أعلنت المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة في تقريرها الشهري استمرار زيادة الانتهاكات بملف حقوق الطفل بمصر لشهر نوفمبر، وسط تراجع حكومي شديد وغياب لدور المجلس القومي للطفولة والأمومة. ورصد التقرير ارتفاع عدد الأطفال المنتهكين في نوفمبر 2016 إلى 534 طفلًا ب175 قضية تم تداولها إعلاميًّا عبر الصحف والجرائد الحكومية وغيرها، وتتراوح تلك الانتهاكات بين القتل والاختطاف والاغتصاب والغرق وغيرها، وبلغت نسبة الإناث من تلك الانتهاكات 29%، بينما نسبة الذكور 25%، والأطفال46% لم يتم ذكر نوعهم. وذكر التقرير ارتفاع معدلات حالات القتل التي تعرض لها الأطفال خلال شهر نوفمبر إلى 69 طفلًا، وكان تصنيفها 3 حالات قتل نتيجة عنف أسرى و4 بطلق ناري وحالتين نتيجة عمالة الأطفال و3 في انهيار منزل و17 بحوادث مختلفة وحالتي عنف نتيجة مدرسين وحالة صعق بالكهرباء وحالتين بقذيفة صاروخية و3 نتيجة حريق وحالتين بمشاجرة وحالة نتيجة تسمم وحالتين بعقرة حيوان مفترس، والنسبة الأكبر كانت 27 حالة نتيجة حوادث الطرق. وقالت نسمة علي، الباحثة بالمؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة ومسؤولة التقارير الإعلامية: مصر تعتبر من أوائل الدول في معدلات حوادث الطرق، وفق تقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية، وهو ما أكدته الأرقام السابقة، بارتفاع معدلات القتل في حوادث الطفل، ومن ثم تطالب المؤسسة بضرورة تفعيل لجان الحماية العامة بالمحافظات لتقل أعداد الأطفال الذين يصابون بحوادث الطرق، ومواجهة غيرها من قضايا الطفولة كالخطف والاستغلال في التسول والتعرض للخطر، مطالبة بتضافر جهود الوزارات المعنية كافة في قضية الطفولة؛ لتوفير حلول فعالة لمواجهة انتهاكات الفئة الأضعف في المجتمع. ورصد التقرير ارتفاع معدل الاستغلال الجنسي للأطفال، وأصبح الخطر يهددهم بكل أماكن تواجدهم، حتى المنزل لم يعد آمنًا، حيث وردت خلال شهر نوفمبر 14 حالة استغلال جنسي أخرى و4 حالات استغلال جنسي بين الأطفال وحالة قتل بعد الاستغلال و3 حالات شبكة دعارة و14 حالة استغلال جنسي مدرسي، وحالة استغلال جنسي من الجيران. وتوضح نسمة علي أنه من خلال البحث في هذا الشهر كانت الفئات العمرية الأكثر عرضة لانتهاكات حقوقها هي الفئة بين 16 و18 سنة، وتنوعت الانتهاكات التي تعرضت لها الفئة بين الاختطاف والاستغلال الجنسي. والإصابة بالطلقات النارية والتسمم الحوادث المختلفة. وأضافت أن البحث أظهر المحافظات الريفية الأكثر انتهاكًا لحقوق الطفل بمصر، حيث بلغ عدد الحالات فيها 132 حالة، أما المحافظات الحضرية ف 43 حالة، ومن خلال البحث نجد دائمًا أن الريف الأكثر انتهاكًا لحقوق الطفل، فالواقع القاسي ينعكس على الفئات الأضعف في المجتمعات، وهي فئة الأطفال التي تراجع ملف حقوقهم من أولويات الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير وحتى الآن. من جانبه طالب هاني هلال، رئيس المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، والأمين العام للائتلاف المصري لحقوق الطفل، بضرورة إعادة النظر في استقلالية المجلس القومي للطفولة والأمومة، وعودة تبعيته لرئاسة مجلس الوزراء؛ ليتمكن من تنسيق الجهود الحكومية كافة وغير الحكومية المعنية بقضايا الطفولة والأمومة، بالإضافة إلى إعادة دور الدولة في التوعية المجتمعية بالانتهاكات والمخاطر التي يتعرض لها الأطفال، وكيفية العمل على الوقاية منها. وأضاف هلال أن هناك ارتفاعًا ملحوظًا في انتهاكات الطفولة عن العام الماضي، وهو مؤشر يعكس أن ملف الطفولة في مصر لم يكن على أولوية أجندة الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير، خاصة أن رئيس الجمهورية تناول قضية الطفولة أكثر من مرة، لكن الحكومة لا تتبنى القضية بشكل فعال. وأشار إلى أن أحد أسباب تفاقم الانتهاكات الحقوقية للأطفال وضعية المجلس القومي للطفولة والأمومة، الذي ضعفت واختفى دوره، بعد أن كان هو القاطرة التي تسحب ملف الطفولة إلى الأمام، عندما كانت تبعيته لمجلس الوزراء، لكن بعد الثورة وإلغاء وزارة الأسرة والسكان، تحول المجلس إلى إدارة تابعة لوزارة الصحة، مما كبل دوره ونشاطه المطلوبين. وأوضح هلال أن حقوق الطفل تفرقت على جهات ووزارات وسياسة الدولة قبل تأسيسها للمجلس القومي للطفولة والأمومة عام 1988، وإصدارها قانون الطفل في 1996، حيث استهدفت تجميع ملف الطفولة بمصر تحت مظلة واحدة، وهي المجلس القومي للطفولة والأمومة، لكن الوضع اختلف تمامًا الآن، فتم إسناد قضايا أطفال الشوارع إلى وزارة التضامن الاجتماعي تحت إدارة إطفال بلا مأوى، وذهبت قضية عمالة الأطفال إلى وزارة القوى العاملة، وذهبت قضية ختان الإناث الى وزارة الصحة، ومن ثم ارتفع معدل الانتهاكات للأطفال، فهناك ارتباك واضح من الدولة في حماية الأطفال، بل ظهرت انتهاكات جديدة، مثل حوادث الاستغلال الجنسي بالمدارس الدولية والقطاع الخاص، وهذا لم يكن موجودًا من قبل. وعن الحلول قال هلال: الائتلاف وعدد من الخبراء الحقوقين بمجال حقوق الطفل يتعاونون الآن مع أعضاء البرلمان، تحت شعار «برلمانيون أصدقاء للطفولة»، ويستهدف التعاون معهم تفعيلًا أفضل لقانون الطفل الذي يعد من أفضل التشريعات التي عرفتها مصر، بالإضافة إلى الضغط لمزيد من القرارات الوزارية التي تحمي حقوق الأطفال بمصر، وأخيرًا الوصول إلى صيغة مشروع قانون لاستقلالية المجلس القومي للطفولة لتفعيل دوره.
