أكد المشاركون في برنامج "ندوة للرأي" - والذي نظمته اليوم الأربعاء وزارة الأوقاف في إطار الدور التوعوي- أن الرحمة في الإسلام واجبة للإنسان وغير الإنسان، فالإسلام يراعي الضعيف قبل القوي والصغير قبل الكبير والمريض قبل الصحيح. قال الدكتور بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الأسبق، في ندوة بعنوان "أخلاق الإسلام في التعامل مع الكبار وذوي الهمم" بمبني الإذاعة والتليفزيون، أن الإسلام دين الأخلاق الفاضلة، وأولي كبار السن وذوي الهمم عناية خاصة، وجعل الرحمة بهم أمرًا واجبًا شرعًا، حيث يقول تعالي: "إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا"، وتابع "ما أحوجنا أن ننشر خلق الرحمة فهو من مبادئ الإسلام السامية وتحدث عنه القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالي سمي نفسه الرحمن والرحيم وصور لنا النبي (صلي الله عليه وسلم) هذا الخلق الذي قسمه الله (عز وجل) إلي مائة قسم فأمسك الحق سبحانه وتعالي تسعة وتسعين لذاته وأنزل قسمًا واحدا تتراحم به الخلائق فيما بينها. وأضاف عن سيدنا أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وسلم) يقول: (جَعَلَ اللهُ الرحمةَ مائة جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وأَنْزَلَ في الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الخَلَائِقُ، حتي تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ)، وتعاليم الإسلام كلها تدعو إلي التراحم بين الناس، فمن ذلك قول سيدنا رسول الله (صلي الله عليه وسلم): " الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ.. ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ". وأكد عوض، أن الرحمة في الإسلام ليست قاصرة علي العلاقة بين المسلمين بعضهم مع بعض، بل واجبة للمسلم وغير المسلم وللإنسان وغير الإنسان، مشيرًا إلي أن طائفة من بين بني البشر تمتاز بأنها صاحبة حظ وفير من الرحمة أكثر من غيرهم وهم من يسمون بذوي الاحتياجات الخاصة أو أصحاب الأعذار، ونحن نسميهم أصحاب الهمم العالية، فهم يحتاجون إلي قدر أكبر من الرحمة في التعامل معهم. بدوره، أكد الدكتور محمد علي سلامة أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة حلوان، أننا مطالبون أن ندعو الله باسم الرحمن قال تعالي: " قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّامَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَي"، وأن الله لم يسم سورة في القرآن باسم من أسمائه الحسني إلا سورة الرحمن وهذا الاسم من أكثر أسمائه (سبحانه وتعالي) تداولًا في القرآن الكريم بعد اسم الجلالة، موضحًا أن الرحمة التي نشرها رسول الله (صلي الله عليه وسلم) من خلال سيرته تملأ قلب الصغار والكبار حنانًا وحبًا، فلما قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الْأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ قَالَ: " مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ ". وأضاف أن الإسلام دين الرفق والرحمة والمحبة والمودة، يعطي جميع فئات وطوائف المجتمع حقها في العيش الكريم والحياة السعيدة، ويراعي فيهم الضعيف قبل القوي والصغير قبل الكبير، والمريض قبل الصحيح، مؤكدًا أن أخلاق الإسلام جاءت لتراعي الفئات الضعيفة التي لا تقوي علي قضاء حوائجها، أو السعي في مصالحها، وهي فئات مهمة في المجتمع ولها دورها، لأن الإسلام لا يعرف ما يسمي بالفئات المهمشة، فالجميع فيه سواء الرجل والمرأة، الصغير والكبير، الغني والفقير. تأتي الندوة في إطار التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني، من خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري، تحت رعاية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة.