أكد الكاتب الصحفي كرم جبر، رئيس المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام، أن الاحتفال بذكري تحرير طابا يؤكد أن مصر يحميها جيش عظيم تنشق عنه الأرض في مختلف التحديات، ويقف دائمًا خلف الوطن مُدافعًا عنه. جاء ذلك خلال ندوة «ملحمة طابا في جوانبها التاريخية والسياسية والقانونية»، والتي انعقدت اليوم السبت بجامعة الملك سلمان بشرم الشيخ برعاية خالد فودة محافظ جنوبسيناء، وبحضور د.مفيد شهاب عضو هيئة الدفاع عن طابا ووزير التعليم العالي الأسبق، ود.السيد القصير وزير الزراعة، ود.أشرف حسين رئيس جامعة الملك سلمان. وأعرب جبر عن سعادته بحضور تلك الندوة الهامة للغاية، والتي أكدت أن أرض مصر هي سر الإلهام يدافع عنها شعب عظيم، مضيفًا أن "الإلهام هو السبب في وصول القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر لأفكار وحلول إبداعية، وكذلك كان السبب في تضحيتهم بأرواحهم فداءً لهذا الوطن". وقال إن معركة استعادة طابا كانت معركة إبداع وإلهام، فالمفاوض المصري بشكل علمي كان وراءه مفاوض مصري يحمل السلاح للدفاع عن الوطن واستعادة كل شبر فيه، مضيفًا أن "الشعب المصري لم يذق الراحة إلا بعد استرداد آخر شبر من أرضه، فالمصريون لا يفرطون في أي شبر من أرضهم كونها عرضهم وشرفهم". وتابع جبر في هذا السياق قائلًا "أتذكر حينما تم تعديل الدستور أثناء عام حكم الإخوان ليسمح لرئيس الجمهورية بأن يجري تعديلات علي الحدود، وقتها هبّ الجيش المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيرًا للدفاع في ذلك الوقت واتخذ قرارًا بعدم تملك الأراضي في سيناء إلا للمصريين فقط، واستطاع أن يبطل مخططات دول عديدة للحصول علي أرض مصر تحت مسمي مشروع النهضة الإخواني". وأضاف "رأينا جميعا ما حدث بعد 2011 عندما استطاع الجيش أن يسترد الوطن من أيدي وبراثن الجماعات الظلامية في وقتٍ رفعت فيه تلك الجماعات شعار إذا أردت أن تهدم وطنًا فاهدم الجيش". وتابع "أننا من شرم الشيخ وخلال الاحتفالات بعودة طابا إلي مصر، نرسل رسالة للعالم أجمع أن مصر بلد السلام والأمان وأن الله يحميها"، من جانبه، أكد خالد فودة، محافظ جنوبسيناء، أن مصر لن تضيع طالما هناك رجال شرفاء يحمونها ولا يتركون أبدًا شبرًا من أرضها، موجهًا التحية للرئيس عبد الفتاح السيسي ورجال القوات المسلحة. وأضاف أن أرض سيناء الطاهرة تجلي عليها الله وتكلم علي أرضها، وهي الأرض التي تم استعادة كل شبر منها بفضل تحديات جنود القوات المسلحة البواسل الذين سالت دمائهم وروت الأرض لتستعيد مصر كل شبر من أرضها. وتابع "أصريت علي حضور د.مفيد شهاب لهذه الندوة لأنه أحد الرجال العظماء الذين لعبوا دورًا كبيرًا في استعادة أرض مصر، وتمكن ومعه رجال مصر الشرفاء من استعادة طابا". بدوره، أعرب د.مفيد شهاب عن سعادته بوجوده في أرض الفيروز في تلك المناسبة الغالية وهي الاحتفال باستعادة وتحرير آخر بقعة من أرض سيناء الطاهرة من براثن الاحتلال الإسرائيلي بعد 22 عامًا، حيث تمكن رجال مصر الشرفاء من خلال التحكيم الدولي من استعادة طابا ورأس النقب. وأضاف "أننا جميعًا نري التطوير الذي حدث ويحدث علي أرض شرم الشيخ بشكل خاص ومحافظة جنوبسيناء بشكل عام، وأعبر عن سعادتي بوجودي في الصرح العلمي المتميز جامعة الملك سلمان، التي تجسد العلاقات المتميزة بين الشقيقتين مصر والسعودية. وتابع "أهنئ محافظة جنوبسيناء بالعيد القومي والذي يوافق يومًا عظيمًا وهو يوم تحرير طابا"، مضيفًا أن "السادس من أكتوبر 1973 كان يومًا عظيمًا للأمة العربية جمعاء ومصر علي وجه الخصوص لأنه جاء بعد الهزيمة القاسية التي تلقيناها في عام 1967 وتم علي إثرها احتلال أرضنا وعشنا في نكسة وحزن، لكن إرادة الجندي المصري ظهرت في حرب الاستنزاف حيث لم يترك العدو يهنأ بالأرض المحتلة، واستمريت تلك الإرادة حتي الانتصار العظيم في أكتوبر 1973 الذي فاجأ العالم أجمع بسبب العبور العظيم لقناة السويس وبعدها القضاء علي خط بارليف العائق الترابي الذي تحدت به إسرائيل العالم أجمع وادعت استحالة اختراقه، لكن القوات المسلحة العظيمة ببسالة ضباطها وجنودها خططت ونفذت وعبرت لتصل إلي النصر العظيم الذي أذهل العالم أجمع". وأضاف "مهما تكلمنا عن هذا الانتصار العبقري لن نوفيه حقه، لأنه بفضل تحديات رجال القوات المسلحة ما كنا نعيش اليوم في الاستقرار والأمن والأمان الموجود بمصر، فتحية للشهداء وتحية للجندي المصري الذي لا يهاب أي شئ". وأوضح أن "انتصار أكتوبر كان ضربة قاسية للإسرائيلين الذين ظنوا أنهم يستطيعون الاحتفاظ بالأرض المصرية، لنبدأ بعدها المفاوضات السياسية والعسكرية، لنصل في نهاية الأمر إلي اتفاق كامب ديفيد برعاية الولاياتالمتحدة، وهو الاتفاق الذي كان أحد بنوده انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي المصرية في مدة ثلاث سنوات بداية من 1979 وحتي 25 أبريل 1982، وهو اليوم الذي رفع فيه العلم المصري علي أرض العريش، وبالفعل بدأ الانسحاب الإسرائيلي علي ثلاث مراحل"، مشيرًا إلي أن "مصدر قوة المصريين في التفاوض أثناء معاهدة كامب ديفيد كان انتصار 1973، ولولا التدخل الأمريكي أثناء الحرب لاستكمل المصريين تحرير كامل أرضهم عسكريًا". واستطرد قائلًا "عقب توقيع الاتفاقية رفض الإسرائيليون الانسحاب من كامل الأرض، بحجة أن تلك الأرض هي أرضهم، ودخلنا في مفاوضات معهم للوصول إلي انسحابهم من كامل الأرض، ولكن وجدنا مماطلات حول 14 موقعًا حدوديًا علي شريط الحدود الذي يمتد ل91 علامة حدودية من رفح شمالًا وحتي طابا جنوبًا، منهم 9 علامات في الشمال و5 في الجنوب، ولأننا كمصريين لدينا كرامة وأرضنا تعد شرفنا وعرضنا فلا يمكن التضحية بأي ذرة من التراب المصري ولذلك رفضنا ترك أي شبر من أرضها ولو كان صغيرًا للغاية". وأوضح أنه "بعدما وجدنا الصعوبة في الوصول إلي اتفاق بشكل ودي، قررنا التوجة إلي التحكيم الدولي وفقًا لاتفافية السلام، والتي نص أحد بنودها علي أنه إذا حدث خلاف في تنفيذ الاتفاقية فيبدأ الطرفان بالتفاوض ثم التحكيم الدولي حال عدم الوصول لاتفاق، وأصرت مصر علي التحكيم فيما حاول الإسرائيليون اللجوء للتوفيق من خلال طرف ثالث"، مضيفًا أن"تمسكنا بالتحكيم الدولي جاء بسبب أن المحكمة بها قضاة وتأخذ بالقانون الدولي فقط وأحكامها ملزمة نهائية واجبة النفاذ وملزمة غير قابلة للطعن". وأشار إلي أن "الإسرائليين وافقوا في نهاية الأمر علي التحكيم بسبب رفض الرئيس الراحل محمد حسني مبارك الجلوس والتحدث معهم، وكذلك لتأكدهم من عدم قدرة المصريين علي الدفاع عن حقهم أمام المحكمة، لكننا قمنا في 11 سبتمبر 1986 بتوقيع مشارطة التحكيم ولجنة طابا، وتكونت المحكمة من خمسة محكمين أحدهم مصري وأخري إسرائيلية و3 محكمين محايدين، وبدأنا عملية التحكيم وقدمنا مذكرات قوية فيما جاءت مذكرات الطرف الأخر ضعيفة، ثم بدأت المرافعات الشفوية وبعدها الشهود، وبعدها انتقل المحكمين إلي طابا، لترفع الجلسة للمداولة وإصدار الحكم. وأضاف شهاب أن الولاياتالمتحدة حاولت التأثير علي علي مصر زاعمةً أن الحكم سيصدر لصالح إسرائيل وعلينا الموافقة بأن تكون طابا ذات سيادة مشتركة، ولكننا رفضنا الأمر، حتي أصدرت المحكمة حكمها بأن جميع المواقع الموجودة في القضية تابعة لمصر. وأوضح أن "الدروس المستفادة من تلك القضية أنه لا يضيع حق وراءه مُطالب، وأن يكون صاحب الحق قويًا وقادرًا علي الدفاع عن هذا الحق ولديه القوة والقدرة والتصميم والاستعداد للتضحية مقابل الحفاظ علي ذلك الحق، لأن القضايا القومية الكبيرة لا تحل بالكلام المرسل وإنما بالإسلوب العلمي والاعتماد علي الخبراء المتخصصين، وكذلك وجود الحس الوطني وهو العامل المهم الذي اعتمدت عليه مصر في تلك القضية بعدما تم الاعتماد علي محاميين مصريين لشعورهم بأن تلك الأرض هي عرضهم وشرفهم".