حكايات خارقة يتداولها أهالي قرية أسديمة التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية.. يحكيها الأجداد للآباء والأحفاد، ويتناقلها الناس عن كرامات سلطان العارفين القطب "أبي يزيد البسطامي" والولي الوحيد الذي يقام له كل جمعة احتفال. ورغم الخوارق والأساطير، إلا أن هذه الحكايات يرغب في سماعها الكبير قبل الصغير، حيث يحرص الآلاف أسبوعيًّا من أبناء القرية وخارجها على الجلوس أمام المسجد بجوار المقام، يفترشون الأرض؛ من أجل الإنصات لخادم المقام وراوي الحكايات التي تحمل في طياتها دلالات اعتقادية متنوعة؛ لذلك صارت عادة، تحولت لعبادة، حتى إن من يعترض عليها، تصب عليه اللعنات حسب قول الخادم. ما إن تطأ قدم غريب أرض القريةوالبالغ عدد سكانها حوالي 20 ألف نسمة، حتى يلقاه أحد أبنائه، ويصاحبه إلى المقام، فلا يزور القرية غريب إلا ويكون أبو اليزيد مقصده، حيث يتوافد الآلاف أسبوعيًّا لزيارة الضريح والتبرك بالولي، وتقام الشوادر والذبائح والنذور والأسواق التجارية، وتزدهر عملية البيع والشراء، ويتم فيها إطعام الفقراء والمساكين، وسط ترديد الأناشيد الصوفية والمدائح النبوية، حيث يتم وضع الدكة التي يقف عليها الصَّيِّت (المنشد) والتي تم إبدال مسرح مكانها، وتقام خيمة كبيرة يجلس فيها شيوخ المتصوفة مع مريدي العارف بالله على فرش من عيدان القش والحصائر البلاستيكية. كل هذا يتم رغم أن هناك تضاربًا في الأقوال عن حقيقة وجود موتى داخل هذا القبر؛ حيث ذكرت المراجع التاريخية أن أبا يزيد مات ودفن في بُسطام. لكن أصبح له أربعون مقامًا في بلاد شتى، ومنها أسديمة، حسب تأكيد الخادم. فعلى مساحة صغيرة من أحد أركان الجامع الكبير توجد حجرة صغيرة، تعلوها قبة ضخمة فخمة كبيرة، يرقد تحتها قبر تعلوه مقصورة من الخشب تتدلى على جوانبها ستائر من الحرير الأخضر مكتوب عليها أن هذا هو ضريح القطب الصوفي الكبير أبي يزيد البسطامي. وعن الحكايات الخارقة التي ذكرها خادم المقام أنه جاء من إحدى القرى على الحدود العراقية الفارسية، وحارب في قرية أسديمة، وكان يمتطي جواده، وكانت له صولات وجولات في الميدان حتى جاءته ضربة قوية من أحد خصومه في هذه المعركة قطعت منه حبل الوريد، وتعلق رأسه على صدره، ولكنه أسنده بيده، وراح يغالب الموت، ويحارب الكفار، والمسلمون يتعجبون من فعله، فراحوا يكبرون ويهللون. وتابع الخادم: وكانت الدماء تتساقط من عنقه، والمسلمون يعدون نقاط الدم، حتى سقطت تسع وتسعون نقطة دم. وبسؤال الخادم: لماذا يقام مولد كل أسبوع لسيدي أبي يزيد البسطامي؟ أجاب أنه حينما استشهد، ومال رأسه الشريف على الجسد وهو على فرسه لم يتوقف عن القتال، فصاحت النساء "زيد يا أبا اليزيد… ولك كل جمعة عيد"، فأوفى أهل القرية بالوعد، وأصبح له مولد كل أسبوع. تشير المراجع التاريخية إلى أن العارف بالله "أبا يزيد البسطامي" اسمه "طيفور بن عيسى". ولد عام 188 للهجرة في بسطام بخراسان من بلاد فارس القديمة. يلقب ب "سلطان العارفين"، وكان في أول نشأته محبًّا لأمّه لدرجة القداسة، طلبت منه مرة كوب ماء، فلما أحضره، وجدها قد نامت، فوقف بجوار سريرها حتى استيقظت، ثم ناولها الكوب. تتلمذ على يد الشيح أبي حسن الخرقاني ومصطفى البكري شيخ الطريقة الخلوتية، ورفعه حتى نال عهد الطريقة النقشبندية، وله العديد من الأقوال، التي دونها العديد من الكتب والمراجع. قال عنه المؤرخون إنه عَلَمٌ دوار في كتب الزهد والرقائق وكتب التصوف والحلول. مات أبو يزيد البُسطامي عن عُمر يُناهز ثلاثًا وسبعين سنة.