فى ظل تصاعد النزاع فى السودان وتراجع المساعدات الإنسانية، يجد العديد من اللاجئين السودانيين فى إثيوبيا أنفسهم مضطرين للعمل فى مناجم الذهب غير القانونية، معرضين أنفسهم لمخاطر صحية وأمنية جسيمة. فى بلدة كورموك الحدودية، الواقعة بين السودان وإثيوبيا، يصل يوميًا ما بين 20 إلى 70 لاجئًا سودانيًا، وفقًا لمسئول فى وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة. ومن بين هؤلاء، أديبى باين عبد الله، البالغ من العمر 85 عامًا والمكفوف، الذى سار مع حفيدته البالغة من العمر 14 عامًا، هيستغلان، لمدة سبعة أيام من دامازين، عاصمة ولاية النيل الأزرق السودانية، هربًا من القتال العنيف. تقول عريسة عبدوى، لاجئة أخرى من دامازين تبلغ من العمر 35 عامًا، والتى وصلت إلى كورموك مع والدتها وأطفالها: "نحتاج إلى طعام وملابس وبطانيات". وبسبب نقص المساعدات، تتجه العديد من العائلات السودانية للعمل فى مناجم الذهب الصغيرة المنتشرة على طول الطريق بين كورموك وأسوسا، عاصمة إقليم بنى شنقول- جوموز. وغالبًا ما يعمل السودانيون بنظام العمولة، حيث يحتفظون بنسبة 10٪ من الذهب المستخرج، مقارنة ب30٪ يحصل عليها العمال الإثيوبيون المحليون. يواجه العمال فى هذه المناجم مخاطر صحية كبيرة بسبب التعرض للمواد الكيميائية الضارة مثل الزئبق والسيانيد، والتى يمكن أن تلوث المياه والتربة المحيطة، وترتبط بزيادة حالات الإجهاض والتشوهات الخلقية والوفيات. فى أحد المناجم فى أولدونغ، لاحظت صحيفة "ذا آيريش تايمز" عدم توافر معدات الحماية للعمال، ووجود امرأتين سودانيتين شابتين تعيشان فى خيمة بين منجم مفتوح وبركة ماء ملوثة تُستخدم لغسل الذهب. أفادت منظمة "بلان إنترناشونال"، التى تدير مركز العبور فى كورموك بالتعاون مع مفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين والحكومة الإثيوبية، بأنها تلقت تقارير فى نوفمبر 2024 عن تعرض ثلاث نساء سودانيات للاغتصاب أثناء عملهن فى أحد مناجم الذهب المحلية. يُهرّب الذهب المستخرج فى بنى شنقول-جوموز غالبًا بشكل غير قانونى خارج إثيوبيا، بما فى ذلك عبر الحدود إلى السودان، حيث يُستخدم فى تمويل الحرب المستمرة منذ عامين بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، والتى تسببت فى نزوح أكثر من 15 مليون شخص من منازلهم، وفقًا للأمم المتحدة. أحمد سليمان، باحث أول فى معهد تشاتام هاوس، يشير إلى أن قطاع تعدين الذهب غير القانونى فى إثيوبيا تطور منذ عام 2018 بسبب تصاعد النزاعات وانعدام الأمن، خاصة منذ اندلاع الحرب فى تيغراى عام 2020. ويضيف أن الجهات الفاعلة الإقليمية والمسلحة المشاركة فى هذه السلاسل لا تستخدم الموارد لتحسين الخدمات أو بناء البنية التحتية، بل لتعزيز ثرواتها الخاصة. تُعد الإمارات العربية المتحدة وسويسرا والهند من الأسواق الرئيسية لتصدير الذهب من أفريقيا جنوب الصحراء، حيث قُدّر أن ذهبًا غير مُعلن عنه من أفريقيا بقيمة 101 مليار يورو وصل إلى الإمارات بين عامى 2012 و2022، وفقًا لتقرير صادر عن "سويس إيد" عام 2024. فى ظل هذه الظروف القاسية، يظل اللاجئون السودانيون فى إثيوبيا عالقين بين مطرقة الحرب وسندان الفقر، معرضين أنفسهم لمخاطر جسيمة فى سبيل البقاء.