'قاعة محكمة وقد إمتلئت عن آخرها.. قفص حديد بداخله سائق تاكسى ينتظر الحكم عليه' الحاجب: 'يفتتح الجلسة'..محكمة يقف الجميع ..يدخل القاضى والمستشاريين.. وقد أخذ كلاً منهم مكانه على المنصة القاضى: 'للحاجب' نادى على القضية الأولى الحاجب: القضية رقم واحد جنايات المنصورة لسنة 2013 القاضى: النيابة تتفضل النيابة: سيدى القاضى ..إننى أطالب بتوقيع أقصى العقوبة على المتهم الماثل أمام عدالتكم حتى يكون عبرة وعظة للجميع. القاضى: الدفاع يتفضل الدفاع:سيدى القاضى حضرات المستشاريين بالله عليكم أطالبكم بأن تنظروا بعين الرأفة والرحمة إلى موكلى.. النيابة: عين الرحمة!! ..وتسبب فى مقتل أربعة عشر شخصاً!! الدفاع: 'للقاضى' أرجو أن لا تقاطعنى النيابة سيدى القاضى القاضى: 'للدفاع' أكمل يا أستاذ الدفاع:سيدى الرئيس حضرات المستشاريين.. نعم أريدكم أن تنظروا إلى موكلى بعين الرأفة والرحمة ..نعم موكلى خالف القواعد المرورية التى نص عليها القانون وسار فى الاتجاه المعاكس مما أدى إلى الاصطدام بسيارة أخرى أودت بوفاه جميع ركابها النيابة: إذن تعترف بمخالفة موكلك للقواعد المرورية وتعترف أيضا بأنه المتسسب فى وفاة من كانوا فى السيارة الأخرى الدفاع: 'للقاضى' سيدى القاضى أرجوا أن لا تقاطعنى النيابة مرة أخرى القاضى: 'للدفاع' أكمل يا أستاذ الدفاع: سيدى القاضى.. موكلى لديه أسباب إنسانيه دفعته إلى إرتكاب هذا الجرم النيابة: أسباب!! أى أسباب إنسانية تدفع إلى إرتكاب مثل هذا الجرم البشع، فهذا الجرم مخالف لكل القواعد الانسانية الدفاع: نعم أسباب انسانية دفعته إلى هذا الجرم.. موكلى لدية أم مسنة تمتلك من الأعوام تسعين، وتعانى من أمراض مزمنة، خرج موكلى لشراء العلاج الذى كتبه الطبيب المعالج لها بعد أن انتابتها آلام المرض، وكان الطريق مزدحماً فسار فى الاتجاه الاخر للطريق فحدثت هذه الفاجعة ' القاضى يهمس فى أذن مستشاريه .. ينظرون إلى السائق بنظرات العطف والرحمة' القاضى: 'للسائق' أتريد قول شىء؟ السائق: نعم!! سيدى القاضى القاضى: تكلم السائق: نعم سأتكلم، وليكن ما يكون القاضى: يكن ما يكون!! إذن لديك من الأسرار ما هو عظيم السائق: نعم القاضى: تكلم السائق: 'للقاضى' .. سيدى القاضى هل القانون يسرى على الجميع؟ القاضى: نعم القانون يسرى على الجميع السائق: أعترف سيدى القاضى بجرمى هذا 'يعلو صوت الحضور ويحدث ضجيج.. القاضى يطلب السكوت' القاضى: 'للحضور'.. السكوت..السكوت، والا سأخلى القاعة فوراً 'تهدأ القاعة بعد أن سكت الحضور' القاضى: 'للسائق' اكمل السائق: سيدى القاضى .. بالفعل خالفت القواعد المرورية التى نص عليها القانون، مما تسبب فى مقتل أربعة عشر شحصا .. وإننى مذنب ولا يجوز للمرء مخالفة القانون مهما كانت الأسباب والحجج ، ولكن اطلب.. القاضى: لكن، تطلب ماذا؟.. تكلم السائق: شهادة الرئيس وتحمله المسؤلية معى ' صوت عالى من الحضور ويحدث ضجيج وعلامات التعجب والذهول على وجوه الجميع' القاضى: 'للحضور' السكوت.. السكوت..'ثم يلتفت إلى السائق قائلا' وما علاقة الرئيس بقضيتك؟! السائق: حينما خرجت لأشترى الدواء لأمى بسيارتى الأجرة وجدت الطريق مغلقاً بسبب مرور موكب الرئيس من هذا الاتجاه..وليتحمل المسؤلية المتسبب الاصلى فيها 'القاضى يهمس فى أذن مستشاريه.. ويرفع الجلسة للتداول' القاضى: رفعت الجلسة للتداول الحاجب: محكمة ' يقف الجميع .. ويغادر القاضى ومستشاريه قاعة المحكمة ..الحضور يتحدث كل واحد إلى الجالس بجواره ' يقول أحدهما للآخر: أجُن هذا السائق؟!! يحمل الرئيس جريمته التى إرتكبها هو؟! الآخر: يبدو ذلك 'يتحدث إثنان آخران يقول الأول للثانى' الأول: ياله من سائق شجاع .. الثانى: حقاً شجاع .. لكن لماذا لم يذكر دفاعه القصة كاملة ؟ .. ' الدفاع يتجه إلى السائق فى محبسه' الدفاع: ' للسائق' سامحنى لعدم ذكرى الحقيقة كاملة ..فقد خشيت عليك وعلى أسرتك السائق: خشيت على أسرتى؟!! ..فالخوف من بطش الحاكم يعطى فرصة أكبر لتجبر أى مسئول وبعدها نجلس ونبكى على ظلمهم بنا الدفاع: نعم ..معك كل الحق السائق: وما توقعاتك فى القضية؟ الدفاع: لاتستبق الأمور.. فعما قليل سيخرج القاضى ونعرف حكمه السائق: وهل سأتحمل عقوبة مخالفة القانون وحدى؟ الدفاع: رفقاً بك أيها السائق السائق: ولماذا لايعاقب الرئيس هو الآخر لمخالفته القانون والدستور؟ الدفاع: صه..صه..صه السائق: يجب أن يطبق القانون على الجميع ..على الرئيس والرعية، فقد خالف الرئيس حكم المحكمة الدستورية بإرجاعه مجلس الشعب الذى حُل بقوة القانون، وأصدر إعلاناً دستورياً ليس من حقه، وتدخل فى شئون القضاء.. لماذا أنا وحدى أعاقب على مخالفة القانون؟ الدفاع: صه..يبدو أن جلسة التداول قد إنتهت فإنى أرى الحاجب قادم الحاجب: محكمة 'يقف الجميع.. يدخل القاضى ومستشاريه.. كلاً منهم قد أخذ مكانه على المنصة' القاضى: تؤجل القضية إلى جلسة 25 يناير من العام 2013 ونطلب من النيابه إستدعاء رئيس الجمهورية للإستماع إلى أقواله فى هذه القضية. الحاجب: محكمة 'يقف الجميع ويغادر القاضى ومستشاريه قاعة المحكمة..ويذهب السائق إلى محبسه بالسجن' وفى اليوم 25 يناير من العام 2013 توجهت كل وسائل الاعلام لتغطية هذا الحدث وتردد على شفاه الجميع سؤال واحد وهو.. هل ياترى سيحترم الرئيس القانون هذه المرة ويحضر الجلسة؟ أم سيضاف إلى سجل إختراقه للقانون إختراق آخر؟ وبالفعل لم يحضر الرئيس جلسة المحكمة وأضاف إلى سجله خطأ آخر وتفجر الناس غيظاً لإنعدام الأمل لديهم فى ترسيخ دولة القانون التى طالما حلموا بها، وخرجت الملايين الهادرة فى كل ميادين الجمهورية تطالب بعزل الرئيس. وهذا هو مصير أى حاكم لا يحترم القانون والدستور