فى زمن المخلوع.. سقط البسطاء والفقراء من شعب مصر.. شهداء «للعيش» أى «للخبز».. الذى هو الغذاء الرئيس لهم.. حتى لو كان «حاف» أى بلا غموس، الأمر الذى يفسر لماذا قام المصريون بخلعه فى ثورتهم الشعبية المجيدة فى 25 يناير 2011 التى تلخص شعارها فى «عيش، حرية، كرامة إنسانية، عدالة اجتماعية». أما فى زمن الإخوان ود.مرسى والأخونة المسعورة القائمة على قدم وساق.. فقد سقط من الشعب المصرى شهداء كثر دمهم فى رقبة د.مرسى كما سيظل دم شهداء 25 يناير فى رقبة المخلوع تعدد وجوه الشهداء من مقاومة الاستبداد السياسى وحكم الفاشست متمثلاً فى اليمين الدينى وحكم الإخوان و«المرشد».. إلى القتل على الهوية فى أبوالنمرس حيث «5» يسحلون يلقون مصرعهم بحجة أنهم شيعة!! وكأن مصر «تتلبنن» و«تتعرق» دون أن يرف لمرسى جفن مع الأهل والعشيرة والمؤلفة قلوبهم!! وأخيرًا وليس آخرًا القتل من أجل بضعة لترات من «البنزين» أو حتى صفيحة سولار وقد شاهدنا شهيدًا فى مدينة نصر أمام بنزينة.. وآخر فى المنصورة.. أى من أجل الطاقة والاحتراق والحركة.. وكأن الإخوان يرغبون فى إصابة حياة المصريين بشلل يعوق حركتهم، ويوقف أنشطتهم.. لكأنه العقاب الجمعى والجماعي.. حتى لا يخرجون فى 30 يونية ليعبروا عن رأيهم فى حرية وتمرد.. لرحيل مرسى والإخوان عن الحكم.. ليتغير وجه الحياة المصرية الفاسدة، والراكدة، والمرتبكة.. التى يراد لها أن تخرج من عصر المعلوماتية والتكنولوجيا لترد لعصر العباءة واللحى والسواك!! إنها حقًا حياة فاسدة لم تختلف عن زمن المخلوع اللهم سوى تطويل اللحى والمتاجرة بالدين! والسؤال الملح: هل انقطاع الكهرباء «الممنهج».. واختفاء البنزين والسولار المتعمد.. واحتكار السلطة للجماعة والعشيرة.. وهو مقدمة لانقطاع الأنوار.. ولتعم الظلمة الإظلام.. هل هى محاولة لإغراق المجتمع بأسره فى إظلام تام.. ضد قوى شابه تهدف التقدم.. قوى «التمرد الواعدة التى ترغب وتسعى فى استنارة المجتمع ككل.. وفى نقل مصر نقلة حضارية كبرى كى تتسق مع العصر والمكانة.. وعلى المصريين أن يختاروا ما بين الحضور الفاعل.. أو الغياب والتبعية والمذلة! نعم صارت حياة المصريين جحيمًا مقيمًا.. بعد أن ضيق فريق الأهل والعشيرة والمؤلفة قلوبهم الحياة على المصريين.. فى الأرزاق والمعايش كما يرددها البسطاء.. وبالتالى جعلوهم يصدون عنهم بل ينقلبون عليهم.. ويندمون على انتخابهم للدكتور مرسى بعد أن عصروا الليمون أو لم يعصروه.. وليس أدل على ذلك من مشهد أم الشهيد «محمد الجندي» الشهيرة بماما «سامية» وهى تضرب وجهها ورأسها بالحذاء.. فى جنازة الشهيد المهيبة شعبيًا.. لأنها اختارت مرسى رئيسًا وتوسمت فيه العدل والتسامح وبذل الحريات للجميع.. فإذا به يضحى على النقيض بل إن نظامه الذى لم يكمل العام بعد انقض على فلذة كبدها «الجندي» وهو ناشط سياسى.. وأرداه ذبيحة بعد أن اشبعه تعذيبًا وتنكيلاً، إنه ينتمى لتيار سياسى معارض.. التيار الشعبي.. أو ليس هذا هو عين الاستبداد السياسى لحكم الفاشستى كما تبدى فى شهداء حكم مرسي.. فى الصحفى الحسينى أبوضيف الناصرى فى «جيكا» الذى انقلب على مرسى وكرستى وغيرهم عشرات من الشهداء.. والذين ؟؟؟ المائة حتى الآن رغم أن الحبل على الجرار كما يقول العرب! وفى ثورة أم الشهيد الحاجة سامية منطق لا يخلو من بعد قانونى وأخلاقى معًا فهى تناشد المصريين خاصة شباب تمرد الذين تبصر فيهم روح ابنها محمد نابضة حية.. تطالبهم ومعهم الشعب المصرى كله.. أن يصيروا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا أن ينزلوا بالملايين ليعبروا عن مطالب الشعب والقوى الوطنية فى المطالب الثلاث الأساسية انتخابات رئاسية مبكرة، تشكيل حكومة وطنية محايدة، تولى الجيش مسئولية الأمن القومى والدفاع الوطني.. وهى نادمة لأنها لم تنزل مع ابنها الشهيد من ذى قبل.. لهذا تهيب بالأسر والآباء والأبناء أن ينزلوا.. وهى تعلن حقها فى تغيير المحامي الذي اختارته فإذا بها تكتشف أنه ليس جديرًا بمهمة الدفاع عن قضاياها.. وقضايا الشهداء والوطن!! أما د.أحمد حرارة والذى هو أشبه ما يكون بزرقلم اليمامة التى تهدى الناس إلى طريق الحق فى 30 يونية ليستردوا ثورتهم المسروقة وهو يؤكد إذا كان الشهيد خالد سعيد أيقونة ثورة 25 يناير ضد المخلوع.. فإن محمد الجندى هو أيقونة 30 يونية ضد د.مرسى والأهل والعشيرة.. «وحرارة» يؤكد أنه ليس بطلاً متفردًا، وكذلك المناضل الشاب «أحمد دومة» القابع فى سجون مرسى بعد الحكم عليه بالسجن سنتين تحت ذريعة جاهزة أو واهية وهى «إهانة الرئيس».. لأن هناك عشرات بل مئات من المناضلين الذين تكتظ بهم السجون لا يعرفهم أحد.. وهم قابضون على جمر الحقيقة وعلى استرداد الوطن من براثن القوى التى ترغب فى السيطرة والتمكين وإقصاء ما عداها.. بل إن تلك القوى المستكبرة تسعى إلى مزيد من الاستقطاب.. وتمزيق ثوب الوطن.. لأن مرشدها السابق اشتهر بكلمة طظ فى مصر!! لعل الخطاب الأخير.. والطويل.. الذى طلع فيه د.مرسى على الشعب المصرى ليقدم له كشف حساب.. فإذا به لم يقدم ولم يؤخر.. إن لم يكن أطفأ بارقة أمل كانت تلوح فى الأفق! بعد أن شعر الفرقاء ما بين تيار اليمين الدينى على اتساعه وفى مقابل القوى الوطنية المختلفة وقيادة حركة «تمرد» شعر الاثنان معًا بأنه يكرس الاستقطاب ولا يداويه أو يطرح حلولًا معقولة أو مقبولة للتوافق الوطنى العام.. ولهذا كان الشعور العام.. المسافات تتسع والنفوس تشتعل.. والحرائق تزحف وتزداد!! على جانب آخر.. دفعنى الخطاب إلى استحضار وجهين لزعيمين كبيرين.. الأول قريب.. قرب الوريد.. وهو الزعيم الوطنى الخالد «عبدالناصر» وفى أعقاب هزيمة «67» وقد خرج على الجماهير يعلن مسئوليته وتنحيه عن الحكم.. فإذا بالشعب يتفجر كينابيع المياه من كل صوب وصوب يزحف فى اتجاهه.. يأبى الرحيل.. فإذا به فى المحصلة النهائية يجمع الشعب على قلب رجل واحد ليتجاوز محنة الهزيمة.. يندفع فى وحدة لإعادة بناء قواته المسلحة.. أما فى زمن الإخوان ومرسى رغم المخاطر الجسام التى تحيق بالوطن من بوابته الشرقية وبالأخص فى سيناء جنة القلب.. ومن الجنوب وينابيع النيل فى إثيوبيا وسد النهضة ومن الغرب تهريب السلاح والمخدرات من وإلى ليبيا.. ثم ما يعمل فى أحشاء الوطن من صراع وفرقة وفتن.. وتطاحن وتحارب.. ومحاولات لنشر والبغض والكراهية.. فإذا بالدكتور مرسى يتجاهل الأمر برمته.. وكأنه لا يرى ما يراه المصريون وما يحاك لهم.. يتغافل عن الأوضاع ليحدثنا عن إصلاحات جزئية.. وكأننا شعب مغفل!! ليوجع القلوب.. ويشق الصفوف.. ويزيد النار لهيبًا.. والانقسام اتساعًا وبعد أن استبدل الرموز الكبار للأمة من شيخ الأزهر «أحمد الطيب».. والبابا تواضروس استبدلهما بالأهل والعشيرة والهتيفة من صغار الجماعة!! أما الوجه الآخر.. فقد سبق لى وكتبت عنه منذ مدة قصيرة.. وهو وجه الرئيس الأمريكى ال«16» إبراهام ليتكولن «1809: 1965» فى فيلم يحمل اسمه ومن إخراج سبيلبرج.. وقد نال دانياك دامى لويس» جائزة أحسن ممثل عن أدائه لهذا الدور فى جوائز الأوسكار الماضية.. وما يهمنى فى هذا السياق.. هو دور هذا الرئيس الأمريكي الذي اشتهر بأنه محرر العبيد وقد جاء في لحظة فاصلة.. مجتمع نصفه من العبيد والنصف الآخر من الأحرار.. نصفه الجنوبى منفصل عن نصفه الشمالي. ولأنه يمتلك من الإرادة ومن قوة اليقين الشيء الكبير.. فقد استطاع أن يوحد شطرى أمريكا.. أن يلحم الاثنين بقوة القانون لا قانون القوة!! رغم كونه دفع الضريبة فى النهاية من روحه.. وكأنه افتدى وحدة أمريكا بروحه!! ستظل النكتة الأشهر أن الناس المترددة بعد خطاب د.مرسى قرروا النزول فى 30 يونية.. على أن تداعيات الخطاب التى تجلت فى مواقف ثلاثة خير دليل على الحصاد المر ليس لخطاب مرسي.. وإنما بدا معها الخطاب وكأنه طلقة إشارية لكى يلهث الأهل والعشيرة فى مزيد من أخونة الدولة وداليبها وكأنهم فى سباق مع الزمن والتاريخ.. وقد تمثل الأول فى عيون الصحفيين والمثقفين.. فى تهكم رئيس الجمهورية والكاتب الكبير على الأستاذ مكرم محمد أحمد بل السخرية منه ومحاولة النيل من كرامته.. وهو الأمر يتصادم مع كل الأعراف والتقاليد المصرية الراسخة.. لأن الأستاذ مكرم قامة صحفية كبرى شاء من شاء وأبى من أبى وليس بهذه الطريقة يتم استبعاد قامة كبرى امتد عطاؤها لما يزيد على نصف قرن فى الصحافة. يتم استبعاده وإقصاؤه من كتابة عموده فى «الأهرام» حتى تتم لهم أخونتها عن بكرة أبيها!! الأمر الثانى هو إقالة الأستاذ يحيى حسين من رئاسة مركز إعداد القادة لأنه أفسح المجال للمعارضة المصرية كى تعبر عن وجهة نظرها.. لأن الرجل اعتقد أن هذا المركز هو ملك للدولة المصرية.. وبالتالى للشعب المصرى من دافعى الضرائب.. لكن سلطة الأهل والعشيرة ترغب فى أن يكون المركز حكرًا لها وحدها!! أما الأمر الثالث فهو استقالة الإعلامى الكبير جمال الشاعر على الهواء مباشرة من ماسبيرو بعد أن أضفته محاولات الأخونة القائمة على قدم وساق.. وبعد أن الغوا برنامجه كلم مصر!! وقد فضح تدخل الإخوان السافر فى التليفزيون المصرى. أبعد ذلك.. يتساءل البعض لماذا النزول فى 30 يونية؟. أم أن هذا النزول أصبح تحيا بعد ذاك الحصاد المر.. والذى إن لم ينزل الملايين كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا.. فإن الحصاد سيصبح أمر وأعتي.. إن الحكمة القديمة تؤكد مهما قال الثعلب لا تصدقوه.. وإن صيحة الثور الأبيض تأتينا من دفتى كتاب «كليلة ودمنة» وكأنها طازجة.. لقد أكلت يوم أكل الثور الأسود!