تسعى الدولة خلال الفترة المقبلة إلى توفير النقد الأجنبي؛ لتكوين احتياطي قوي، بعد أن وجه المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية عمرو الجارحي في اجتماعه الأخير بضرورة توفير النقد الأجنبي اللازم لتلبية الاحتياجات من السلع الغذائية الرئيسية، وتكوين احتياطي استراتيجي يكفي لمدة ستة أشهر، وكذلك تدبير النقد اللازم لتوفير الكميات المطلوبة من الأدوية؛ لتلبية احتياجات السوق المحلي، مشددًا على أن توفير احتياجات المواطن يعد أولوية رئيسية على أجندة الحكومة. النقد الأجنبي يأتي بمصر عن طريق أربعة مصادر: إيرادات قناة السويس، والبترول، والسياحة، وتحويلات العاملين بالخارج. تأثرت تلك المصادر خلال الخمس سنوات الأخيرة؛ مما أدى إلى تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي من 36 مليار دولار عام 2011 إلى 19.5 مليار دولار تقريبًا قبل إتمام اتفاق قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات. ومن هنا لجأت مصر إلى الحصول على قروض أو ودائع من دول صديقة وطرح سندات دولارية في الأسواق العالمية؛ لزيادة النقد الأجنبي ورفع الاحتياطي؛ للدخول في المرحلة الآمنة، بتأمين الاحتياجات الأساسية لمدة 6 أشهر، فإذا عجز الاحتياطي النقدي عن تلبية الاحتياجات لمدة أقل من ذلك يكون قد دخل في المنطقة الحرجة. وزير المالية أكد في تصريحات صحفية أن مصر تسعى لتحقيق ما يتراوح بين 5 و6 مليارات دولار من مبيعات السندات الدولية خلال العام المقبل، بحسب احتياجاتها المالية، لافتًا إلى أن الطرح الأول لهذه السندات قد يتم في منتصف يناير المقبل، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية كانت تخطط لأن يكون الطرح الأول للسندات الدولية في نهاية نوفمبر الجاري، لكن حالة الهشاشة التي يعاني منها سوق السندات الدولية حاليًّا، واتجاه الأسواق بشكل عام إلى الهدوء في النصف الثاني من ديسمبر، قد يدفعان لتأجيل الطرح إلى منتصف يناير. سعت مصر بكل الوسائل إلي إتمام قرض صندوق النقد الدولي؛ من أجل تأمين الاحتياطي النقدي، حيث كشف طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، عن ارتفاع رصيد الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية ل 22.50 مليار دولار، وأنه تم إضافة نحو 2.750 مليار دولار لحساب البنك المركزي المصري بعد موافقة الصندوق. وبعد تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، أصبح على الدولة السعي نحو زيادة الاحتياطي النقدي لها؛ حتى تسمح أصول الاحتياطي الرسمي للمصرف المركزي بشراء العملة المحلية، التي تعتبر مسؤولية البنك المركزي؛ لتتمكن من تحقيق الاستقرار في قيمة العملة المحلية. وقال المستشار هيثم غنيم، الخبير الاقتصادي، إن الدولة لها مصادر في توفير النقد الأجنبي من الودائع والقروض التي تحصل عليها من الدول الصديقة، بالإضافة إلى فترة تحصيل الدولار وجمع العملة الأجنبية من المدخرين الذين حصلوا على الدولار كسلعة للمتاجرة فيها بعد قرار تعويم الجنيه وعدم طرح دولارات في البنوك وزيادة أسعار الفائدة على الودائع بالجنيه المصري، كل هذا جعل الكثير من المدخرين يلجؤون إلى تحويل حصيلتهم الدولارية إلى جنيه من أجل الفائدة، وهذا ساعد في توفير النقد الأجنبي. وأضاف غنيم ل«البديل» أن الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر ما زال ضعيفًا؛ ولذلك تسعى الحكومة لزيادته؛ للتحكم في وزن سوق العملة؛ لأنه كلما قل الاحتياطي النقدي أصبح هناك عجز في التحكم في السوق المالي؛ لعدم وجود استثمار حقيقي وعدم وجود عائد قوي من السياحة، فإذا تم جذب الاستثمار والقضاء على البيروقراطية وتم تنشيط السياحة، فسيزيد النقد الأجنبي. وعن احتمالية عجز الاحتياطي النقدي وتراجعه بسبب سداد الديون والفوائد المستحقة على مصر في الفترة القادمة، أكد أن البنك المركزي يراعي حدًّا معينًا للاحتياطي النقدي؛ حتى لا يصل إلى المرحلة الحرجة من قلة النقد الأجنبي، معقبًا: لكن مع الظروف الاقتصادية الحالية أعتقد أنه لا توجد خطة خمسية مثل التي كانت توضع لجذب الاستثمار الأجنبي وزيادة حصيلة النقد.