«تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    عودة الشحات وعاشور.. تعرف على قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي في دوري أبطال أفريقيا    «كتل هوائية أوروبية تضرب البلاد».. «الأرصاد» تكشف مفاجأة في طقس الغد    استعد للتوقيت الصيفي.. طريقة تعديل الوقت في أجهزة الأندرويد والآيفون    صور.. انطلاق الدورة العاشرة لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير على أنغام سيد درويش    «لا تحاولي إثارة غيرته».. تعرفي على أفضل طريقة للتعامل مع رجل برج الثور    محافظ الإسكندرية يستقبل الملك أحمد فؤاد الثاني في ستاد الإسكندرية الرياضي الدولي    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    غدًا.. قطع المياه عن نجع حمادي لمدة 12 ساعة    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    وزير الصناعة الإيطالي: نرحب بتقديم خبراتنا لمصر في تطوير الشركات المتوسطة والصغيرة    "الأهلي ضد مازيمبي".. كل ما تريد معرفته عن المباراة قبل انطلاقها مساء الجمعة    عضو «مجلس الأهلي» ينتقد التوقيت الصيفي: «فين المنطق؟»    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    محمد الباز: يجب وضع ضوابط محددة لتغطية جنازات وأفراح المشاهير    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    حمادة أنور ل«المصري اليوم»: هذا ما ينقص الزمالك والأهلي في بطولات أفريقيا    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    التنمية المحلية تزف بشرى سارة لأصحاب طلبات التصالح على مخالفات البناء    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    جوائزها 100ألف جنيه.. الأوقاف تطلق مسابقة بحثية علمية بالتعاون مع قضايا الدولة    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    10 ليالي ل«المواجهة والتجوال».. تعرف على موعد ومكان العرض    هشام نصر يجتمع مع فريق اليد بالزمالك قبل صدام نصف نهائي كأس الكؤوس    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    إدريس: منح مصر استضافة كأس العالم للأندية لليد والعظماء السبع أمر يدعو للفخر    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    هل تحتسب صلاة الجماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟ اعرف آراء الفقهاء    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    النيابة العامة في الجيزة تحقق في اندلاع حريق داخل مصنع المسابك بالوراق    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب 42 مليون جنيه خلال 24 ساعة    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    الرئيس السيسي: خضنا حربا شرسة ضد الإرهاب وكفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عميد إعلام الأزهر: تكنولوجيا الاتصالات تسببت في خروقات إعلامية
ضمن توصياته خلال "المؤتمر الأول لمستقبل الإعلام في مصر"
نشر في التغيير يوم 29 - 12 - 2012

قدم الدكتور عبد الصبور فاضل عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر توصيات للارتقاء بأداء الإعلام المصري الذي تحيط به العديد من علامات الاستفهام، أبرزها العمل على استقلاليته وإعادة النظر في مقررات كليات الإعلام، ووضع ضوابط تحكم تكنولوجيا الاتصالات التي تتسبب في خروقات إعلامية متعددة.
واقترح فاضل خلال محاضرته التي ألقاها ضمن فعاليات "المؤتمر الأول لمستقبل الإعلام في مصر"، تنفيذ التوصيات التالية لإعادة تصحيح مسار الإعلام المصري تتضمن الآتي:
- إنَّ ريادة الإعلام المصري كانت مهنيةً أكثر منها رسالةً علي مر العصور بسبب خضوعه للنظم الحاكمة حتي في ظل التعددية السياسية التي شهدت تنوعاً إعلامياً، وأنَّ تطور الإعلام مرتبط بتحقيق استقلاليته في ظل ضوابط قانونية تحكمه، وإعداد رجل الإعلام المتكامل الذي يتطلب ضرورة توفير البيئة المناسبة وإعادة النظر في مناهج ومقررات كليات وأقسام الإعلام في مصر.
2- إن تكنولوجيا الاتصال أثرت تأثيراً سلبياً علي كثير من الإعلاميين المصريين بعزلهم عن مصادرهم وتراجع المهنية لديهم وانتهاك القوانين ومواثيق الشرف الإعلامي وبخاصة بعد ثورة 25 يناير2011م
3- إنَّ مجردالريادة الإعلامية وحدها لاتكفي لأن موازين القوة لها معادلاتها التي لابد من تحقيقها في كافة المجالات السسياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية فالإعلام دائماً يستمد قوته من قوة البلد التي ينتمي إليها لكن قد يسهم ذلك في تحقيق التنمية المحلية في حالة التركيز عليها بعيداً عن تجميل النظام الحاكم بها.
4- العمل علي خلق صحافة تفسيرية واستقصائية.
5- ضرورة إصدار قوانين تتضمن فصل الإدارة عن رأس المال فى وسائل الإعلام بصفة عامة والقنوات الفضائية الخاصة بصفة خاصة مع أهمية فصل الإدارة عن التحريرفي جميع وسائل الإعلام.
6 - ضرورة إنجاز مشروع نقابة مستقلة للإعلاميين فى الإذاعة والتليفزيون الحكومى والفضائيات الخاصة بما يكفل الحفاظ والحماية لحقوقهم وبحيث لاتكون نقابات خدمية بقدر ما تساعد علي النهوض بالمستوي المهني لأعضائها والرسالة الإعلامية للوسيلة .
7 - التعاون بين المؤسسات الإعلامية والأكاديمية لإنجاز بحوث تقويم الأداء الإعلامي بصفة دورية .
وفيما يلي النص الكامل لمحاضرة الدكتور عبد الصبور فاضل:
الدكتور تلعب الآلة الإعلامية دورا مهماً فى حياة الأمم والشعوب فى عالمنا المعاصر؛ فهى المحرك للرأى العام والمعبر عن قضايا وهموم الجماهير، ويحتل دور الاعلام المرتبة الأولي غالباً فى حياة الانسان فى مختلف بقاع الكرة الأرضية قبل المأكل والمشرب نتيجة لتأثر مختلف احتياجاته بما يدور حوله من أحداث مهمة.
والواضح أنَّ التَّطورات التي أحدثتها شبكة المعلومات الدَّولية (الإنترنت) في المجتمع الإنساني خلال السَّنوات العشر الأخيرة ربَّما تعادل تلك التَّطورات التي مرَّت بها الإنسانية، واندمج ونمى فيها الفكر الإنساني خلال عدة قرون ماضية.(1)
ويمكن القول أنَّ المواقع الإلكترونية الصَّحفية أحدثت انقلاباً كبيراً فى عالم الصَّحافة، وأدخلت تطويراً فنياً وعملياً ليس فقط على مستوى القارئ بل على مستوى الصَّحفي نفسه، وفي مصادره الصَّحفية وكذلك في شكل الصَّحيفة وتناول المادة الصَّحفية بأشكالها المتعدِّدة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلي التأثير في أساليب الإدارة الصحفية الت تحوَّلت من الإدارة التقليدية إلي الإدارة الإليكترونية. (2)
كما أن التطورات التقنية الكبيرة في مجال الاتصال الجماهيري، وتعدد قنوات الاتصال والمعلومات أدى إلى ما يمكن تسميته ب(عصر الشاشة) فالوسائل المطبوعة والمقروءة والمسموعة والمرئية أصبحت مندمجة في شاشة التلفزيون أو الحاسوب (الكومبيوتر)الشخصي، حيث يستطيع المتلقي قراءة كتاب أو صحيفة أو مجلة ومشاهدة مسرحية أو خطاب سياسي على هذه الشاشة، وفي أغلب الأحيان بصورة فردية كما أنه يستطيع إلى حدٍ بعيدٍ الاختيار من بين بدائل عديدة في الوقت نفسه، وتفترض الاتجاهات الحالية والمستقبلية لتطور وسائل الاتصال نمو أحد تصورات ثلاثة لوضع الاتصال خلال القرن الحادي والعشرين، وتشمل هذه التصورات ما يلي-: (3)
1 - تكريس اللامركزية في الإرسال والاستقبال : وينبني هذا التصور على ظهور خدمات الاتصال الجديدة التي توجه رسائل متخصصة تلبي الميول والنزعات الفردية مثل التلفزيون (الكابلي ) التفاعلي و(الفيديو تكس ) و(الفيديو كاسيت ) وهناك إقبال متزايد من جانب الأفراد على امتلاك هذه الوسائل، والاستعاضة بها عن الاتصال المباشر مع أفراد آخرين وتتمثل مظاهر التفتت في فئات المستقبلين في ميل الأفراد إلى الإنعزال؛ كما أن وسائل الاتصال الجديدة تمنح الأفراد القدرة على خلق بيئة الاتصال التي تناسبهم، وأدي ظهور هذه الوسائل الجديدة إلى تناقص المعرفة التي يحصل عليها عن طريق التعرض العشوائي لمواد الاتصال، وتناقص الاتصال الجدلي بين الجماعات والطبقات ليحل محلة اتصال متزايد داخل كل جماعة أو فئة.
2 - تكريس الهيمنة والاندماج لوسائل الاتصال، ويقوم هذا التصور على اتجاه وسائل الاتصال الجماهيري إلى التركيز في كيانات ضخمة وملكية مشتركة ومتعددة الجنسية، وهناك أسباب كثيرة لزيادة الاتجاه نحو الهيمنة والاندماج منها : قوانين الضرائب، والحاجة إلى خبرات ضخمة، والرغبة في تحقيق الاستقرار المالي، والوقاية ضد مخاطر المستقبل، والقضاء على الشركات المنافسة.
3 - التوافق بين التقنية القديمة والحديثة، ويستند هذا التصور إلى أن تقدم التقنية الجديدة يسد جوانب النقص في التقنية القديمة وتلبية الحاجات الفردية مع عدم إهمال الإحساس بالمشاركة العامة والأهداف القومية في إطار عملية مستمرة من الاستكشاف العقلي والمناظرات المفيدة التي تتيح تبادل الخبرات وتدعم الديمقراطية المعلومات.
وهذه الورقة البحثية تتضمن مقدمة وثلاثة محاور هي: المحور الأول : حالة الإعلامفي الدول النامية، والمحور الثاني : واقع الإعلام المصري، والمحور الثالث والأخير:الإعلام المصري بعد ثورة 25يناير2011م وذلك علي النحو التالي:-
المحور الأول : حالة الإعلام في الدول النامية
ونظراً لاختلاف ظروف العالم النامي، وبخاصةٍ الدِّول التي ظهرت للوجود في منتصف القرن العشرين التي تختلف عن الدول المتقدمة من حيث الإمكانيات المادية والاجتماعية كان لابد لهذه الدول من نموذج إعلامي يختلف عن النظريات التقليدية المستخدمة في الدول المتقدمة؛ فظهرت النظرية التنموية في عقد الثمانينات من القرن الماضي، وتقوم على الأفكار والأراء التي وردت في تقرير لجنة "واك برايل" حول مشكلات الاتصال في العالم الثالث، وذلك لغياب العوامل الأساسية للاتصال كالمهارات المهنية والمواد الثقافية والجمهور المتاح. (4)
إن المبادئ والأفكار التي تضمنتها هذه النظرية تعتبر مهمة ومفيدة لدول العالم النامي لأنها تعارض التبعية وسياسة الهيمنة الخارجية. كما أنها تعمل على تأكيد الهوية الوطنية والسيادة القومية والخصوصية الثقافية للمجتمعات؛ وعلى الرغم من أنَّ هذه النظرية لا تسمح إلا بقدرٍ قليلٍ من الديمقراطية حسب الظروف السائدة إلا أنَّها في الوقت نفسه تفرض التعاون وتدعو إلى تضافر الجهود بين مختلف القطاعات لتحقيق الأهداف التنموية، وتكتسب النظرية التنموية وجودها المستقل من نظريات الإعلام الأخرى من اعترافها وقبولها للتنمية الشاملة والتغيير الاجتماعي، وتتلخص أفكار هذه النظرية في النقاط التالية: - (5)
أ- إن وسائل الإعلام يجب أنْ تقبل تنفيذ المهام التنموية بما يتفق مع السياسة الوطنية القائمة.
ب - إنَّ حرية وسائل الإعلام ينبغي أنْ تخضع للقيود التي تفرضها الأولويات التنموية والاحتياجات الاقتصادية للمجتمع.
ج- يجب أنْ تعطي وسائل الإعلام أولوية للثقافة الوطنية واللغة الوطنية في محتوى ما تقدمه.
د- أنَّ وسائل الإعلام مدعوة في إعطاء أولوية فيما تقدمه من أفكارٍ ومعلوماتٍ لتلك الدول النامية الأخرى القريبة جغرافياً وسياسياً وثقافياً.
ه - أن الصحفيين والإعلاميين في وسائل الاتصال لهم الحرية في جمع وتوزيع المعلومات والأخبار.
و- أنَّ للدولة الحق في مراقبة وتنفيذ أنشطة وسائل الإعلام واستخدام الرقابة خدمة للأهداف التنموية.
إنَّ وسائل الإعلام تلعب دوراً متزايداً في تنمية المجتمع وتشكيل هويته وثقافته واتجاهاته السياسية منذ مرحلة الطفولة، ولكن التهديد يأتي من تراجع مركزية الدولة في مواجهة سيطرة رأس المال من خلال الشركات الكبري علي وسائل الإعلام التي باتت تعظِّم الأرباح مما يبعث علي القلق في بلدان مختلفة.
إنَّ وسائل الإعلام يمكن لها أن تسهم في الحياة الديقراطية والتنمية البشرية من خلال حرية التعبير وتعزيز ممارسة الحق في الاتصال في ظل تزايد أهمية المعلومات وتكنولوجيا الاتصال.(6)
كما أنَّ تقييد التعددية والتنوع في وسائل الإعلام أصبح يتناقض مع معطيات ثورة الاتصال حيث أدت هذه الصثورة إلي تزايد قدرة المواطنين علي استخدام الوسائل الاتصالية الجديدة وسوف يثير المواطنون تساؤلات جديدة ويتلقون إجابات مختلفة تشكل تحدياً للايدلوجيات القائمة، ومن ثم فإنَّ تقييد السلطات العربية للتعددية والتنوع في وسائل الإعلام يؤدي إلي تزايد ضعفها إعلامياً، ويقلل من قدرتها علي تطوير صناعتها الإعلامية دون أنْ تتمكن من تحقيق أهدافها في فرض رؤيتها علي الجماهير، وتحويل وسائل الإعلام إلي أداة للترويج لقراراتها وتبريرها.(7)
ولذلك فإن فتح كل الأبواب أمام تعددية وسائل الإعلام وتنوعها في الوطن العربي يمكن أن يسهم في زيادة القوة الإعلامية العربية وبناء الصناعة العربية المستقلة للإعلام والاتصال والمعلومات. (8)
والحقيقة أن إطلاق التعددية والتنوع في وسائل الإعلام في الوطن العربي بعد عهود طويلة من مصادرة الحريات يمثل قفزة غير محمودة العواقب إذا لم تتوفر لها الضوابط والقواعد القانونية والمهنية علي حد سواء.
أما القوة الإعلامية العربية أوالمصرية فلا قيمة لها مالم تعززها قوة اقتصادية وعسكرية وسياسية وثقافية، والواقع من حولنا يؤكد هذه الحقيقة فوسائل إعلام الدول الكبري هي التي تهيمن علي المعلومات في العالم لأنها تستمد قوتها من قوة الدولة التي تنتمي إليها ؛ لكن المبرر الأقوي هو أن حرية وتنوع الإعلام المنضبط في العالم العربي ومنه مصر قد يسهم في المجالات التنموية بما يعزز مكانة الدولة واستقرارها.
وفي دراسة أجريت علي 193 بلدا علي مستوي العالم شملت دولا تتمتع بحرية كاملة ودولا تتمتع بجزء من الحرية ودولا ليست فيها حرية واعتمدت علي دراسة التأثيرات السياسية والضغوط الاقتصادية والبيئة القانونية وتبين أن الفروق الثقافية والتخلف الاقتصادي من العوامل التي تحد من تدفق الأخبار والمعلومات بصفة عامة ومع ذلك فهناك بعض البلدان الفقيرة تسمح بتبادل وجهات النظر المتنوعة في المحتوي الإعلامي في حين أن بعض الدول المتقدمة تقييد تنوع المحتوي الإعلامي بما يخدم مصالحها.(9)
وتتطلب صحافة التنمية من الصحفي كما يقول "ناريندر أجاروالا" أنْ يتفحص بعينٍ ناقدةٍ ويقيّم ويكتب عن مدى ارتباط المشروع التنموي بالحاجات المحلية والقومية ودرجةالاختلافات بين الخطة وتطبيقها والاختلاف بين آثارها على الناس في تصريحات المسئولين وبين آثارها الفعلية، ونلاحظ هنا التناقض بين الاستخدام الحكومي للصحافة في خدمة التنمية وبين الدور الرقابي للصحافة في ظل السيطرة الحكومية بتراجع النقد وتتحول أخبار التنمية إلى دعاية سياسية للحكومة وقيادتها. ووفق هذه النظرية تتلخص مهام وسائل الإعلام في عملية التنمية في النقاط التالية(10):
أ- تشكيل اتجاهات الشعب وتنمية هويته الوطنية.
ب- مساعدة المواطنين على إدراك أن الدولة قد قامت بالفعل على أداء التزاماتها على الوجه الأكمل.
ج- انتهاج سياسات تقررها الحكومة بهدف المساعدة في تحقيق التنمية الوطنية.
د- تشجيع المواطنين على الثقة بالمؤسسات والسياسات الحكومية مما يضفي الشرعية على السلطة السياسية ويدعم مركزها.
ه - الإسهام في تحقيق التكامل السياسي والاجتماعي من خلال تجنب الصراعات السياسية والاجتماعية وإحباط أصوات التشرذم والتفرقة والتخفيف من التناقضات في القيم والاتجاهات بين الجماعات المتباينة.
و- المساعدة في الاستقرار والوحدة الوطنية وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الذاتية.
ز- إبراز الإيجابيات وتجاهل السلبيات وتقليل حجم النقد إلى حده الأدنى.
وتأسيساً على ذلك تبرز قضية سوء استخدام صحافة التنمية خاصة في إطار الاحتكار الحكومي للصحف حيث تتحول طاقات الصحف لخدمة هدف تدعيم مركز السلطة السياسية وتصبح أهداف التنمية الوطنية ذات أهمية ضئيلة، وتتحول حرية الصحافة كما يشير "جراهام مايتون" لتبدو نوعاً من الترف الفكري في نظر المتحمسين لمفهوم صحافة التنمية، ويوضح فاروق أبو زيد أنه في الدول العربية التي ادعت ضرورة توجيه الصحافة لخدمة التنمية والقضايا القومية انتهى الأمر بتوظيف الصحف لتدعيم النظام السياسي الحاكم والترويج لأفكاره والدفاع عن سياساته. (11)
وهكذا فلم تلبِ هذه النظرية واقع الأنظمة الاتصالية في دول العالم الثالث، الأمر الذي يؤكد الضرورة إلى صياغة نظريات جديدة من إنتاج مفكري العالم الثالث بحيث تخاطب الواقع بمفهومه وتعقيداته المتشابكة.
المحور الثاني- واقع الإعلام المصري:
أكدت دراسة علمية مصرية أنَّ دراسة العلاقة بين الصحفيين ومصادرهم تبدو أكثر أهمية من دراسة تكنيكات التحرير والكتابة الصحفية .فهذه العلاقة هي التي تشكل القصص الإخبارية، وتحدد ما إذا كان الصحفي مجرد وسيط محايد بين المصادر والجمهور، أووكيل لمصادره يسعي لحمايتهم وخدمتهم .. إنضمام المصادر الرسمية بآرائها وما تقدمه من معلومات وتصريحات وتعليقات تشكل الاخبار الشرعية في وسائل الإعلام، وتأتي في المقدمة من حيث حجم وتأثير الضغوط المتزايدة التي يواجهها الصحفييون رغم ما يمارسه رجال الاعمال وجماعات الضغط والأحزاب السياسية من ضغوط لفرض أجندتها وخدمة مصالحها."(11)
وتشير الدراسة إلي ارتفاع معدل تشكيل الأخبار والإنحراف بالتغطية الإخبارية من خلال التأطير، أوالتجهيل، أوتقديم القصص الإخبارية في سياق متحيز، أوعرض الإدعاءآت علي أنها فرضيات وحقائق، اوباستخدام التكنيكات اللغوية والصور النمطية.(12)
لكن غالبية الإعلاميين في مصر لجأوا بعد الثورة إلى ما هو أسوأ مما سبق حيث أحدثت شبكة المعلومات الدولية والتقدم التكنولوجي نقلة غير مسبوقة في وسائل الاتصال بصفة عامة وعلي نطاق مصادر المعلومات بصفة خاصة ففي مستوي الحاسب الآلي يعتمد الصحفيون في الدول المتقدم كثيرا علي الكمبيوتر في: البحث عن معلومات والتواصل مع المصادر والتواصل مع المحررين.(13)
ولكتابة التقرير بصورة أسرع نجد أنَّ فوائد الكمبيوتر تتعدي ذلك إلي جمع البيانات وتحليلها للتوصل إلي نتائج جديدة وذات أهمية فيما يتعلق بالصحافة الاستقصائية التي تعتمد علي جمع كم هائل من البيانات وتنظيمها وتحليلها باستخدام برامج معينة مثل الجداول الالكترونية (مثل إكسيل) أو قواعد البيانات مثل (ميكروسوفت أكسس) وبرامج أخري, وهناك برامج يتم استخدامها وهي أكثر تقدما مثل برامج الخرائط الجغرافية, برامج الشبكات الاجتماعية التي تقوم بتحليل العلاقات مابين الاشخاص ثم البرامج الاحصائية وغيرها.(14)
وبصرف النظر عن المهنية والاحتراف في الإعلام المصري ومدي قدراته علي مواكبة التطورات الراهنة فإنه أخفق إلي حد كبير في التوظيف المهني لشبكة المعلومات الدولية والحاسبات الآلية لاعتبارات متعددة وبرغم ذلك فالأمور كانت تسير بشكل طبيعي حتي اندلعت ثورة 25 يناير 2011م فظهرت أساليب جديدة وانتهاكات خطيرة لحقوق الجمهور والمصادر من ناحية, ونشر أخبار عارية تماما عن الصحة من ناحية أخري طالت رموزا دينية وسياسية وفكرية لها وزنها واعتبارها في قضايا بالغة الحساسية في هذا التوقيت بالذات فأضحت جريمة مركبة بكل المقاييس الاخلاقية والقانونية.. والأخطر من ذلك أن كثيرا من وسائل الاعلام استغلت الأحداث الجارية وتجاهلت التعامل بالمبدأ القانوني الذي ينص علي حق الرد والتصحيح حتي لاتظهر أمام الجمهور بمظهر الكذب والتضليل المتكرر وانتهاك أبسط قواعد النشر.(15)
والأخطر منه هو استغلال بعض وسائل الإعلام حالة التذمر السياسي والاجتماعي وظروف مسلوبي الحرية الذين لايتمكنون من الدفاع عن أنفسهم ونسج قصص وحكايات عنهم لو صحت لأوجبت سجنهم وتحقيرهم عند قومهم, وذلك كله سعيا وراء الشهرة الزائفة المؤقتة وزيادة التوزيع لكسب مزيد من القراء والمستمعين والمشاهدين والمعلنين علي حساب القيم والأخلاق والقوانين, متجاهلين أن الجمهور سيكتشف الحقيقة ويصدر حكمه إلي الأبد علي مثل هذه الوسائل وهو ما أظنه أخطر من أحكام القضاء.
كما تبنت كثير من وسائل الإعلام أسلوبا غريبا فيما يتعلق بنشر الأخبار والمعلومات ليس عن طريق سرقتها فحسب بل لجوء كثير من رجال الصحافة والإعلام من قبيل الاستسهال إلي نقل الأخبار والموضوعات من مواقع مختلفة علي الإنترنت دون الإشارة إلي مصدرها ودون أن يكلفوا أنفسهم مجرد الاتصال بمصدر المعلومات للتأكد من صحتها وإعادة صياغتها ولذلك أصبحنا نتابع الخبر الواحد في أكثر من وسيلة وكأنه نسخة مكررة يتم تعميمها, وبدلا من أن نقلد الإعلام في الدول المتقدمة من حيث الاستخدام الممنهج لشبكة الانترنت أصبحنا نقلل من قيمة إعلامنا وقيمة الثورة الإلكترونية التي أصبحت عندنا وسيلة للسرقة وتضليل الناس وانتهاك حقوق الملكية الفكرية دون مراعاة لمتطلبات المرحلة الراهنة التي تفرضها ثورة52 يناير وتبعاتها وكذلك القيم الأخلاقية والقوانين ناهيك, عن أخلاقيات المهنة علي وجه الخصوص، ويترتب علي هذه االفوضي الإعلامية عدة أمور في غاية الخطورة, منها: (16)
إطلاق الشائعات التي من شأنها التأثير علي الجبهة الداخلية والمصريين في الخارج في ظل ظروف بالغة التعقيد, وإتاحة الفرصة أمام بعض وسائل الإعلام الأجنبية المغرضة لترويج الأباطيل ضد مصر بما يؤثر علي السياسة الخارجية للدولة.
فقدان القارئ المصري والعربي الثقة في الوسائل التي تنشر مثل هذه المعلومات وهي أخطر بكثير من الثورة المضادة.
فقدان بعض المسئولين الثقة في مثل هذه الوسائل وبالتالي يرفضون الادلاء بأي تصريحات لمندوبيها خوفا من تزييف التصريحات بالحذف أو الاضافة أو إبداء الرأي فيها مما يخرجها عن الموضوعية, وهذا مالمسته بنفسي في إحدي المؤسسات, مما يترتب عليه حرمان الجمهور من معرفة المعلومات المتعلقة بمجريات الأمور فتتلقفه الشائعات أو وسائل الإعلام الأجنبية, وذلك من منطلق أنَّ الصحافة العربية تنفرد بموروث سلطوي فريد بحكم نشأتها في أحضان السلطة، وتطبيق ما أحدثه الاستعمار وخلفه من قيودٍ وممارساتٍ معاديةٍ لحرية الصحافة وقد أنعكس هذا المورث السلطوي بشكلٍ واضحٍ على التشريعات والسياسات والممارسات لدرجة التطابق بين الأنظمة الصحفية والأنظمة السياسية، والتعامل مع ما ينشر في معظم الصحف العربية على أنَّه يمثل وجهات النظر الرسمية للحكومات العربية.
ورغم ما شهدته بعض الدول العربية من تحول إلى نظام التعددية السياسية والصحفية إلا أن الأنظمة الصحفية في تلك الدول لم تتحرر حتى الآن من تراث النظرية السلطوية حيث تهيمن الحكومة على الصحف المركزية الرسمية، وتمارس أشكالاً مختلفة من التنظيم والسيطرة مثل التحكم في تراخيص إصدار الصحف وتعيين رؤساء التحرير وتوجيه السياسات التحريرية والتحكم في تدفق المعلومات والإعلانات، علاوة على القيود القانونية التي تجيز مراقبة الصحف ومصادرتها وتعطيلها وحبس الصحفيين إذا تجاوز حق النقد الحدود المرسومة له. (17)
ومن الأمور الجديرة بالملاحظة أنه في المجتمعات التي تخضع فيها وسائل الأعلام للسيطرة القومية يبدأ الأفراد في التشكيك في صدق ما تنشره وسائل الاتصال الجماهيرية، لذلك تصبح سلاسل الاتصال الشخصي المواجهي من فرد إلى فرد مهمة جداً وطويلة جداً وتتطور بجوار سلاسل وسائل الإعلام الجماهيرية، وفي هذه الحالة نجد أنَّ سلاسل الاتصال الشخصي التي تنقل الإشاعات والأقاويل والمعلومات الخفية بجميع أنواعها تقوم بالرقابة على وسائل الإعلام، وتكملة نواحي النقص فيها. (18)
والإعلام المصري شأنه شأن الإعلام العربي يسير بخطوات متسارعة إلى الوراء فللأسف لاتزال قيادات الإعلام تتعامل بعقلية الإعلام الشمولي في عهد السموات المفتوحة و الإعلام البديل و ما يمكن أنْ تراه من فضائيات مصرية خاصة أو صحف مستقلة لا تعدو كونها مجرد ديكور للحياة الإعلامية المعاصرة، فالكل يسير في ذات الفلك الحكومي، و الكل لديه من الخطوط الحمراء ماليس لدى وسائل الإعلام الرسمية للدولة.(19)
ويرى العديد من المراقبين أنَّ الإعلام المصرى بشقيه الحكومى والخاص يأتى فى المواجهة بين مشاهد الأزمة التى تعيشها مصر منذ سقوط النظام السابق، فرغم المطالب المتزايدة بإعادة هيكلة الإعلام المسموع والمرئى المملوك للدولة فإنَّ تكريس الوضع السابق لايزال قائماً، بل إنَّ عودة منصب وزير الإعلام فى ذاته واختياره من المقربين للمؤسسة الحاكمة يؤكد أنَّ عقلية التعامل مع الإعلام الحكومى كما هى، وهى إبقاء الإعلام الذى يمتلكه الشعب فى حظيرة النظام أيا كان هذا النظام. حتي أنَّ الفضائيات الخاصة كانت جزءاً من مساحيق تجميل وجه النظام السابق، وكان أهم ما يميزها فى تلك المرحلة:- (20)
1 احتكار منح تراخيص لإنشاء فضائيات خاصة لحفنة من رجال أعمال ارتبطت مصالح معظمهم بصورة مباشرة بالنظام الذى منحهم امتيازات عديدة فى مجال عملهم.
2 وضع خطوط حمراء لتلك الفضائيات فى نقد النظام ورموزه وكذا فى نقد التوجهات السياسية والاقتصادية التى لا تتوافق مع مصالح رجال الأعمال.
3 كان موقف تلك الفضائيات متوافقاً تماماً فى القضية الوطنية مع وجهة نظر النظام من ناحية ومع وجهة نظر الدول الكبرى والمؤسسات الدولية المهيمنة على المنطقة سياسياً واقتصادياً من ناحيةٍ أخرى.
4 تخليق مجموعة من النجوم فى أغلبهم من أصحاب الخبرات فى برامج الترفيه والذين يرى العديد من المراقبين أنَّهم من متواضعى المستوى المهنى ليكونوا الواجهة لتلك القنوات وبخاصةٍ فى برامج التوك شوز.
المحور الثالث- الإعلام المصري بعد ثورة 25 يناير:
بدا المشهد الإعلامي للفضائيات المصرية- بعد ثورة 25 يناير- معقداً وملتبساً ويحيطه الغموض في جوانبه فهناك قنوات عديدة تنفق أموالاً طائلة وتحقق خسائر فادحة ومازالت مستمرة في بث إرسالها.حيث نمت صناعة الإعلام بعد الثورة، وصدرت تراخيص لحوالي 25 قناة جديدةانت 30 فضائية تتنتظرتصاريح بالبث غير أنَّ حكومة الدكتور عصام شرف اتخذت قرارا بإيقاف منح تراخيص جديدة للفضائيات ومازال القرار سارياً، وفي ضوء معلومات مؤكدة تكشف عن استخدام فضائيات تدعم حالة الفوضي والحيلولة دون استقرار البلاد، ورصدت أجهزة سيادية ورقابية تدفقات مالية ضخمة دخلت سوق صناعة الإعلام, تقوم علي إنفاق واسع بلغ خلال فترة ما بعد ثورة يناير6.5 مليار دولار، وبعضها يقوم علي تنفيذ أجندات سياسية وحزبية داخلية وخارجية، وغالبيةهذه الأموال ضخت داخل تسع فضائيات بشكل أساسي, ترسخ لتنفيذ أجندات لإثارة الرأي العام, وتزويده بمعلومات غير صحيحة, واستمرار حالة الفوضي السائدة في المجتمع, والقيام بدور محوري في تعقيد المشهد السياسي.(21)
كما فتحت حالة الفوضي السائدة في مجال صناعة الإعلام الأبواب أمام دخول عدد كبير من أجهزة البث المباشر المتطورة تسمي (لايف يو) واستخدامها في نقل الاحداث الجارية دون الحصول علي تصاريح وبالمخالفة للقانون.. هذه الأجهزة جري تهريبها عبر الأنفاق في رفح وأخري دخلت دون معرفة رجال الجمارك بطبيعة استخدامها، وتعد أجهزة متقدمةً جداً، ويمكن عبرها نقل الأحداث الإخبارية من موقعها دون الحاجة الي اجراءآت معقدة وهذه الأجهزة حجمها صغير جداً وغير مصرح باستخدامها ويتم تهريبها ولا يستطيع رجال الجمارك التعرف عليها كونها في شكل جهاز الكمبيوتر الصغير، ويتم تصنيعها في اسرائيل غالباً.. حيث استطاعت تطويرها بتكنولوجيا متقدمة وتجري عليها باستمرار تعديلات تتيح نقل صورة ذات جودة عالية.(22)
وتكمن خطورة أجهزة اللايف يو في إمكانية استخدامها لنقل الأحداث مباشرة من موقعها دون إمكانية التعرف عليها وتتبعها لذلك من الصعوبة بمكان إيجاد شكل قانوني لاستخدامها واستخراج تصاريح بتشغيلها.. نحن في حاجة إلي تعديلات تشريعية تكفل وضع ضوابط ونظم لهذه الأجهزة الإعلامية المتقدمة ومواكبة أجهزة أخري متطورة في الطريق إلي التجريب.(23)
وتأتي وحدات( إس إن جي) لتجسد واقعاً مختلفاً لاختراق العمل الاعلامي داخل مصر.. حيث انتشرت هي الأخري علي نطاقٍ واسعٍ ومعظمها جري تهريبه وتعمل بصورةٍ غير شرعية مع العلم بأن الدولة لم تمنح تراخيص إلا لوحدتين فقط، ورغم ذلك تكونت شركات يبلغ عددها حوالي30 شركة معظمها يملكها فلسطينيون استطاعوا تهريب أجهزتها عبر الأنفاق وادخالها الي السوق وتتحمل نتائج الفوضي الموجودة في نقل الأحداث الجارية في ظل غياب الرقابة وتطبيق القانون.(24) وفي اعتقادي أنَّ خطرها لايتوقف عند هذا الحد بل يتعداه إلي تهديد الأمن القومي للبلاد عن طريق طريق استغلالها في أهداف أخري غير إعلامية.
إنَّ الاعلام المصرى مايزال فى طور الإحتراف ولم يدخل مرحلة القيام بدور الرسالة الإعلامية والتى تنشأ لتوجيه المجتمع نحو الأفضل، لكنَّ الخطورة تكمن في تبعية الإعلام ووسائله للسياسة وتوجهاتها بسبب قوتها ونفوذها على وسائل الإعلام .(25)
ويلاحظ أنَّ الإعلام المصرى بعد ثورة 25 يناير دخل مرحلةً خطيرةً حيث استغنى أيضاً عن شروط الحرفة والمهنية ومنها التأكد من مصدر الخبر فأصبح ينقل عن مواقع إليكترونية جديدة دون الرجوع إلى مصدر الخبر الأصلي ودون التأكد من مصداقيته يتبعها، وشهدت هذه المواقع تعدى باللفظ والشائعات على كل الرموز سواء السياسية أو الاجتماعية أو العلمية أو الاقتصادية حتي طالت الرموز الدينية وهو ما أسهم فى توسيع دائرة الشك وعدم الثقة ولعب دوراً فى الضرر بالمجتمع ككل وفى نشر البلبلة وفى حالة التشرذم .(26)
والحقيقة أنَّ شبكة المعلومات الدولية والتقدم التكنولوجي أحدث نقلة غير مسبوقة في وسائل الاتصال بصفةٍ عامةٍ وعلي نطاق مصادر المعلومات بصفةٍ خاصةٍ ففي مستوي الحاسب الآلي يعتمد الصحفيون في الدول المتقدمة كثيراً علي الكمبيوتر في البحث عن معلومات والتواصل مع امصادر والتواصل مع المحررين، ولكتابة التقرير بصورة أسرع نجد أن فوائد الكمبيوتر تتعدي ذلك إلى جمع البيانات وتحليلها للتوصل إلي نتائج جديدة وذات أهمية فيما يتعلق بالصحافة الاستقصائية التي تعتمد علي جمع كم هائل من البيانات وتنظيمها وتحليلها باستخدام برامج معينة مثل الجداول الإلكترونية (مثل إكسيل) أو قواعد البيانات مثل (ميكروسوفت أكسس) وبرامج أخري, وهناك برامج يتم استخدامها وهي أكثر تقدما مثل برامج الخرائط الجغرافية, برامج الشبكات الاجتماعية التي تقوم بتحليل العلاقات مابين الاشخاص ثم البرامج الاحصائية وغيرها.(27)
وبصرف النظر عن المهنية والاحتراف في الإعلام المصري ومدي قدراته علي مواكبة التطورات الراهنة فإنه أخفق إلي حد كبير في التوظيف المهني لشبكة المعلومات الدولية والحاسبات الآلية لاعتبارات متعددة وبرغم ذلك فالأمور كانت تسير بشكل طبيعي حتي اندلعت ثورة 25 يناير 2011م فظهرت أساليب جديدة وانتهاكات خطيرة لحقوق الجمهور والمصادر من ناحية, ونشر أخبار عارية تماما عن الصحة من ناحية أخري طالت رموزا دينية وسياسية وفكرية لها وزنها واعتبارها في قضايا بالغة الحساسية في هذا التوقيت بالذات فأضحت جريمة مركبة بكل المقاييس الاخلاقية والقانونية.. والأخطر من ذلك أن كثيرا من وسائل الاعلام استغلت الأحداث الجارية وتجاهلت التعامل بالمبدأ القانوني الذي ينص علي حق الرد والتصحيح حتي لاتظهر أمام الجمهور بمظهر الكذب والتضليل المتكرر وانتهاك أبسط قواعد النشر.(28)
والأخطر منه هو استغلال بعض وسائل الإعلام حالة التذمر السياسي والاجتماعي وظروف مسلوبي الحرية الذين لايتمكنون من الدفاع عن أنفسهم ونسج قصص وحكايات عنهم لو صحت لأوجبت سجنهم وتحقيرهم عند قومهم, وذلك كله سعيا وراء الشهرة الزائفة المؤقتة وزيادة التوزيع لكسب مزيد من القراء والمستمعين والمشاهدين والمعلنين علي حساب القيم والأخلاق والقوانين, متجاهلين أن الجمهور سيكتشف الحقيقة ويصدر حكمه إلي الأبد علي مثل هذه الوسائل وهو ما أظنه أخطر من أحكام القضاء. (29)
كما تبنت كثير من وسائل الإعلام أسلوبا غريبا فيما يتعلق بنشر الأخبار والمعلومات ليس عن طريق سرقتها فحسب بل لجوء كثير من رجال الصحافة والإعلام من قبيل الاستسهال إلي نقل الأخبار والموضوعات من مواقع مختلفة علي الإنترنت دون الإشارة إلي مصدرها ودون أن يكلفوا أنفسهم مجرد الاتصال بمصدر المعلومات للتأكد من صحتها وإعادة صياغتها ولذلك أصبحنا نتابع الخبر الواحد في أكثر من وسيلة وكأنه نسخة مكررة يتم تعميمها, وبدلا من أن نقلد الإعلام في الدول المتقدمة من حيث الاستخدام الممنهج لشبكة الانترنت أصبحنا نقلل من قيمة إعلامنا وقيمة الثورة الالكترونية التي أضحت عندنا وسيلة للسرقة وتضليل الناس وانتهاك حقوق الملكية الفكرية دون مراعاة لمتطلبات المرحلة الراهنة التي تفرضها ثورة 25 يناير وتبعاتها وكذلك القيم الأخلاقية والقوانين ناهيك, عن أخلاقيات المهنة علي وجه الخصوص، ويترتب علي هذا الانفلات الإعلامي عدة أمور في غاية الخطورة, منها: (30)
إطلاق الشائعات التي من شأنها التأثير علي الجبهة الداخلية والمصريين في الخارج في ظل ظروف بالغة التعقيد, وإتاحة الفرصة أمام بعض وسائل الإعلام الأجنبية المغرضة لترويج الأباطيل ضد مصر بما يؤثر علي السياسة الخارجية للدولة.
فقدان القارئ المصري والعربي الثقة في الوسائل التي تنشر مثل هذه المعلومات وهي أخطر بكثير من الثورة المضادة.
فقدان بعض المسئولين الثقة في مثل هذه الوسائل وبالتالي يرفضون الإدلاء بأي تصريحات لمندوبيها خوفا من تزييف التصريحات بالحذف أو الاضافة أو إبداء الرأي فيها مما يخرجها عن الموضوعية, وهذا ما لمسته بنفسي في إحدي المؤسسات, مما يترتب عليه حرمان الجمهور من معرفة المعلومات المتعلقة بمجريات الأمور فتتلقفه الشائعات أو وسائل الإعلام الأجنبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.