قديما و فى العصور السابقة كان العنف هو مصدر القوة، وبذلك سيطرت الدول التي تتمتع بالقوة على مجريات الأمور في المجتمعات القديمة، وبمرور الزمن أصبحت الثروة هى مصدر القوة والازدهار والتحكم في الاقتصاد والسياسة والشؤون العسكرية. وأخيرا وصلت البشرية إلى مرحلة أصبحت المعلومة فيها هي مصدر القوة ومجتمع المعلومات يقوم على استعمال المعلومة في تسيير أموره وفي اتخاذ القرارات السليمة والرشيدة، وكذلك هو ذلك المجتمع الذي ينتج المعلومة لمعرفة خلفيات وأبعاد الأمور بمختلف أنواعها ليس في بلده فقط بل في أرجاء كبيرة من العالم وهو كذلك المجتمع الذي يستعمل المعلومة لصناعة الثروة. أصبح مصطلح ثورة المعلومات وغيره من مفاهيم أخرى كالمجتمع المعلوماتي والمجتمع الرقمي ومجتمع ما بعد الصناعة ومجتمع ما بعد الحداثة ومجتمع اقتصاد المعرفة المميز الرئيسي لحقبة تاريخية مهمة من تاريخ البشرية. لقد جاءت ثورة المعلومات بمقاييس وقيم جديدة حيث إنها أسهمت في توسيع الهوة بين الذي يملك ويتحكم في تكنولوجيا الاتصال وبين الذي يبني قراره على بيانات وإحصاءات ومعلومات وبين الذي مازال لم يتخط بعد مرحلة المجتمع البدائى. تأثرت ثورة المعلومات، التي أصبحت هي الميزة الرئيسية للقرن الحادي والعشرين ومن دون شك ستكون الميزة الرئيسية لسنوات عديدة مقبلة، كثيرا وتداخلت مع ثورة أخرى وهي ثورة وسائل الاتصال الحديثة وكل هذا أدى إلى انفجار معلوماتي كبير جدا حيث أصبح من العسير جدا على الإنسان استيعاب كل المعلومات المتوفرة لديه ودراستها واستغلالها كما ينبغي. وهذه الصعوبة تحتّم على الأفراد والمجتمعات تطوير تقنيات وأساليب تجميع وتخزين ومعالجة المعلومات بطريقة رشيدة وذكية وعقلانية. ولهذا أصبح الصراع على الصعيد العالمي في يومنا هذا هو الصراع على إنتاج المعلومة وكيفية استغلالها واستعمالها في المجال الصحيح. وهكذا أصبح للمجتمع المعلوماتي أبعاد مختلفة ومتشابكة يجب استغلالها كما ينبغي حتى لا نبقى نعيش على هامش المجتمع الدولي حتى أدرك العالم المعنى الحقيقى للمعلومات و حرية المعلومة و الكلمة التى اصبحت اقوى من الاسلحة التقليدية المعروفة، ففى الثالث من مايو كل عام حددت الأممالمتحدة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة " حيث جاء الإحتفال به هذا العام، ليكون بمثابة دعوة لتأكيد أهمية الاعتزاز بالمعلومات باعتبارها منفعة عامّة، واستكشاف ما يمكننا القيام به عند إنتاج المحتوى الإعلامى وتوزيعه وتلقّيه من أجل تعزيز الصحافة والارتقاء بالشفافية والقدرات التمكينية، مع العمل على عدم تخلف أحد عن الركب ويكتسب الموضوع أهمية بالغة بالنسبة إلى جميع البلدان في جميع أصقاع الأرض، والذى يعترف بنظام الاتصال المتغير الذي يؤثر على حياتنا وثقافتنا و التنمية المستدامة. ولاشك أننا يجب أن نؤكد على أهمية المعلومات وتسليط الضوء على المسائل الأساسية الكفيلة بضمان استمرارية وسائل الإعلام التى يكون هدفها هو تعزيز قدرات الخلفية الإعلامية والمعلوماتية التي تمكّن الناس من الإقرار بالصحافة وتثمينها والدفاع عنها والمطالبة بها كجزء حيويّ من المعلومات كمنفعة عامة. ولعل ما تقوم به الصحافة كوسيلة اعلامية مؤثرة، تدفعنا الى دعم هذه القوى الكبيرة كونها احد القوى الاساسية في بناء وتقدم المجتمعات وتحقيق تنميتها الشاملة على كافة المستويات، فضلاً عن الدور التوعوى والإرشادي الذي تقوم به، خاصة في أوقات الأزمات، فضلا عن دورها فى الدفاع عن القضايا الإقليمية و الدولية، والمسئولية المجتمعية الكبيرة التي تتحملها في توعية الجمهور، لاسيما في ظل الأوضاع الراهنة التي يواجهها العالم. وانا اذ انتهز الفرصة و ادعوا مؤسساتنا الاعلامية العربية إلى ضرورة التفاعل مع عصر الرقمنة و اكتساب الخبرات الجديدة والتوجه الى تعزيز القدرات التى تحتاجها الصحافة الالكترونية التى باتت أمر واقع و اساسى فى ظل التطور التكنولوجى الهائل و عصر الرقمنة. ولا يخفى علينا ان ندرك أن الصحافة الالكترونية أصبحت أمر واقع كونها تمتلك العديد من المميزات والخدمات الهامة التي تجعلها تختلف كثيرا عن وسائل الإعلام التقليدية، فبالرغم من انتشارها الكبير وسط دول العالم، و تطورها الملحوظ من مختلف الجوانب، واستخدامها كآلية لنشر المعلومات و الأخبار و الرفع من المستوى الفكري لأفراد المجتمع، لازالت الكثير من الدول النامية تعتبرها حتمية فقط فرضها التطور التكنولوجي، ونجد هذه الوسيلة بعيدة نوعا ما عن التطبيق الفعلي و الفعال، فواقعها في هذه الدول النامية لازال يقال حوله الكثير، لضعف تسييرها ونقص احترافيته. لابد أن ندرك أن الحق فى الحصول على المعلومات السريعة والدقيقة أصبح ضروريا وعاملا مهما من عوامل التنمية الاقتصادية لأى دولة، فضلا الى تعزيز قدرات المجتمعات التثقيفية والتوعوية، حتى لا يكونوا هدفا سهلا للمعلومات المزيفة والافكار المغلوطة المتطرفة. علينا ان ندرك اننا اصبحنا نواجها تحديات كبيرة تعتمد اعتمادا كليا على المعلوماتية، فى ظل سيطرة وكالات الاعلام الدولية على الاخبار وصناعة المحتوى الاعلامى، الامر الذى يجبرنا الى ضرورة التوجه بقوة الى صناعة محتوى اعلامى اكثر فاعلية حتى نكون شركاء حقيقين فى صناعة الإعلام، وهذا لن يتحقق الا من خلال التوجه الحقيقى الى عصر المعلوماتية و الرقمنة و تسخير كل الجهود لمواكبة العصر الجديد الذى بات يشكل أمرًا واقعا فى كل المجالات بلا استثناء.