لقد أثبتت هذه الأيام.. وهي مصرية بامتياز وعصيبة بأكثر من معني ودلالة بعد أن داهم الشعب المصري الإرهاب المتأسلم وقد صدقت مقولة الزعيم جمال عبد الناصر الشهيرة: إن الشعب هو القائد والمعلم والملهم: نعم حقًا وصدقًا.. فقد استطاع الشعب المصري أن يصنع المعجزات في فترة وجيزة لا تتجاوز السنوات الثلاث.. وأن يقوم بثورة عظيمة 25 يناير 2011.. وبعد أن اختطفها الإخوان.. قام بموجة ثورية هائلة ومبهرة في 30 يونية 2013.. لاستراد الثورة المهدورة. وكأنه يعلن العالم أن هذا الشعب.. خرج كمارد جبار من القمقم ولن يعود إليه.. فقد كسره إلي غير رجعة.. ذلك القمقم الذي حبسه فيه المخلوع علي امتداد 30 عامًا من الفساد والإفساد والقهر.. فأطاح به وخلعه.. تم عندما اعتلي مرسي الحكم وجماعته ومارسوا الفاشية الدينية في أبشع صورها.. لم يمهلهم سوي عام فأطاح بهم وعزله.. وعلينا أن نتذكر دائمًا أن الجيش المصري الوطني هو الذي آمن بالشعب وبقدرته ولهذا هو الحاضن للهبة المجيدة للشعب.. ولولاه ما نجحت ثورتا يناير ويونية.. ذلك أن أصالة هذا الجيش المصري نابعة من أصالة الشعب ولمن يريد أن يعرف صلة الوصل والحبل السري الدفين الذي يربط بين الجيش والشعب. فليدرس التاريخ ويتأمل قضية التجنيد الإجباري الذي فرض علي المصريين منذ النشأة الأولي للجيش علي يد محمد علي منذ قرنين من الزمان والذي لا يزال ساري حتي الآن.. لا يفرق بين غني وفقير الكل سواء.. لابد من الخدمة العسكرية ومن يتهرب منها لا بد أن يصاب برذاذ الإهانة والازدراء من الجماعة الوطنية، قبل أن يقع تحت طائلة المحاسبة القانونية.. ولعل قضية تهرب المطرب الشاب 'تامر حسني' من التجنيد خير دليل.. التي تفجرت في ظل نظام المخلوع حيث كشفت بدورها عن الأمراض الاجتماعية التي كانت سارية في الجسد المصري العام.. التي داهمت فصيلًا كبيرًا من الشباب وجعلت من قضية الانتماء الوطني قضية غائبة عن الوعي العام.. ولعلها من القضايا المهمة والضرورية التي ينبغي لها أن تتصدر المشهد المصري العام الآن.. بعد الأدران التي حاولت مجموعة الإخوان زرعها في التربة المصرية الأمر الذي يهدد المجتمع بفتن طائفية وبتفتيت وحدة مصر!! وهو الأمر الذي إدركه الجيش المصري وتصدي له بقوة.. ولهذا عندما نقول إن الجيش المصري هو تلخيص واف وأمين للوطنية المصرية، وهو أحد تجلياتها المبهرة والراسخة.. فهو قول نستقيه من التاريخ العريق والممتد من عهد الملك مينا موحد القطرين.. إن الجيش ظل دومًا يقوم بمهام الدفاع عن أمن وسلامة الوطن ووحده ترابه حتي عندما خرج عن نطاق الوطن.. فقد كان مدافعًا عن الحقوق لم يكن يومًا غازيًا أو فاتحًا.. ولهذا ظل حكم المجلس العسكري بمثابة حملة اعتراضية في مسيرة الثورة.. وهو الأمر الذي تجاوز عنه الشعب عندما رأي في قيادة الفريق أول السيسي تصويبًا للمسار وإعلاء من شأن القضية الوطنية علي ما عداها.. فتلامس معه وتمسك بأفكاره واستشعر بإضاءة جديدة لعناوين 'عبد الناصر' القديمة التي صنعها بحروف من نور في أفئدة فئات الشعب العادل في الانتماء الوطني الخالص واستقلال الوطن، وفي تحقيق العدالة الاجتماعية ولعله ذاك الأمل الذي يتوحد فيه المصريون الآن صوب هذا الرمز الوطني الكبير السيسي. وإذا كان مبارك المخلوع ومرسي المعزول وجهان لعملة واحدة فإن المشتركات بينهما عديدة.. لعل في مقدمتها عدم إيمانهما بقدرة الشعب المصري علي صنع المعجزات فقد كان مبارك ونظامه الفاسد يحابي رجال الأعمال والشريحة العليا من الرأسمالية المتوحشة علي ما سواهم من الشعب المصري الذي كان يعاني الفقر والبطالة والمرض والجهل.. ثم جاء مرسي لينفذ قرارات الجماعة ومكتب الإرشاد في محاولة مسعورة لأخونة الدولة المصرية وهو ما عرف بالتمكين كان المهم لديهم الأهل والعشيرة أما ما دون ذلك فهو خارج نطاق الرعاية والاهتمام.. وفي المقابل من يتأمل خطاب الفريق السيسي يكتشف منذ الوهلة الأولي مدي تقديره واحترامه وإجلاله لهذا الشعب.. وهو بالتالي لم يخذله عندما طالبه بالخروج لتكليفه وأمره بمواجهة الإرهاب.. فقد لبي النداء حتي تجري المياه في نهر الثورة الجارف. إن كلًا من نظام مبارك ومرسي لم يعز القانون أدني اعتبار فكلاهما كسر القوانين.. وظلت ماكينة ترزية القوانين شغالة.. تخرج ما يخدم مصالح المخلوع وأوهام المعزول فإذا كان الأول يريدها ملكية وبورثها لابنه.. فإن الثاني كان يريدها خلافة إسلامية أممية إذن كلاهما رغب في تغيير شكل الدولة المصرية والنظام الجمهوري بها وإن كان الثاني 'المعزول أشد فتكًا بالدولة المصرية، لأنه أراد تحطيم أعمدتها الأساسية من جيش وشرطة وقضاء وإعلام وثقافة إضافة إلي التفريط في ترابها الوطني المقدس ومنحه للأغراب شرقًا وجنوبًا وغربًا!! وهو الأمر الذي لم يستطع الأول 'المخلوع' الإتيان به فقد اكتفي بالتبعية والتفريط في المصالح الوطنية والتنازل عن المكانة الإقليمية الكبري!! ومن هنا فإن الشعب المصري أمام تركة مثقلة بالهموم والتحديات الداخلية بعد أن جرفت العقول والأفئدة أو ظهر طوفان الإسلام السياسي وهو يرتدي ثياب العنف والإرهاب ويغرق العتبات بالدم المصري الحر دون أن يرتجف له جفن فما هذا الحقد الأسود؟ ومن أي الآبار المسمومة ينزح ويرتوي؟! لعلها أفكار الجماعة المضللة التي تتاجر بالدين والتي تكفر الجميع دون الأهل والعشيرة فقط.. وتري الوطن ما هو إلا حفنة من التراب النتن كما يقول مفكرها سيد قطب!! ثم إذا ما انتقلنا إلي التحديات الخارجية سنراها متمثلة في ذاك الحلف الصهيوأمريكي والمتحالف مع الغرب والذي يري في 30 يونية انقلابًا وفي الفريق السيسي بعبًا جديدًا يحمل ملامح عبد الناصر جديد.. ولهذا فهو يشن حربًا ضروس ضد استقلال مصر وتحقيق مشروعها الثوري.. ولولا وقفة السعودية الجسورة والجادة لما توقف الغرب عن تصريحاته الحادة والمؤذية!! وإذا كانت هناك مقولة صحيحة تؤكد أن المهم إعادة البناء في الداخل.. فتماسك الجبهة الداخلية هو بمثابة الدرع الواقية لمصر في التصدي لتلك الدعوات الهدامة والتحديات القائمة.. وإن هذا التماسك لن يتأتي إلا من خلال نشر وعي جديد.. وعي يجعل من جيوش الفقراء والبسطاء والمحرومين من الخدمة الثقافية والتعليم زادًا للثورة لا عليها.. زادًا للشعب التواق حقاً لتنفيذ خارطة الطريق التي تتبناها الحكومة الانتقالية التي بها تتحقق شعارات ثورة يناير في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية ولا بد من تبني الدولة لخطة خمسية أو ثلاثية للقضاء علي الأمية التي يبني عليها إشاعة وتكريس وعي جديد تنويري بالإضافة لتدعيم دور الأزهر الشريف في نشر مفهوم الدين الصحيح والوسطية التي رسخها علي مدار عقود. وعلينا أن نعرف أن آفة الأمية والجهل هي الوسيلة التي عشش بها ذاك التيار اليميني الديني المتطرف وأطيافه المتعددة من إخوان مسلمين وسلفيين وجهاديين في عقول البسطاء وأفئدتهم بحجة أن هؤلاء هم من يدافعون عن الدين أما البقية الباقية أو بالأحري الأكثرية الغالبة من الشعب المصري فهم كافرون ومارقون إن لم يكن زنادقة!! ومن هنا يستمد مشروع محاربة الأمية ومحوها مقامة الأول والرئيس في رفع الغبن عن الشعب المصري الذي طالما وصفوه ظلمًا وعدواناً بأنه غير مؤهل للديمقراطية كما تردد علي لسان كل من عمر سليمان وأحمد نظيف.. إن إعادة الاعتبار لهذا الشعب العظيم الذي هو القائد والمعلم والملهم كما قالها الزعيم عبد الناصر لن يتأتي إلا بمحو أمية 40% منه الذين يعانون الجهل ويقعون تحت طائلة المخادعين والكذابين ممن يتاجرون بالدين ويتاجرون في قوت الفقراء ودمائهم فما أحوجنا إلي شعب مكون من 90 مليون مصري ينعمون بنور العلم والعقل وقوة البصيرة.. يالها من ثروة لا تقدر بمليارات الأرض وكنوزها لعله ذلك الفرس الرابح عبر العصور!!