التعامل الأمني السلبي فرض علينا الاعتصام نائب نصر النوبة خذلنا واتهم المعتصمين بأنهم أصحاب أجندات ويخربون البلد الشارع هو الفيصل هذه المرة.. والشباب النوبي عرف طريقه للخلاص
على مدى أربعة أيام اعتصم النوبيون في طريق أبي سمبل أسوان، أثناء اعتراض قوات الأمن لقافلة العودة النوبية التي نظمتها مجموعة من الشباب وعدد من الحركات وأهالي النوبة للتأكيد على «الحق النوبي التاريخي في أرض توشكى»، وجاءت القافلة ردًّا على قرار التخصيص الذي صدر مؤخرًا في إطار مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، حيث أظهرت خرائط التوزيع ضم منطقة فرقند النوبية، البالغة 110 آلاف فدان من أراضي توشكى ضمن المساحة التي ستوزع بالمشروع. يكشف محمد عزمي، رئيس الاتحاد النوبي العام بأسوان، في حواره ل«البديل» كواليس الاعتصام واجتماعات التفاوض مع أعضاء مجلس النواب، وما هى خطوات ما بعد فض الاعتصام. ما هي كواليس فض الاعتصام الذي استمر 4 أيام؟ في الحقيقة قررنا تعليق الاعتصام بناء على عدة أسباب، منها الضغوط العديدة التي واجهها المعتصمون جراء محاصرتهم دون غذاء أو ومياه وقطع الاتصالات والإنترنت، وتهديدات بملاحقات أمنية عسكرية من نائب قائد المنطقة الجنوبية العسكرية للشباب المعتصمين، وأنه لا سبيل سوى فض الاعتصام، فضلًا عن أن الشباب لم يقطعوا الطريق، بل الدولة هي التي فرضت عليهم المكوث في الكيلو 46 طريق أبي سمبل أسوان، بعدما حاصرتهم بين الكمينين، ومن ثم لم تكن هناك وسيلة سوى اعتصام شباب القافلة في المنتصف، فضلًا عن أن طريق «مدق» كان موازيًّا للطريق الذي اعتصمنا به وكانت تتحرك عليه السيارات، لكن الدولة قررت عدم تمرير أتوبيسات السياحة من عليه حتى لا يروا المحتجين، والدليل على سهولة الحركة وعدم قطعها هو مرور اتوبيسات للسودانيين، والتعامل الأمني السلبي مع القافلة هو ما قطع الطريق، وهو نفسه ما حاصر الشباب النوبي بين الأكمنة، ومنعهم من مواصلة قافلتهم إلى «خورقندي». ما تقييمك لتعامل الدولة هذه المرة مع الأزمة النوبية؟ الدولة لم تستطع فض اعتصامنا بالقوة؛ لأننا أقلية عرقية حتى لو استمر الاعتصام 50 يومًا، لكن توقعنا زيارة رئيس الوزراء لحل قضية مهمة ذات مطالب عادلة لمعتصمين سلميين قرروا فقط توصيل رسالة بأحقيتهم للعودة، وأن أراضي النوبة ليست للبيع في مزاد، لكن فوجئنا بتعامل النواب مع الأزمة في يومها الثاني أو الثالث، وكان أسوأ شيء اعتمدت عليه الدولة في تلك الأزمة هو التعامل الأمني غير الحكيم، فلم يسع محافظ أسوان لحل المشكلة إلَّا بعد تصاعد الأحداث، لكن عند نزول النواب وعلى رأسهم مصطفى بكري، وتوصيل رسالة رئيس الوزراء باعترافه بحقوقنا على الهاتف، هو ما دفعنا إلى الموافقة للجلوس على مائدة واحدة للحوار. كيف ترى تعامل نائب نصر النوبة ياسين عبد الصبور مع الاعتصام والأزمة؟ كثيرون لا يعرفون أن النائب جلس مع الشباب قبل ميعاد القافلة بيوم وأكد دعمه لها، بل ساهم ماديًّا في دعمها، وعندما تم إيقاف القافلة ومحاصرتها وتصاعدت وتيرة الأحداث وإصابة ثلاثة شباب برصاص قوات الأمن، تراجع النائب ياسين عبد الصبور عن موقفه، وبدأ اتصالاته بمطالبة الشباب بفض الاعتصام والعودة، بل ساوم الشباب النوبي بأن يفتحوا الطريق لأتوبيسات السياحة مقابل إدخال سيارات المياه والطعام، هل يمكن أن يتخيل أحد هذا الموقف؟! فالنائب ياسين عبد الصبور خذل أهل النوبة وكان ضد مطالبنا بالحقوق المشروعة، بل ألقى باتهاماته على الشباب السلمي المتمسك بمطالبه، ووصفهم بأنهم أصحاب أجندات ويسعون لتخريب البلد. وما هي أبرز المطالب التي أكد عليها المعتصمون مع الوفد البرلماني، لبحثها مع مجلس الوزراء الأسبوع المقبل؟ أبرزها استبعاد كراسة الشروط الخاصة بمنطقتي خورقندي وتوشكى من أراضي مشروع المليون والنصف المليون فدان، واستبعاد منطقة توشكى بالكامل من هذا المشروع؛ لأنها أراض نوبية، وتعديل قرار 444 بما يتواءم مع جميع القرى النوبية في أماكنها الأصلية، وليس كما يترب عن القرار بشكله الحالي باستبعاده لأكثر من 17 قرية وتحويلها إلى مناطق حدودية، وبهذا يقضي على حق العودة لتلك القرى، بالإضافة إلى مناقشة البرلمان لتشريع قانون الهيئة الوطنية العليا لتوطين وإعمار والنوبة، كما نص عليها الدستور، وقد أنكر النواب معرفتهم بقرار 444، رغم أنه كان ضمن حزمة القرارات الجمهورية التي صدرت في 2014، وتم تصديق البرلمان عليها في أول أسبوعين من انعقاده. بعد ثورة يناير صدرت عده قرارات بشأن إعادة توطين أهالي النوبة، بدءًا من قرار عصام شرف مرورًا بلجنة تنمية النوبة التي شكلتها وزارة العدالة الانتقالية.. إلى أي مدى ترى أن الدولة جادة هذه المرة لتنفيذ مطالبكم على أرض الواقع؟ الشارع هو الفيصل هذه المرة، خاصة بعدما لمست الدولة مدى تمسك النوبيين بحقوقهم المشروعة، ولم يعد هناك مجال للصمت أو التحايل على حقوق العودة التي مر عليها أكثر من 118 عامًا، فالشاب النوبي عرف طريقه جيدًا.