموقع إن الجهات الرسمية الإسرائيلية لم ترد بعد على الاتهامات باغتيال الزواري، لكنه معروف باتصالاته مع حركة حماس، فيما قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الزواري بات مقربًا جدًا من الحركة التي وصفتها بالإرهابية، وقدم لها المساعدة بفضل خبراته الهندسية، وأكدت الصحيفة أن "المهندس" كان تحت مراقبة الموساد الإسرائيلي منذ فترة. مجددًا.. الأصابع الصهيونية تلعب في تونس حادثة اغتيال العالم التونسي محمد الزواري، لم تكن الأولى من نوعها التي تمس قيادات المقاومة الفلسطينية في تونس، حيث سبق أن أغتالت مجموعة كوماندوس إسرائيلية في إبريل عام 1988، القيادي حينها في منظمة التحرير الفلسطينية خليل الوزير المعروف ب"أبو جهاد"، حينما تم إنزال 20 عنصرًا مدربًا من الموساد من أربع سفن وغواصتين وزوارق مطاطية وطائرتين عموديتين للمساندة على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاج في تونس، وبعد مجيئ "أبو جهاد" إلى منزله كانت اتصالات عملاء الموساد على الأرض تنقل الأخبار، فتوجهت هذه القوة الكبيرة إلى منزله فقتلت الحراس وتوجهت إلى غرفته وأطلقت عليه عددًا من الرصاصات واستقر به 70 رصاصة فتوفي في اللحظة نفسها. أضف إلى ذلك عملية اغتيال مؤسس حركة فتح، صلاح خلف المعروف ب"أبو إياد"، الذي اغتاله الموساد الإسرائيلي على يد العميل "حمزة أبو زيد" في 14 يناير عام 1991 في تونس أيضًا، من خلال عملية طالت القيادي في حركة فتح هايل عبد الحميد الملقب بأبو الهول، والقيادي أبو محمد العمري الملقب بفخري العمري، حيث كان الثلاثة يعقدون اجتماعًا في منزل "أبو الهول"، حين اقتحم المنزل العميل الذي كان أحد أفراد طاقم الحراسة الخاصة بمنزل أبو الهول وفتح نيران رشاشه وأخذ يطلق النار على القياديين الثلاثة.