قرر البرلمان العراقي عرقلة وإنهاء اللغط السعودي الأمريكي حول دور فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي في العمليات العسكرية الهادفة تحرير المدن العراقية من قبضة تنظيم داعش الإرهابي؛ بدمجهم في الجيش العراقي. وافق البرلمان العراقي برئاسة سليم الجبوري، وحضور 210 نواب، أمس، بالإجماع على قانون دمج هيئة الحشد الشعبي بالجيش العراقي، في غياب ممثلي اتحاد القوى العراقية، الذين هددوا بمقاطعة العملية السياسية، واللجوء إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ما لم تجر تعديلات على القانون، وبحضور غالبية أعضاء التحالف الوطني. نص القانون على اعتبار فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي كيانات قانونية تتمتع بالحقوق وتلتزم بالواجبات، باعتبارها قوة رديفة وساندة للقوات الأمنية العراقية ولها الحق في الحفاظ على هويتها وخصوصيتها، ما دام لا يشكل ذلك تهديدًا للأمن الوطني العراقي، كما نص على أن هذه الفصائل والتشكيلات ستمارس مهامها وأنشطتها العسكرية والأمنية بطلب وإيعاز من القائد العام للقوات المسلحة العراقية، وبالتنسيق معه ابتداءً واستمرارًا عند وجود تهديدات أمنية تستدعي تدخلها الميداني لردع تلك التهديدات واجتثاثها. ويخول القانون لفصائل وتشكيلات الحشد الشعبي حق استخدام القوة اللازمة وتأدية كل ما يلزم لردع التهديدات الأمنية والإرهابية التي يتعرض لها العراق، وكذا لتحرير المدن من الجماعات الإرهابية وحفظ أمنها والقضاء على الجماعات الإرهابية وكل من يتعاون معها وتحت أي مسمى كان، وتلتزم الحكومة العراقية ومجلس النواب بتهيئة مستلزمات واحتياجات فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي العسكرية وغيرها، ما يتطلبه تنفيذ أنشطتها الأمنية والعسكرية في حال وقوع التهديد الأمني للعراق أو ما يتطلبه بقاؤها في حالة الجهوزية التامة لردع تلك التهديدات. ترحيب سياسي التصويت البرلماني العراقي الذي أيد القانون، باركه نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، مقدمًا شكره للمرجعية الدينية والنواب المصوتين على القانون من جميع الطوائف، مؤكدًا أن الحشد يخوض اليوم معركة تحرير نينوى، التي تعد من أشرف المعارك لتحرير أرض العراق من دنس داعش، ومن يساندها فكريًا وماليًا وسياسيًا، بحسب تعبيره، مضيفا أن دماء الشهداء والجرحى وتواجد المجاهدين أثمرت اليوم إقرار قانون الحشد في البرلمان، مقدمًا شكره للمرجعية الدينية العليا التي أفتت بالجهاد الكفائي والحكومة والبرلمان وخصوصًا النواب المصوتين على القانون من جميع الطوائف والأديان والقوميات، وتابع: هذه الخطوة تعد بداية جديدة لتوقية الحشد إلى جنب الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية لتحرير العراق من دنس العصابات الإجرامية. واعتبر رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، إقرار قانون الحشد الشعبي إنصافًا لمن لبى النداء دفاعًا عن العراق منذ اللحظة الأولى لانطلاق المؤامرة التي كانت تستهدف تمزيق وحدة البلاد، قائلا في بيان لمكتبه: حرصنا منذ البداية على تشريع القانون ليكون الضمانة لحقوق المجاهدين بعد كل التضحيات التي قدموها ومازالوا يقدمونها، مشيرا إلى جهود أبناء الحشد الشعبي وتضحياتهم التي أثمرت بتشريع القانون الذي سيحفظ حقوق هؤلاء الأبطال الذين بذلوا أرواحهم من أجل تحرير الأراضي المغتصبة من قبل عصابات داعش الإرهابية، متقدما بالشكر الجزيل إلى مجلس النواب، وأعضاء البرلمان على إقرار القانون لما فيه مصلحة وطنية عليا. وأكد رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، أن كل الكتل السياسية في مجلس النواب لا تختلف بضرورة منح وإنصاف المقاتلين والمتطوعين، والشهداء الذين سقطوا في ساحات القتال من أجل تحرير الأراضي، إن كانوا من أبناء الحشد أو أبناء العشائر والبيشمركة، ومن جميع التشكيلات الرسمية، فيما أكد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، على أهمية هذا القانون ونتائجه المباشرة على المقاتلين، مشددًا على أن قوات الحشد ستدافع عن جميع العراقيين، منتقدًا الذين عملوا طوال هذه المدة على عرقلة تمرير القانون. كيف يؤثر على الحشد؟ إقرار قانون الحشد الشعبي لم يغير من مكانته في الحياة السياسية أو العسكرية شيئًا، حيث تعترف الحكومة العراقية ومجلس النواب فعليًا بأهمية مشاركته في الحياة السياسية والعسكرية، ولطالما طالب العديد من الأحزاب السياسية والشعبية بالاعتراف بهم سياسيا وعسكريا كجزء من الجيش العراقي وإعطاء الشرعية لعملياته السياسية والعسكرية، لكن القانون يشكل جوازا شرعيا لتدخلات الحشد العسكرية في العديد من المناطق العراقية لتحريرها، وإسكات الأصوات المعارضة لمشاركته في المعارك وإضفاء الصفة الرسمية والشرعية على ممارساته وجعلها تحت أعين الحكومة والقوات المسلحة العراقية، للحيلولة دون السماح باستهداف مقاتلي فصائل الحشد عاجلًا أو آجلًا بذرائع مختلفة، ولتأمين أوضاعهم المالية وحقوقهم الشرعية وفق القانون الجديد، كما أن القانون سيجهض أي خطط خارجية لإزاحة الحشد من المشهد السياسي والعسكري بحجج عدم شرعيته. القانون قد يضع حدًا للعديد من الدول التي كانت تصف مساندة الحشد للقوات المسلحة العراقية بأنها غير شرعية، وخاصة السعودية وأمريكا اللتان تعتبران فصائل الحشد الشعبي إرهابية، وسبق أن اتهموه مرارًا بارتكاب جرائم في العديد من المدن التي حررتها الفصائل، وطالما خرجت وزارة الخارجية العراقية والحكومة لتنفي ادعاءات المملكة وواشنطن، لكنهم كانوا يصرون على إطلاق هذه التصريحات، الأمر الذي أدى إلى تدهور العلاقات بين الرياضوبغداد خلال السنوات الماضية، بسبب تصريحات سفير المملكة السابق في بغداد، ثامر السبهان.