ظاهرة التسول ليست وليدة اليوم، ولا يقتصر وجود المتسولين علي المجتمعات الفقيرة فهي موجودة أيضا بالمجتمعات الغنية ولكن انتشار الظاهرة بهذا الشكل المزعج ينم عن تقاعس الجهات الأمنية في التصدي لهذه الظاهرة، ومن جانب آخر يعكس فشل مؤسسات المجتمع المدني في الوصول للأسر الأولي بالرعاية كما يعكس عدم قدرة كثير من الواعظين والواعظات علي تجديد الخطاب الديني بما يلائم احتياجات المجتمع، ولا يقتصر حل هذه المشكلة علي تحرير محاضر للمتسولين وينبغي دراسة الظاهرة دراسة علمية لأن معرفة الأسباب سيساهم في إيجاد حلول جذرية لهذه الظاهرة لا سيما أن أغلب المتسولين بمدينة سوهاج من الأطفال و يتوافدون من مركزي أخميم وجزيرة شندويل وانحسار الظاهرة في هذين المركزين ينم عن وجود ثمة شيء بمركزي أخميم والجزيرة والقضاء علي هذه الظاهرة يحتاج إلي تضافر كافة الجهود فقد تنوعت وسائل وأساليب التسول تنوعا ملحوظا بالآونة الأخيرة فتارة تكون بالطلب المباشر وتارة ببيع سلع تافهة لاستعطاف المواطنين. في البداية تقول إحسان الزين معلمة لغة عربية ذهبت لأحد المواقف لاستقلال سيارة لزيارة أحد أقاربي بقرية تونس لم أكد أجلس علي الكرسي وتوافد علي عشرات المتسولين في بادئ الأمر أعطيت أحد الأطفال مساعدة مالية وفوجئت بتوافد عشرات الأطفال تباعا فشعرت بأنهم غير محتاجين للمساعدة، وأن هناك أحدا يدفعهم للقيام بأعمال التسول لاستعطاف الناس والاستيلاء علي أموالهم فتجاهلتهم جميعا. وقبيل مغادرة السيارة للموقف طلبت مني أحد المتسولات مساعده فقلت لها ليس لديّ نقود فقامت بالدعاء عليّ بالموت والفقر وانصرفت و تشاءمت من هذا التصرف ثم سالت نفسي كيف تقاعس الأمن عن أداء دوره للقضاء علي هذه الظاهرة إلي الحد الذي جعلهم يتطاولون عليّ وكيف غض الطرف عن المتسولين إلي الحد الذي جعلنا نري بالشارع الواحد عشرات المتسولين. ومن جانبه أكد حسام الديب طبيب بيطري ثمة شئ غريب في سلوك المتسولين بالآونة الأخيرة وهي تطاولهم علي المواطنين بالسب والشتم وهذا التصرف ينم عن تقاعس الجهات الأمنية في تحرير محاضر للمتسولين مما جعلهم يعتبرون التسول مهنة وحق مكتسب مما جعلهم يقومون بالتطاول الغير مبرر علي الأهالي بينما يتساءل علي الناصح صاحب متجر مواد غذائية عن سر تواجد كثير من المتسولين بمواقف السيارات ومحطات السكك الحديدية بينما كانوا في الماضي القريب يتواجدون بجوار المساجد لاستعطاف المصلين وكان عددهم قليل بينما أصبحنا اليوم نري بالشارع الواحد عشرات المتسولين من الأطفال ولا يكاد يخلو شارع أو ميدان بمدينة سوهاج من المتسولين. وأوضح عامر أبوزيد، محام، استغلال الأطفال في أعمال التسول ضد حقوق الطفل وتعتبر جريمة يحاسب عليها القانون. وأضافت اعتماد سليمان، إخصائية نفسية، إن استغلال الأطفال في التسول لاستعطاف الناس أمر غير مقبول لأنه يعرضهم للخطر ويؤثر علي نموهم النفسي والعقلي ويحرمهم من أبسط حقوقهم. ويضيف شهاب الدين محمد، مهندس، انتشار ظاهرة تسول الأطفال لا ينم عن احتياج الأطفال وذويهم للمال فهناك أناس يتخذون التسول حرفة للحصول علي الرزق السريع. وأكد أشرف محمدين، موجه بالتربية والتعليم، إن أحد المتسولين بالمنطقة كان معروفا لدي الجميع بقيامه بالتسول هو وأطفاله الصغار وفوجئت منذ عدة أسابيع بشرائه لمنزل بمليون جنيه، ففهمت بعد ذلك أنه يتخذ التسول مهنة لجني المال الوفير والاحتيال علي المواطنين، وهذا الأمر يتطلب تجديد الخطاب الديني لمناهضة هذه الظاهرة. وأضافت نجوي عبد الحميد، إخصائية اجتماعية، أن انتشار ظاهرة تسول الأطفال بالآونة الأخيرة ليس صدفة، ولكنه يعكس سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية لكثير من المواطنين بدليل أنها انتشرت وبدت تري ملحوظة في آخر عشر سنوات فقط وهذا يعكس فشل مؤسسات المجتمع المدني في الوصول إلي الأسر الأولي بالرعاية وتقديم الدعم لهم ولذويهم وتحرير محاضر للمتسولين ليس حلا، ولا أنكر أن هناك شريحة من المتسولين لا يستحقون الدعم ويتخذون من التسول مهنة للاستيلاء علي أموال الناس ولكن بالطبع يوجد من بين المتسولين من اضطرته الظروف وألجأته إلي هذا التصرف، فأنا علي كل حال لا أحب التعميم وتحرير محاضر للمتسولين ليس حلا وينبغي علي كل واحد أن يؤدي دوره علي أكمل وجه للقضاء علي هذه الظاهرة وينبغي علي المجلس القومي للطفولة والأمومة أن يضع حلا للقضاء علي تلك الظاهرة.