لقد تناولت كثير من البيانات العربية والصحف في مختلف الدول العربية منذ أكثر من ثلاثين عاما مصطلحا جديدا علي الساحة العربية السياسية، وهو ما يعرف باسم الأمن القومي العربي، ولا أعلم ماذا يعني هذا الشعار، وعلي أي أساس استندت تلك المقولة، وما هي المقومات الموضوعية التي يمكن أن يؤسس عليها مفهوم الأمن القومي العربي. وفي رأيي المتواضع، وحسب فهمي المحدود هو ما تعنيه قضية الأمن لأية مجموعة من الأقوام ومن الدول بالرغم من اختلاف توجهاتهم أو دياناتهم أو لغاتهم، أن هناك مصلحة معينة مدركين أهميتها وآثارها علي مجتمعاتهم سواء كان ذلك من الناحية السياسية أو الاقتصادية ويستشعرون بما يمكن أن يهدد تلك المصالح ويعلمون مدي الآثار السلبية علي شعوبهم فيما لو تأثرت تلك المصلحة المشتركة والأخطار التي تترتب عليها في كافة المجالات الحياتية، عندئذ يتجهون جميعا برؤية واحدة وعقيدة مشتركة للبحث عن منظومة أمنية يهيئون لها كافة الإمكانيات المتاحة لدي كل منهم ويوفرون لها المناخ المناسب ويجمعون كل القدرات المادية لبناء منظومة أمنية وفق استراتيجية واحدة تحمي أمن الجميع دون استثناء. تأسيسا علي ما سبق، يمكن القول إن رابط المصلحة المشتركة يفرض علي تلك المنظومة العمل نحو حماية أمن دول المنظومة لما وصلوا إليه من قناعة موضوعية بأن انهيار أي منها يهدد البقية ويتمثل ذلك بكل الوضوح في منظومة الحلف الأطلسي، حيث لا ينتمي عضو فيه للآخر سواء من حيث اللغة أو الثقافة أو التاريخ المشترك، بل ارتبطوا بمصلحة الأمن المشترك بالإضافة إلي تحقيق مصالح اقتصادية مشتركة تستفيد منها شعوبهم وينتج عنها تكتل اقتصادي قادر علي مواجهة العولمة. ولذا فإنني أخاطب فيكم إرادتكم الحرة وضميركم الواعي لدرء الخطوب عن أمتكم العربية وأناشد وعيكم في مواجهة المخططات التآمرية التي تستهدف تدمير الأنظمة الشرعية في الوطن العربي لتخلق حالة من الصراع بين أبناء الوطن الواحد مثلما يحدث في سورياوالعراق وليبيا واليمن. وعلي ما سبق، تتطلب المصلحة الوطنية والقومية في الظروف الراهنة، وهذه اللحظات الحرجة أن ترتفع كل القيادات فوق جراح الماضي، وأن يضعوا مصالح الأمة العربية فوق كل الاعتبارات لتحقيق مصالحة عربية - عربية تاريخية بين كافة الأنظمة العربية، وأن تتنازل كل دولة تنازلا متبادلا للأخري لدفن الماضي البغيض ووأد الخلافات أيا كانت كيلا تستغلها قوي البغي في النفاذ من هذه الثغرات بمحاولة إملاء مفاهيم ومعتقدات جديدة للسيطرة علي أفكارنا ليسهل عليهم ترويضنا والسيطرة علينا، ومن ثم السيطرة علي ثرواتنا واستباحة أراضينا واستعباد شعوب امتنا العربية وتوجيه مناهج لتعليم لقطع الصلة بين ديننا وتراثنا وقيمنا وتاريخنا ليتماشي مع تخطيطهم الشرير لتتحقق لهم السيطرة علي العالم العربي ومن أجل ذلك يجب اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمساعدة العراق عسكريا في مواجهة تنظيم "داعش" ومن يتستر خلفه ودعم الجيش الليبي بما يحتاجه من سلاح وعتاد لمحاربة الإرهاب وأعداء الوطن والبحث عن كافة السبل في حل سلمي لما يحدث من تدمير للجمهورية السورية والحفاظ علي سلامتها وأمنها. إن الأمة العربية علي ثقة بوعي قياداتها وإدراكهم لمسؤولياتهم التاريخية لمواجهة المستقبل مستعينين بالله سبحانه وتعالي وبما مر علي الوطن العربي من كوارث ومصائب كان سببه غياب نظام عربي موحد الصف والهدف قادر علي مواجهة الأخطار فلنجعل الماضي حافزا لمواجهة المستقبل وأن تتم الاستفادة من دروسه لتفادي الأخطاء وتجاوز المحن لتضيء القيادات العربية نور الأمل لدي الشعوب العربية وتضع حدا للابتزاز والتشكيك في سلامة النوايا. إن ما تتطلبه المرحلة القادمة، هو وضع استراتيجية تعيد بناء النظام العربي ليتحقق للدول العربية ما تطمح إليه شعوبها من تطور وتعاون بين أقطارها لحماية مصالح الأمة العربية ومواجهة ما يترددها من أخطار تسعي لطمس هويتها واسترقاق شعوبها ونهب ثرواتها. وتتمثل ملامح هذه الاستراتجية، فيما يلي: أولا- المجال السياسي: (1) لابد من وضع ميثاق جديد تتحدد فيه العلاقات العربية بأسلوب واضح وملتزم مع تحديد صريح لواجبات كل دوله عربيه مما يضمن لها من حقوق ويستوجب عليها من التزامات في وقت السلم أو في وقت الاعتداء علي أحدها من خارج المجموعة العربية. (2) وضع إطار لأسلوب التعامل فيما بين الدول العربية علي أساس الاتصال المباشر والحوار المستمر لإنهاء أي خلاف وأن تتم معالجته بالسرعة التي تجعل الأمر محصوراً بين القادة منعا لأية تداعيات تنعكس سلبا علي الشعوب وتزيد من ابتعاد هذه الأمة عن أهدافها ويساعد ذلك أعداءها علي استغلال أية نقطة ضعف. (3) تلتزم الدول العربية باجتماعات منتظمة لمؤتمرات القمة في مكان مقر الجامعة العربية ولا يجوز تحت أية مبررات أو حجج أو طوارئ تأجيل اجتماعات القمة حتي تثبت الدول العربية جدية اللقاءات وما ستسفر عنها من نتائج لها بالغ الأثر علي مصلحة الأمة العربية. (4) إعادة النظر في قانون الجامعة العربية لتفعيلها وإعادة هيكلتها بحيث تكون لديها القدرة علي تحمل مسئوليات القرن القادم وما يتطلبه من مؤهلات وإمكانيات وسياسات تستوعب متطلباته كما يلي: ( أ ) تعيين الأمين العام للجامعة يكون دوريا حسب الحروف الأبجدية علي أساس ثلاث سنوات فقط لا تجدد وتتاح الفرصة لأمين آخر بالتسلسل الأبجدي لتأخذ كل دولة عربية فرصتها بأسلوب يضمن عدالة التناوب للأمين العام. (ب) تعديل ميثاق الجامعة العربية بما يحقق المصلحة العربية العليا علي أن يكون نظام التصويت علي القرارات بالأغلبية وليس بالإجماع الذي تسبب في تعطيل تنفيذ قرارات الجامعة منذ سنة 1948 إلي اليوم وتمت به مصادرة مستقبل الأمة العربية وما تتطلع إليه الشعوب العربية من تقدم وتطور وحماية للأمن القومي العربي وتحقيق التعاون المشترك في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والعسكرية وتنفيذ اتفاقية الدفاع العربي المشترك لتفادي العدوان علي الدول العربية كما حدث ويحدث في العراقوسوريا واليمن وليبيا والصومال تقطعت أواصر الأخوة العربية فاتحين المجال للثعالب والبغال لاجتياح الوطن العربي ونهب ثرواته وتدمير حضارته وتشريد أبناء الشعوب العربية وتسخيرهم لخدمة أعداء الأمة العربية. ثانيا- المجال العسكري: إنشاء مجلس الأمن القومي العربي بحيث يشكل من قادة القوات المسلحة في الدول العربية وتتبعه أمانة خاصة مقرها في الجامعة العربية، حيث يتولي المجلس القومي التخطيط الإستراتيجي والعسكري بحيث يكون مسئولا عن تنفيذ ما يلي: (1) وضع النظم والإجراءات الكفيلة بتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك والموقعة من قبل الدول العربية كافة. (2) تحقيق الاتصال بالقيادات العسكرية في الدول العربية والقيام بالتنسيق فيما بينها. (3) ترتيب التعاون بين القوات المسلحة في الدول العربية مع بعضها البعض بواسطة إجراء المناورات السنوية ضمن برنامج معد لذلك لكي يتمكن كل فريق من التعرف علي نوعية السلاح عند الفريق الآخر وتوحيد المصطلحات العسكرية إلي حين يتم التوصل إلي تحقيق وحدة كاملة في النظم والمعلومات والتواصل المستمر عن طريق تبادل الخبرات بين الدول العربية وزيادة الكفاءات والقدرات القتالية للقوات المشتركة وتنظيم الدورات التدريبية في المدارس التعليمية للضباط وضباط الصف والجنود لرفع كفاءتها والنهوض بها. (4) وضع الخطط اللازمة لاتخاذ أية إجراءات تتطلبها المصلحة القومية سواء كانت للدفاع عن دولة عربيه تعرضت للعدوان أو التدخل لمنع الاشتباك بين دولتين عربيتين حدث بينهما خلاف كاد أن يؤدي إلي تصادم حتي نمنع ما يحدث من كوارث كما حدث في القرن المنصرم. (5) يتم تعيين أمانه عامه لمجلس الأمن القومي للقيام بالمسئوليات المشار إليها أعلاه وإعداد جدول أعمال اجتماعات المجلس وإعداد التقارير عن نتائج أعمال المجلس لرفعها لمجلس الدفاع العربي لاعتماد القرارات والمصادقة علي جدول زمني لتنفيذها. (6) يتم تعيين أمين عام لمجلس الأمن القومي برتبة عالية ورفيعة وتقوم كل دولة بترشيح الأمين العام حسب التسلسل الأبجدي المعمول به في نظام الجامعة العربية علي ألا تتجاوز مدته ثلاث سنوات فقط وذلك يتيح لكل دولة عربيه أن يكون أمين عام المجلس القومي مرشحا من قبلها بحيث تضمن العدالة في توزيع المسئوليات دون استثناء دولة دون غيرها كما انه يتيح ذلك الأسلوب فرصه للأمة العربية لإبراز الكفاءات والقدرات التي ستكون في خدمة المصلحة القومية للأمة العربية. ثالثا- المجال الاقتصادي: إن الأسباب التي أدت إلي تخلف أكثر الدول العربية اقتصاديا ليس بسبب عدم توفر ثروات طبيعيه أو نقص في العمالة الفنية ولكن السبب الحقيقي هو عدم توفر الموارد المالية التي تستطيع بها استغلال ثرواتها الطبيعية سواء كانت بترولية أو مواد خام مختلفة ولو تحققت لها الموارد المالية لاستطاعت أن تستثمر مواردها وتحقق لشعوبها فرص العمل والعيش الكريم. ولذا فإن المرحلة القادمة تتطلب إجراءات فعاله ونظرة علميه موضوعيه في تفعيل إمكانات الدول العربية لتستفيد من ثرواتها وفوائضها المالية لذا فانه يتطلب ما يلي: (1) إنشاء بنك عربي رأس ماله لا يقل عن خمسين مليار دولار تكون مهمته تصحيح الهياكل المالية في الدول العربية وتطوير إمكانياتها الاقتصادية حتي تستطيع الخروج من الكبوة الاقتصادية علي أساس خطة خمسية تأخذ في الاعتبار الدول التي لديها إمكانيات وثروات يمكن استثمارها وتحقيق مردود اقتصادي في وقت لا يزيد عن خمس سنوات، علي أن يكون أداء البنك وسياسته التنفيذية تعتمد علي الدراسات الاقتصادية حتي يستطيع معالجة الخلل المالي تباعا في الدول العربية مما يعني بأن الأمة العربية إذا استطاعت أن تضع الآليات العلمية العامة وتسخر فوائضها المالية في خدمة الاقتصاد العربي مما سيحقق لها ما يلي: (أ) ستكون الاستثمارات العربية في مأمن من التجميد أو المصادرة أو التلاعب كما حدث في أمثلة كثيرة الكل يعلمها حيث قامت الولاياتالمتحدة بتجميد أرصدة الجماهيرية الليبية علي سبيل المثال. (ب) المردود المالي علي الاستثمار العربي ستكون مضمونه الفوائد ستفوق ما تحصل عليه الاستثمارات العربية في الدول الغربية من فوائد هزيلة وأحيانا فقدان رأس المال في الاستثمارات الدولية. (ج) تملك الاستثمار العربي لمشاريع حقيقية منتجه وأسواقها موجودة في الدول العربية ولو علمنا بأن الدول العربية تستورد من الخارج سنويا ما قيمته أكثر من 65 بليون دولار في حقل الغذاء مثلا كان يمكن أن توجه تلك المبالغ للمنتج العربي وتكون عاملا في ازدهار المجتمعات العربية المنتجة. (د) تتحقق للدول العربية التي تواجه صعوبات مالية في تمويل مواردها الطبيعية استفادة عظيمة في تطوير ثرواتها وتحقيق أهدافها في التنمية وتوفير فرص العمل مما يساعدها علي الاستقرار والنمو ويمنع عنها الهزات السياسية مما يغنيها عن طلب المساعدات والهبات وتحفظ ماء الوجه وتنطلق لبناء المستقبل المشرق. كما يتم إنشاء مكتب للدراسات الاقتصادية يتبع البنك للقيام بدراسة الأوضاع الاقتصادية، وإعداد خطة عملية في كيفية استغلال الموارد الطبيعية في الدولة التي تقرر الموافقة علي الدعم المالي لها، وهنا تجدر الإشارة إلي جمهورية السودان التي يتوفر فيها 200 مليون فدان قادرة أن تمد العالم العربي بالغذاء وتحقق له الأمن الغذائي. وبالتالي يستطيع البنك المقترح إعداد مشروع طموح لاستغلال هذه الموارد وما يمكن أن يعود علي السودان من نتائج اقتصادية كفيله بحل مشاكله المالية وتوفير فرص للعمل قد تتجاوز عشرات الآلاف بحيث يتيح لأبناء السودان حل مشكلة البطالة ويحولهم إلي طاقة منتجة. وهكذا يستطيع السودان أن يخرج من مشاكله الاقتصادية ويعتمد علي نفسه وبنفس الأسلوب يتوجه البنك لدراسة اقتصاديات دولة أخري والنهوض بثرواتها واستغلالها مما ينتج عن ذلك انه في غضون خمسة وعشرين عاما أو يزيد قليلا أن تتعافي الدول العربية من أزماتها الاقتصادية واستغلال ثرواتها الطبيعية التي تبحث عن التمويل المالي علاوة علي المردود المالي الذي سيتحقق للأموال التي قام باستثمارها البنك المقترح. رابعا- مواجهة العولمة الاقتصادية: نظرا للتطورات الاقتصادية المتلاحقة في عصرنا الحاضر، وانتهاء صراعات ومواجهات معسكرات القوتين الشرقيةوالغربية، فإن هذه التطورات والتغييرات قد فرضت أسلوباً جديداً في صراع البقاء، ألا وهو ما أسميه هنا بالصراع الاقتصادي، والذي اعتبره في رأيي المتواضع أشرس وأخطر أنواع الصراع في الحاضر والمستقبل، خاصة وأن هذا الصراع سيكون متمثلا في صدام قدرات اقتصادية وإمكانيات تخطيطية، وأساليب تسويقية، تعتمد أساساً علي نوعية الإنتاج والسعر المنافس وسرعة الحركة ومرونتها، والتكيف مع متطلبات السوق بكل الأخلاقيات والقيم الجديدة التي تسوده في الوقت الحاضر وصولا إلي هدف رئيسي وهو ضخ أكبر كميه من الإنتاج إلي أسواق جديدة. وعلي ما سبق، يمكن القول إن الأمر يتطلب تخطيطا بعيد المدي تشارك فيه جميع الفعاليات الاقتصادية سواءاً كانت حكومية أو شبه حكوميه والقطاع الخاص، وذلك ببناء استراتيجية شامله تستهدف في النهاية زيادة الإنتاج الذي من شأنه إتاحة الفرص لتشغيل اكبر عدد ممكن من أبناء الوطن العربي، وبالتالي يحقق مردوده علي الاستقرار في الدولة، ويصبح الكل له دور في تسيير عجلة التطور والتنمية مما يحد من ظاهرة البطالة المستفحلة. إن اتفاقية (الجات) ستفتح مجالاً واسعا من التنافس والغزو السلعي اللامحدود، لأنها أعطت الحرية للسوق، والعرض والطلب هو أساس التعامل في النظام الدولي الجديد.فالقضية لابد أن تؤخذ بمأخذ الجد، حيث ستكون السيادة للقوي في الساحة الاقتصادية ويتراجع الضعيف، وتصبح الأسواق أسواقا استهلاكية، وما سيترتب عليه من أعباء خطيرة منها ما سيسببه من تفشي داء البطالة وما يشكله من أعباء علي الدولة، وبالتالي تضطر الدولة إلي أن تضحي بأغلي ما عندها من مخزون استراتيجي وثروات طبيعية، فتبيعها مرغمة بأقل الأسعار حتي تتمكن من مواجهة مواقف عسيرة لم تعد لها العدة من قبل، ويستمر التراجع والتخلف الاقتصادي إلي مدي لا يعلمه إلا الله. ومن هنا، يتضح بأنه لابد من وضع خطة مستقبليه تستوعب كافة الطاقات الاقتصادية وتوظيفها توظيفا علميا سليما، وبنظرة شموليه وحياد إلي كافة قطاعات المجتمع، والذي في النهاية إما أن يكون مجتمعا فعالا كل له دوره في التنمية وإما أن يتحول المجتمع إلي طاقات معطله مبددة ويتراجع التفكير الشمولي ليصبح تفكيرا محدودا ضيقا يكون محيطه دائرة الفرد والأسرة فقط مما يؤدي إلي تفتت الجهد المشترك لمواجهة متطلبات التطور وعندها تبدأ الكارثة. فالغرب وغيرهم يبحثون عن مصالحهم مستخدمين كافة السبل والوسائل لتحقيقها، ونحن من حقنا أيضا استخدام كافة السبل والوسائل بما نملك من ثروة وخبرة وعلم يجب أن تستثمر في تحقيق أهدافنا الوطنية، فلسنا بأقل من الدول المتقدمة، ولكننا وللأسف الشديد انشغلنا في صراعات هامشيه وقضايا ثانوية لا تخدم مصالح شعوبنا ولا مصالح أوطاننا وإنما في حقيقة الأمر تكون نتيجة هذا كله أن تصب في مصالح القوي الأخري. كما أن كافة المحاولات التي تبذلها الحكومات العربية مع بعضها بعمل اتفاقيات ثنائيه تبقي في إطار التمنيات دون أن يكون لها تأثير فعال علي الواقع، وإنما هي إطار عام للتعاون يحتاج إلي آلية ذات مصلحة تعود عليها من جراء جهدها ونتائج مادية ملموسة تدفعها دائما إلي البحث عن أسس جديدة لزيادة مواردها، وذلك يشكل حافزا مهما لها بالبحث الدءوب عن أساليب مختلفة وخطوات متتابعة لتحقيق أهدافها في النمو وإن ما يخيفني مع معركة السلام أن تستطيع إسرائيل بمالها من كفاءات وقدرات في المناورة والتخطيط توظيف فائض الأموال العربية لخدمة مصالحها مما يمكن لها السيطرة الاقتصادية كما كان لها السيطرة العسكرية في السابق، وستكون لها الأمور ميسرة، حيث أننا لم نفق بعد، ولم ندرك أهمية التعاون والتنسيق في تشكيل مستقبل العالم العربي، حيث ستأخذ أشكالاً مختلفة ووسائل في ظاهرها البراءة وفي باطنها السيطرة والاستغلال، لذا يتطلب الأمر إنشاء الشركة العربية للتسويق كما يلي: (1) يتم تشكيل الشركة برأس مال لا يقل عن 5 مليار دولار تساهم فيها الحكومات العربية بنسبة 50% ورجال الأعمال في الدول العربية بنسبة 50%. (2) تكون مهمة الشركة كما يلي: أ - تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية. ب- بحث إمكانيات تأسيس المشروعات المشتركة في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي وتسهيل تدفق الأموال العربية. ج- المساعدة في البحث عن أسواق جديدة لتصريف المنتجات المصنعة في الدول العربية. د- إعداد الدراسات وتوفير البيانات والمعلومات اللازمة والمتعلقة بالأمور التجارية والصناعية والزراعية والاستثمارية. ه- تذليل الصعوبات الناجمة عن انتقال البضائع بين الدول العربية. و- دراسة فرص الاستثمار في الدول العربية وتوجيه فوائض الأموال العربية للاستثمار في مشاريع البنية التحتية علي نظام (البوت) مما يحقق مردودا أعلي من مردود الاستثمار في خارج العالم العربي، هذا بالإضافة إلي حل مشاكل البنية التحتية للدول العربية. (3) تشكيل مجلس إدارة يمثل القطاع الحكومي والقطاع الخاص لوضع خطة تهدف لتحقيق تلك الأهداف وان يتم إنشاء أربعة فروع علي أن يكون المركز الرئيسي مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية وذلك لما لها من مكانة اقتصادية وجغرافية مرموقة تؤهلها لذلك والفروع الأخري مقرها تونس في المغرب العربي / القاهرة/ بيروت في المشرق العربي / دبي في مجلس التعاون الخليجي. خامسا- مصداقية الشعارات العربية: ضرورة خلق مناخ منطقي وعقلاني للتصالح مع أنفسنا وإزالة التناقضات التي يعيشها كل مواطن عربي في أي دولة عربيه وذلك ناتج مما تطرحه الدول العربية في الاجتماعات الرسمية وأجهزة الإعلام المختلفة بالتأكيد الدائم علي وحدة الأمة العربية وأن مصيرها واحد ومستقبلها واحد واقتصادها يكمل بعضه البعض في حين يري المواطن العربي في التطبيق العملي والمعايشة اليومية تناقضا خطيرا في السلوك والممارسات اليومية التي تتعامل من منطلق تشريعات وقوانين ولوائح كل دوله تؤكد مفهوم الإقليمية البشعة وتمارس التمييز العنصري بين العرب المقيمين في أية دولة عربيه مما يتناقض ذلك السلوك مع ما تعلنه الدول العربية وما نصت عليه دساتيرها بأنها جزء من الآمة العربية وأن ما يجمعنا وحدة مصير ووحدة لسان ووحدة جغرافيا ووحدة مصلحة، والتأكيد بأن مضمون العروبة أمر يكاد أن يكون موجودا فقط في خيال الحالمين لدي بعض المواطنين العرب. تأسيسا علي ما سبق، يمكن القول إنه لابد لنا إذا أرادت الأمة العربية أن تواجه القرن القادم وتستعد له كما استعدت أوروبا التي وضعت نصب أعينها أهدافا محدده وواضحة بأن الأمن المشترك ومصلحة التكامل الاقتصادي فيما بينها يعلو علي كل الأنانيات الإقليمية الضيقة ويجعل منها إذا اتحدت وتكاتفت قوة مرهوبة الجانب يحسب لها ألف حساب واستطاعت أن تحقق لشعوبها استقرارا في المعيشة ونموا في الاقتصاد وتطورا في التنمية ذلك ما يتمناه كل عربي غيور علي مستقبل أمته أن نصل إلي ذلك المستوي ونجعل المصلحة القومية فوق كل الاعتبارات عندها يتحقق الأمن والاستقرار للجميع ونستطيع بناء مستقبل مشرق للأجيال العربية. وما دام الأمر كذلك وما دام كل منا يفكر بأنانية وبإقليمية لا يري غير نفسه ولا يعلم ما يدور حوله ولا ينظر إلي ما يحقق له مصلحة أمته بضمير يقظ وإدراك لمسئوليته القيادية وتقديرا سليما لمجريات الأحداث وما قد تعكسه سلبا علي مصلحته فإننا لن نستطيع أن نتجاوز العقبات التي تحول بين تمنيات القيادات العربية والتي تؤكدها دائما الشعارات الرنانة وتصبغها بصيغ مختلفة لتوحي إلينا بأننا امة واحدة وبينما هو واقع في الممارسات اليومية التي تؤكد بكل القوة عدم الإيمان بتلك الشعارات بل أن القوانين ذاتها تتعارض في موادها مع ما تطرحه الأجهزة الإعلامية في العالم العربي من بيانات وشعارات العروبة والمصير المشترك مما يشكل نوعا من ازدواج الشخصية وما يسمونه بالشيزوفرونيا الذي يحتاج إلي علاج طويل كي نتعافي منه وآمل أن يتم الشفاء قبل فوات الأوان لأننا علي مر التاريخ لم نعط أهميه للفرص التي مرت علينا فضاعت. سادسا- السوق العربية المشتركة: لابد من وضع استراتيجية للسوق العربية المشتركة، وذلك بإنشاء آليات يشترك فيها القطاع العام في الدول العربية والقطاع الخاص لتحقيق حركة التجارة بين الدول العربية واستغلال كافة الطاقات المالية والفنية والخبرات الاقتصادية في إنشاء السوق العربية المشتركة، والتي يجب أن يتوفر لها ما يلي: (1) تشكيل مجلس إدارة السوق من وزراء الاقتصاد في العالم العربي ورؤساء الغرف التجارية وأن تتقدم كل دولة بترشيح (3) من أهم شركات القطاع العام لديها و(3) من أهم شركات القطاع الخاص. (2) تعيين أمانة عامة للسوق، ويتم اختيار مركز السوق في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة بحكم موقعها الجغرافي وبحكم ما وصلت إليه من تطور وتوفر الخبرات المتخصصة للتسويق والاتصالات، بالإضافة إلي أنها أصبحت مركزا عالميا في المعارض الدولية، وتوفر البنية التحتية للتصدير إلي مختلف دول العالم كما أن حكومة دبي وضعت أولوياتها للحركة الاقتصادية، وانفتاحها علي العالم مقدمه كل الدعم والمساندة اللا محدودة لتطوير مكانتها الاقتصادية العالمية. (3) يجتمع مجلس إدارة السوق كل 3 شهور لإعداد كافة التنظيمات واللوائح. (4) التنسيق بين كافة الشركات الملاحية ووسائل النقل الأخري لتوظيفها في خدمة الحركة الاقتصادية والتسويقية بين الدول العربية. (5) متابعة المسئولين في الدول العربية بشأن وضع الاتفاقية الاقتصادية الموقعة بين الدول العربية موضع التنفيذ. (6) تذليل كافة العقبات لمرور البضائع بين الدول العربية. (7) توظيف خطوط الائتمانات المالية المعتمدة من قبل صندوق النقد العربي في تغطية التجارة البينية وتشغيلها بين الدول العربية. (8) عرض تقرير كل ستة شهور علي مجلس السوق المشتركة لشرح ما وصلت إليه انجازات السوق العربية المشتركة وطرح المشاكل والعقبات لاتخاذ قرارات عمليه من أجل حلها. (9) وضع انظمه وقوانين لإعطاء الضمانات الكافية للمستثمرين العرب. وخلاصة القول، وحتي نستطيع أن نكون في موقف القدرة للاستعداد لدخول القرن الجديد علي الدول والقيادات العربية مسئولية تاريخية أمام شعوبها التي تشتت وتخلفت وضاعت ثرواتها دون طائل وتردت في بعض الدول أوضاعها الاقتصادية، وهي تعيش علي أراضي حباها الله من كل الخيرات ومع الأسف فإنها تري ثرواتها تلك تضيع أمام أعينها دون أن توظف في خدمة أوطانهم لتحقق لهم بها العيش الكريم. ومن أجل مستقبل مشرق لأبناء الأمة العربية ومن أجل إنعاش الطاقات المبعثرة وتوظيفها في خدمة المشروع القومي علي مستوي العالم العربي وصولا به إلي تحقيق القدرة علي مواجهة قرن جديد لا نعلم ما يخفيه لنا القدر حيث أمرنا الخالق سبحانه بالاستعداد دائما والتخطيط لكل أمر وعليه فان ذلك يتطلب إعداد منهاج عمل عربي مشترك لمواجهة أعباء ومتطلبات القرن القادم، وذلك كما يلي: سابعا- المشروع القومي: (1) تشكيل فريق عمل من وزراء التربية والاقتصاد والشئون الاجتماعية والإعلام والخارجية ووزراء العدل يشترك معهم ثلاثة من أعضاء البرلمانات العربية من كل قطر يتولي إعداد إستراتيجية ترقي إلي تصور مشروع قومي للامه العربية تتحد فيه المعالم التالية: إعداد مشروع أساسي جديد للعلاقات بين الدول العربية وأساليب الاتصال فيما بينها لتحقيق وحدة في الموقف السياسي وترسيخ مفهوم وحدة الأمة ومصيرها المشترك. (2) إعداد مشروع وثيقة شرف تلتزم بها الدول العربية وتضع أسلوبا جديدا للعلاقات السياسية بين الدول العربية وتحديد طرق الاتصال فيما بينها لتحقيق وحدة الموقف السياسي وترسيخ مضمون وحدة الأمة العربية والمصير المشترك، ومن ذلك استحداث آليات جديدة منها شبكة اتصالات خاصة تمكن الزعماء العرب من الاتصال المباشر وتبادل وجهات النظر في أي موقف طارئ لمنع مضاعفاته وما قد ينتج عنه من فتنه أو الاتفاق علي موقف موحد يخدم مصلحة الأمة العربية. (3) تحرير المواطن العربي من الخوف والقلق ليكون آمنا علي حياته وعرضه ورزقه فلا يباغت ليلا بتوقيفه أو مصادرة أمواله أو تقييد حريته إلا بناءاً علي جريمة ارتكبها وحكم صادر بحقه من المحاكم المختصة، ووضع كافة الضوابط القانونية لحمايته والمحافظة علي كرامته وحماية حقوقه في حرية التعبير دون اعتداء منه علي دين أو إنسان أو التحريض علي عمل سلبي يضر بالمجتمع، فله كل الحق بعد ذلك أن يعبر عن قناعاته ويقدم النصيحة المخلصة لخدمة الوطن وينبه للأخطاء والأخطار التي تهدد امن مجتمعه وان هذا السلوك هو تشريع سماوي تؤكد عليه الآيات القرآنية ومنها علي سبيل المثال قوله تعالي ((ولتكن منكم امة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)) صدق الله العظيم وبذلك السلوك يستطيع المجتمع أن يعالج الأخطاء فور حدوثها ويتجنب مضاعفاتها ليستمر المخلصون في إبراز أوجه النقص لتلافيه، وحينها تستطيع المجتمعات العربية أن تقٌوم نفسها وتصحح أخطاءها وحين ينتشر الأمن والأمان. وعليه، سنجد الكفاءات المخلصة والمواطنين الصالحين يتقدمون الصفوف في بذل التضحية وتقديم الحلول العملية لمعالجة ما يطرأ من مشاكل اجتماعيه والتي تعتمد أساساً علي بناء قاعدة العدل في كل الأمور وعندئذ لن تري بائسا محبطا يندب حظه من عدم الحصول علي حقه في السكن أو مواطن يبحث عن قوت لأطفاله أو عمل يتكسب منه. وإذا استطاعت الأنظمة وضع قوانين الضمان الاجتماعي حينها نستطيع أن نري المواطن يقدم كل ما لديه في خدمة مجتمعه ويضحي بكل ما يملك من وقت ومال وجهد وحتي الزود بالروح عن الوطن الذي أعطاه الأمان واحتضنه في حمايته وضمن له عيشا كريما له ولأسرته واحترم قناعاته وسهل له وسائل التعبير عن رأيه فاستحق ذلك الوطن بجداره كل الولاء وكل التضحيات. (4) تتولي اللجنة إعداد مشروع قرار بإلغاء التأشيرات بين الدول العربية وذلك لكي يتفق مع ما تصرح به الدول العربية، ولكي تؤمن بما تعلنه، ولكي تكون صادقه بما نعتقده بأننا أمه عربية واحدة ومصيرنا واحد ومستقبلنا واحد، وما يحققه ذلك من نتائج مهمة في تأكيد مضمون الوحدة العربية، وتبادل المصالح بين شعوبها وإمكانية انتقال العمالة العربية الفائضة إلي الدول العربية التي تفتقر للعمالة بحيث سيساعد علي تنشيط الحركة الاقتصادية بالإضافة الي ما يمكن أن يتحقق من جراء ذلك من المحافظة علي عروبة بعض الدول التي أصبحت نسبة العمالة الأجنبية غير العربية تشكل خطورة علي أمنها القومي وعلي عروبتها وثقافتها. (5) أن تلتزم القيادات العربية التزاما قاطعا وصادقا ومخلصا بعدم اتخاذ مواقف في السياسة الخارجية منفردة، وما جره ذلك السلوك علي الأمة العربية، وأعاق تحقيق أهدافها القومية وضاعف من تشردها وتمزقها. ومن هنا، فإن ذلك الموقف يفرض نفسه بشده علي تحقيق مبدأ التشاور بين الدول العربية ويكون للجامعة العربية دور إيجابي في تحقيق التنسيق وسرعة الاتصال بعد إعادة تنظيمها وتعديل قوانينها ولوائحها التنظيمية لتكون مؤهله لتحمل مسئولية القرن الجديد وما يتطلبه من حشد الطاقات وتوظيفها في خدمة الأهداف القومية. ثامنا- الخلافات العربية: (1) إن من أهم أسباب الخلاف بين الدول العربية القضايا الحدودية، وهي من أهم التركات التي تركها لنا الاستعمار قبل خروجه من الوطن العربي، والتي تسببت في بعض الأحيان إلي حروب مدمرة وضياع فرص في التقدم والتعاون حينما نقوم بإحراق ثرواتنا في تلك المعارك وتقطيع أواصل الرحم فيما بيننا وكائننا بالرغم من مرور أربعة عشر قرنا والنور الذي أنزله الله علي محمد صلي الله عليه وسلم لم يفلح في أن نغير من أسلوب التعامل فيما بيننا حتي ظلت عقلية داحس والغبراء وحرب البسوس مازالت تعشعش في عقولنا وتؤكدها تصرفاتنا وممارساتنا اليومية في التعامل مع بعضنا ولحل تلك المعضلة لابد وان يتطلب ما يلي: ( أ ) تشكيل محكمه عدل عربيه يتم اختيار إحدي الدول العربية مقرا لها ويختار القضاة علي أساس أن ترشح كل دولة عربيه قاضيا ويتم تعيين خمسة قضاه للمحكمة بواسطة القرعة حيث تجري بين الأعضاء المرشحون علي أن يعاد الترشيح كل خمس سنوات. (ب) تنظر المحكمة في كل القضايا الخلافية بين الدول العربية المعنية، وترفع حكمها إلي مجلس الجامعة للمصادقة عليه حيث يكون ملزما لكل الأطراف وتلتزم الدول العربية بتطبيقه فورا. (2) تشكيل لجنة الحكماء، وهي تتألف من ثلاثة رؤساء من قادة الدول العربية بحيث تغطي الثلاث قطاعات الجغرافية الرئيسة كمايلي: أ- اختيار لجنة الحكماء من (1) احدهما من المغرب العربي (الجزائر \المغرب \موريتانيا \تونس \ ليبيا ) ب - الشرق الأوسط (سوريا \مصر \السودان \ لبنان\ الأردن) ج - الخليج العربي ( السعودية \العراق\ الكويت \عمان\ الإمارات \البحرين \قطر ) ويقترح أن تتولي لجنة الحكماء حل الخلافات بين الدول العربية عند بدايتها قبل أن تستفحل وتتخذ من الوسائل المتاحة والاستفادة من الخبراء والقانونيين والسياسيين في الوطن العربي لتحقيق المصالحة بين الدول المعنية بإيجاد الحلول المناسبة حتي لا تتكرر وتضييع جهود الأمة العربية هباءاً بين الخلافات والصراعات التي للأسف تحولت بعض الأحيان إلي حروب مدمرة أكلت الأخضر واليابس. (4) دعوة كافة القيادات العربية وعلي كل المستويات إلي وقفة صريحة وأمينة مع النفس والضمير لتناقش سؤالا واحدا، هو: إلي أين نحن ذاهبون؟ ثم نلتفت إلي الوراء خمسون سنة فقط من عمر الجامعة العربية ما هي حصيلة نصف قرن؟. أدعو الله أن يعين القيادات السياسية إلي أن نستطيع الإجابة قبل فوات الأوان. حينها لن ينفع الندم وفلسطين تعيش في قلوبنا مثلا حيا يدمي القلوب وتذرف العيون دما بدل الدموع. حتي لا تتكرر مأساة أخري والسبب لأننا لا نقوم بعملية تقييم ما جري ونتعرف علي أسبابه حتي نستطيع أن نتجنبه في المستقبل. تماما كما حدث أثناء غزو العراق للكويت التي فقدت حينها استقلالها واحتلت أرضها لأشهر معدودة وفي المقابل فقدت العراق سيادتها أكثر من 9 سنوات، وفقدت عتادها الذي كان يمكن أن يكون قوة للأمة العربية وفقدت مئات الآلاف من أبنائها ولازالت تحت الوصاية هل كلف مؤتمر القمة العربي بعد هذه المأساة مجموعة عمل متخصصة تبحث بحيادية وبضمير لا يعرف غير الله رقيبا عليه ومصلحة الأمة العربية هي فوق كل الاعتبارات بحيث نعرف أسباب المشكلة، وكيف نستطيع الخروج منها، وكيف نمنعها أن تتكرر مرة ثانية دون محاباة لأحد أو خشية من بطش. إن إدراك تكرار ما سبق، يتطلب الدراسة الموضوعية علي أساس أن كليهما أخوة لنا فلا نفرط في احد منهم وذلك تطبيقا لشرع الله وما نص عليه القرآن الكريم بقوله تعالي ((وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي الأخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفيء إلي أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)) صدق الله العظيم. لماذا لا تكون هذه الآية قاعدة أساسية تلتزم بها الجامعة العربية وتحترمها الدول العربية التي أقرت في دساتيرها أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام. وهو ما يعني أن الدولة ملتزمة التزاما كاملا أمام أبناء شعبها بتطبيق شرع الله فيما يحقق المصلحة العليا لأبناء الأمة العربية المسلمة. ما سبق، يمثل خواطر وأماني موطن يعيش هموم أمته ويتألم لما آلت إليه علاقاتها من خلافات لا تجد طريقا لحلها وردود الفعل تعمق العزلة بينها. ويري أنه لو اتخذنا الحوار طريقا وحيدا لمراجعة مواقفنا وتصحيح الأخطاء لن نصل إلي ما وصلنا إليه من أوضاع لا نحسد عليها. فليكن الحوار المخلص سبيلنا لمعالجة ما يستجد من أمور والمصارحة طريقنا في مواجهة ما يطرأ من مشاكل والإخلاص سلوكنا في النصيحة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. وبأننا بإذن الله قادرون علي تجاوز محنة الفرقة إذا استعادت القلوب صفاءها وتمسكنا بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام (لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه) فليكن ذلك شعار المرحلة القادمة وعندها ستتحقق كل الأهداف وتتصافح الأيادي وتلتقي القلوب علي المحبة والمودة والله قادر علي أن يعيننا علي ما ابتلانا به وهو السميع الخبير.