مداهمات الأمن لمنزل أحد المحامين أو الاعتداء على محامٍ واقعة أصبحت طبيعية في مصر مع كثرة حدوثها، ولكن ما حدث اليوم أصبح يثير التعجب. يروي المحامي الحقوقي خالد علي، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي، تفاصيل الواقعة، قائلًا «إن قوات الداخلية ذهبت اليوم إلى منزل المحامى الحقوقي محمد رمضان؛ للقبض عليه بالإسكندرية، وعندما لم تجده بالمنزل، قامت بالقبض على أمه وأخيه واحتجازهما بمكان غير معلوم كرهائن، لحين القبض على محامي أهالي عزبة طوسون الذين حاولت الدولة طردهم من منازلهم وهدمها، وهو أيضًا المدافع عن مئات الشباب والعمال في الإسكندرية بقضايا الشأن العام منذ 2008». ويرجع سبب التعجب من هذه الواقعة إلى تراجع الداخلية بعد حملة التضامن مع المحامي لإطلاق سراح والدته وأخيه، وعندما سأل محامو الإسكندرية عن سبب كل ذلك، كان رد الداخلية «كنا عايزين المحامي في شغل»؛ مما دفع المحامي الحقوقي خالد علي إلى التساؤل متعجبًا «اللي عايز حد في شغل يروح بيته الساعة الثالثة فجراً، ويلقى القبض على والدته وأخيه دون سبب؟!». هذه الواقعة تعيد إلى الأذهان الأزمات التي نشبت بين الداخلية والمحامين، والتي تؤكد ثبات موقف الداخلية في التنكيل والبطش بالمحامين، رغم أن كل الوقائع السابقة انتهت باعتذار الطرف الأول، ولكن من الممكن أن نسميه الاعتذار المرحلي؛ للخروج من الموقف، دون تغيير في السياسة العامة التي تُنتهَج ضد المحامي. قد يؤدى استمرار الأزمات إلى كوارث وصدامات إذا لم يتم وضع حلول مناسبة لها؛ لتفادي تكرار حدوثها، فلا يكفي مجرد الاعتذار والوعد بعدم تكرارها. ومن الوقائع التي جمعت المحامين والشرطة ما حدث في مجمع محاكم السويس إثر مشادة كلامية سب فيها أمين وضابط شرطة بعض المحامين، وكانت من أكبر الأزمات التي واجهت المحامين، لكن هذا لم ينتهِ، بل دخلت الأزمة في عدة حلقات، حيث تعدى نائب مأمور مركز شرطة فارسكور بمحافظة دمياط على أحد المحامين، أثناء تحرير محضر داخل المركز بالضرب بالحذاء، مما أدى إلى إضراب جزئي للمحامين، التزامًا بقرار النقابة العامة، وانتهت الأزمة باعتذار الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الواقعة. وتأتي واقعة إطلاق أمين شرطة بمحكمة مدينة نصر النار على المحامي محمد الجمل في المحكمة، مما تسبب في إصابته لتؤكد أن الأزمة مستمرة، وهو ما حدث في واقعة محكمة شبرا الخيمة الابتدائية باعتداء عدد من رجال الشرطة على 4 محامين بالضرب داخل المحكمة، واجتماع وفد نقابة المحامين مع عدد من القيادات الأمنية بمديرية أمن القليوبية داخل مكتب رئيس المحكمة، في محاولة لحل الأزمة، وكان الحل في اعتذار اللواء سعيد شلبي، مدير أمن القليوبية عن الحادث، ووعد بعدم تكرار تلك الواقعة، وأن مثل هذه التصرفات لا يمكن أن تتكرر مرة أخرى، وأنه حريص على الصلة بالمحامين، وأنهم مسؤولون عن حمايتهم وحماية الوطن. يقول المحامي أشرف طلبة، المرشح السابق لعضوية مجلس نقابة المحامين عن المستوى العام، إن تكرار الأزمة والصدام بين الداخلية والشرطة سيظل موجودًا لعدم تنفيذ ما تم طرحه سابقًا بوضع برتوكول بين وزارة الداخلية ونقابة المحامين لإدارة الأزمات التي تحدث، وإنشاء لجنة بين وزارة الداخلية ونقابة المحامين تسمى لجنة الأزمات، تكون مهمتها حل المشكلات التي تحدث بين المحامين والشرطة قبل أن تتفاقم، وتكون اللجنة مسؤولة عن التحقيق في الواقعة وإحالة المخطئ إلى مجلس تأديب عن طريق النقابة بالنسبة للمحامي أو وزارة الداخلية بالنسبة للشرطة، وهنا سيكون على الطرفين المسؤولية؛ لأن التأديب من الممكن أن يوقف المحامي أو الضابط عن العمل، ومن هنا ستبدأ المشكلة في الانتهاء، وسيقل التصادم، ولكن عندما لا نجد عقابًا للمخطئ، فإن الخطأ يتكرر. وأوضح طلبة أن الحل يكمن في إعادة تأهيل ضباط الشرطة، فيما يخص التعامل مع المواطنين والمحامين، وهذه مسؤولية وزير الداخلية الذي يجب عليه التدخل لتأهيل رجال الشرطة؛ تجنبًا لما وصلنا إليه الآن، وهو العودة إلى ما قبل 25 يناير 2011.