أقام المكتب الثقافي المصري بالرياض يوم أمس الثلاثاء 23 مارس 2021م، احتفالية مصرية سعودية بمناسبة اليوم العالمي للمسرح تحت رعاية السفير أحمد فاروق سفير جمهورية مصر العربية بالمملكة العربية السعودية، وحضور القنصل أحمد يوسف، وإشراف الأستاذ الدكتور عمرو عمران الملحق الثقافي ورئيس البعثة التعليمية المصرية بالمملكة، وقد شارك في الاحتفالية المسرحي المصري القدير صبحي يوسف، والكاتب المسرحي السعودي نايف البقمي، وأدارها الشاعر والكاتب الصحفي السيد الجزايرلي. بدأت الاحتفالية بكلمة ترحيبية للدكتور عمرو عمران أشار فيها إلي أن الاحتفال باليوم العالمي للمسرح بدأ فكرة صغيرة من رئيس المعهد الفنلندي للمسرح الشاعر والمخرج أُرفي كيفيما الذي قدَّم فكرته كمبادرة مقترحة لمنظمة اليونسكو في شهر يونيو من العام 1961م، وبالتنسيق مع الهيئة الدولية للمسرح تم تخصيص يوم 27 مارس من كل عام للاحتفال باليوم العالمي لهذا الفن التاريخي الراقي، حيث كان الاحتفال به للمرة الأولي في 27 مارس من عام 1962م بالتزامن مع انطلاق موسم (مسرح الأمم) في باريس، ومن ذلك التاريخ، عرف العالم موعدا سنويا يحتفل فيه بالمسرح، وتحشد فيه الجهات المتخصصة كل طاقتها لمواكبة هذه المناسبة التي تحظي باهتمام واسع علي مستوي العالم. وقال الدكتور عمرو عمران: نحن في المكتب الثقافي المصري بالرياض، نحرص دائما علي مواكبة الأنشطة الثقافية والفنية، ونحاول قدر المستطاع أن نتغلب علي كل المعوقات التي فرضتها جائحة كورونا علي العالم أجمع، ونحرص أيضا علي مشاركة الأشقاء السعوديين والعرب في الأنشطة الثقافية التي نقيمها بالمكتب، ومن هذا المنطلق نستضيف في هذه الأمسية شخصيتين مرموقتين لكل منهما تجربته الخاصة في عالم المسرح، الشخصية الأولي مصرية، وتتمثل في الكاتب والناقد والمخرج المسرحي الكبير الأستاذ صبحي يوسف، والثانية سعودية، وتتمثل في الكاتب والباحث المتميز الأستاذ نايف البقمي، لتكون هذه الليلة إضافة نوعية إلي رصيد الأمسيات والأنشطة المميزة التي أقمناها خلال الفترة الماضية. مضيفا أن شهر مارس من الشهور المزدحمة جدا بالمناسبات المهمة، ففي 8 مارس كان الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وفي 21 مارس كان الاحتفال باليوم العالمي للشعر، وفي نفس اليوم أيضا احتفل العالم العربي بعيد الأم الذي ينطلق مع بداية فصل الربيع في 21 مارس من كل عام، ولكننا في ظل هذه الظروف الصعبة لا ندعي القدرة علي مواكبة كل الأحداث والمناسبات، وبرغم ذلك نسعي لتقديم أمسيات وندوات وأنشطة نوعية في ظل الإجراءات المشددة التي فرضتها جائحة كورونا علي العالم. وفي ورقته التي جاءت بعنوان "المسرح.. ضرورة أم ترف؟" تحدث الناقد والمخرج المسرحي المصري صبحي يوسف عن التسلسل التاريخي لفن المسرح والمراحل التي مر بها عبر العصور منذ المسرح الإغريقي وصولا إلي المسرح المصري في العصر الحديث، وقد أشار المسرحي صبحي يوسف إلي أهمية المسرح الجاد في تنمية ثقافات الشعوب باعتباره ضرورة ثقافية ومعرفية من شأنها أن ترقي بالذوق العام سواء كانت التجارب المسرحية في إطارها الكوميدي أو التراجيدي، فالمعيار يتمثل في جدية الطرح الفني والفكري بغض النظر عن القالب الذي يقدم من خلاله العمل المسرحي، حيث يمكن للمسرح أن يحتفظ بقيمه الجمالية والثقافية حتي وإن كان العرض كوميديا، فالكوميديا لا تعني الإسفاف كما يتصور البعض، بل تعني طرح القضايا الجادة التي تشغل الناس بأسلوب كوميدي يدخل البهجة علي الناس وفي ذات الوقت يقدم لهم المضمون الذي يستهدف وعيهم وفكرهم ويناقش قضاياهم المجتمعية والإنسانية، وخلال محاضرته الثرية قدم المخرج صبحي يوسف عرضا بصريا تضمن الكثير من الصور والمواد الفوتوغرافية التي ألقت الضوء علي عمارة المسارح التراثية والمعاصرة، وكذلك ألقت الضوء علي أبرز صنّاع المسرح عالميا وعربيا. أما المسرحي السعودي نايف البقمي، فقد تحدث عن مراحل تطور المسرح السعودي، وجهود المخرجين والمسرحيين المصريين في مسيرة المسرح بالمملكة وإسهامهم في تطويره، وقدم البقمي رصدا تاريخيا لأبرز الشخصيات المصرية التي تركت أثرا في المشهد المسرحي بالسعودية، ومنهم محمد رشدي سلام، أبو بكر خالد الشلقاني، الدكتور كمال عيد، الدكتور حسين جمعة، مصطفي عبد الخالق، جمال قاسم، الدكتور مدحت الكاشف، هشام جمعة، محمد دسوقي، المخرج الراحل فهمي الخولي، المخرج حسين مليس، المخرج إسماعيل مختار، ومهندس الديكور مصطفي درويش، وغيرهم من المسرحيين المصريين الذين كانت لهم إسهامات مهمة في مسيرة المسرح السعودي. كما ألقي الكاتب نايف البقمي الضوء علي التجربة الطويلة للمخرج صبحي يوسف والتي تمتد لنحو ثلاثين عاما من العمل في المسرح السعودي، مشيرا إلي أن تجربة صبحي يوسف تعتبر أكبر التجارب المصرية من حيث التأثير لأنها ظلت مستمرة لثلاثة عقود متواصلة، ولأن صاحبها استطاع أن يُحدث حراكا مؤثرا في المشهد المسرحي بالمملكة، وكان تأسيس أول مهرجان للمسرح السعودي في جامعة الملك سعود بالقصيم من أبرز مبادراته في هذا المجال. وقد شهدت الأمسية تفاعلا ملحوظا من قبل الحضور، حيث قدم الشاعر والمسرحي أيمن عبد الحميد مداخلة ثرية حول السينوغرافيا المسرحية، وتحدث الدكتور محمد أبو حشيش عن صورة المسرح في الوقت الراهن، وأشار الأستاذ عماد أبو طالب إلي أهمية الجانب الأكاديمي في إثراء الحركة المسرحية في مصر والوطن العربي، ونوه الشاعر محمد زهران بأهمية دعم المسرح الجاد حتي يتمكن من القيام بدوره الثقافي في المجتمع، وفي ختام الاحتفالية أكد الشاعر السيد الجزايرلي أن الاحتفال باليوم العالمي للمسرح قبل موعده بثلاثة أيام، وبعد يومين فقط من الاحتفال باليوم العالمي للشعر وضعنا في المنتصف وكأننا والمكتب الثقافي المصري بالرياض نقف علي مسافة واحدة بين الشعر والمسرح، وهو في الحالتين انتصارٌ للفن والإبداع والجمال.