مفتى الجمهورية: الرسول لم يترك حياته للتفرغ للعبادة

قال فضيلة الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم: "إن الشرع الشريف جعل العمل والعبادة قيمتين متلازمتين فى سائر أحوال الإنسان، فالعبادة عمل يتقرب به العبد إلى مولاه، كما أن العمل بكل صوره التى فيها معانى العمران والإصلاح- طاعة لله تعالى".
وأضاف مفتى الجمهورية، فى تصريحات اليوم الثلاثاء، أن المتأمل فى النصوص الشرعيَّة والسيرة النبوية وتاريخ الأمة يجد أن هناك علاقةً وثيقةً بين شهر رمضان وبين العمل والحث على إتقانه، وذلك من خلال ما اختص الله تعالى به هذا الشهر الفضيل من نفحات، أهمها عبادة الصوم التى ترسخ فى المسلم التعلق بالله تعالى ومراقبته على الدوام، وفى ذات الوقت تحث الصائمين على ترك العجز وأسباب الكسل والتهاون، بل ترشدهم إلى العمل وإتقانه والتحقق بأسباب القوة وعلو الهمة والانتصار على شهوات النفس التى تميل دائمًا إلى التوانى والراحة.
وأضاف مفتى الجمهورية أنه لم يرد أن النبى صلى الله عليه وسلم أو المسلمين كانوا يتركون فيه أعمالهم وأمور معاشهم للتفرغ للعبادة، سواء كانت الصيام أو القيام، بل يجمعون بين ذلك كله فى توازن وانسجام وفق نظام مُحكم يضمن أداء العبد ما افترضه الله تعالى من عبادات، واستقرار العمل واستمرار الإنتاج وسلامته، بطريقة وسطى لا إفراط فيها ولا تفريط.
وأردف مفتى الجمهورية قائلًا: إن الصوم يرتقى بطبع الصائم -الذى قد يكون عاملًا أو صاحب جهة عمل- إلى جماع الكمالات المحمودة كمراقبة الله تعالى، وانضباط الباطن كما هو فى الظاهر، والحلم، والعدل، والعفو والصفح، وحسن المعاملة، وجميل العِشرة، والوقار، والأمانة، بل استجابة الدعوة فضلًا عن تحقيق مظاهر احترام الآخر، والمحافظة على الوقت، مما يفيد إنجاز الأعمال وشيوع الحب والاحترام بين جميع العاملين، لأن الصوم الحقيقى هو المُحَلَّى بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة التى تحمل المسلم على مجانبة اللغو والكلام فيما لا يفيد والفحش من القول ومنكر العمل.
ولفت مفتى الجمهورية النظر إلى ملمح مهم وهو إتيان آية النهى عن أكل أموال الناس بالباطل فى سورة البقرة بعد آيات الصيام، فقال: ومناسبة هذه الآية -كما قال بعض المفسرين- لما قبلها ظاهرة، وذلك أن من يعبد الله تعالى بالصيام فحبس نفسه عما تعوَّده من الأكل والشرب والمباشرة بالنهار، ثم حبس نفسه بالتقييد فى مكان تعبد الله تعالى صائمًا له ممنوعًا من اللذة الكبرى بالليل والنهار، جدير ألا يكون مطعمه ومشربه إلَّا من الحلال الخالص الذى ينور القلب ويزيده بصيرة ويفضى به إلى الاجتهاد فى العبادة، فلذلك نهى عن أكل الحرام المفضى به إلى عدم قبول عبادته من صيام وغيره.