أقام قطاع شؤون الإنتاج الثقافى، برئاسة المخرج خالد جلال، ملتقى الهناجر الثقافى الشهرى تحت عنوان: (الإعلام.. والمسؤولية الوطنية)، وأدارت النقاش الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مديرة الملتقى ومؤسسته، وذلك بمركز الهناجر للفنون بساحة دار الأوبرا المصرية، بمشاركة كل من: الكاتب الصحفى الكبير مصطفى بكرى، عضو مجلس النواب، والدكتور طارق سعدة، نقيب الإعلاميين وعضو مجلس الشيوخ، والدكتور محمد عبد الوهاب، رئيس مجموعة قنوات النهار، وحسن هويدى، وكيل وزارة الإعلام السابق، والدكتور حسام فاروق، نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية ومقدم برنامج بالبنط العريض بماسبيرو، وتخللت كلمات المشاركين فقرة فنية بقيادة المايسترو الدكتور محمد عبد الستار، بمصاحبة فرقة: (عشاق النغم)، التى قدمت مجموعة من الأغانى الوطنية والتراثية، مع مشاركة فنية متميزة لنخبة من الأصوات الواعدة العذبة، وهم: المطربة زينب حسن، المطرب أدهم جوهر، المطرب حسام حسنى، والطفل محمد عصام صبحى. أعربت الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مديرة ملتقى الهناجر الثقافى ومؤستسه، عن سعادتها بالحضور الكبير، وتابعت مؤكدة تأثير الإعلام الكبير فى مختلف شرائح المجتمع؛ ففى ظل المتغيرات التى يشهدها المجتمع المصرى من تحديات وتحولات يتردد الحديث عن أن الإعلام بات يمثل الشىء الوحيد الذى يُخشى على مصر منه، اكثر من كل ما تتعرض له مصر من مؤامرات وتهديدات، وتناولت عدة اصطلاحات مثل :الإعلام المنفلت، الانفلات الإعلامي، وإعلام التعبئة، وكذلك الإعلام البديل (التواصل الاجتماعى) مستعرضة ما له من تأثير متزايد، وأشارت إلى أن الإعلام يمثل أحد أهم المحاور التى يمكنها المساهمة بشكل فعال فى نهضة الوطن؛ شريطة أن يتم إدارته بما يخدم قضايا الوطن، وأن الوعى يمثل محورًا مهمًا لمجتمعنا؛ فهو ما سينقذنا أمام أى تحديات، واستشهدت بتأكيد فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى مؤخرًا أن الوعى يُعد اللقاح الحقيقى لكل ما يتعرض له الوطن من تحديات وللوقاية من تفشى عدوى (كوفيد-19)، وتابعت حول أهمية ارتكاز الإعلام بشكل خاص على الضمير والأمانة والشرف، مستشهدة بمقولة (جوزيف جويلز) وزير الإعلام الألمانى إبان عصر الحكم النازى: "أعطنى إعلامًا بلا ضمير.. أعطيك شعبًا بلا وعى!"، واستشهدت كذلك ببيتين للمفكر الكبير عبد الرحمن الشرقاوى من مسرحيته الشعرية: (الحسين ثائرًا): الكلمة نور..ىوبعض الكلمات قبور.. كما أكدت الدكتورة ناهد عبد الحميد فى مختتم كلمتها أن الإعلام يمثل رمانة الميزان بكل الأوطان؛ فإذا انصلح حاله انصلح حال المجتمع بشكل عام. كما أشارت إلى أن تردد تفوق الإعلام البديل على التقليدى، يأتى استنادًا إلى استعانة الإعلام التقليدى بما ينشر عبر الإنترنت من كتابات وصور ومقاطع فيديو، من خلال مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة. فيما أشار الكاتب الصحفي الكبير مصطفى بكرى عضو مجلس النواب إلى أننا نعيش وسط ثورة تكنولوجية لا تحدها ضوابط محددة، مما غير فى الأنساق الفكرية المغلقة وجعلها بهذا الانفتاح المعلوماتى الضخم، مما ساعد على انتشار ثقافة تفكيك البناءات القوية، ومن هنا جاءت مخططات تفكيك الدول، مثل ما سمى بالشرق الأوسط الجديد، وقد انعكس كذلك بالتبعية على الطبقة الوسطى التى تُعد رمانة ميزان المجتمع؛ فكان علينا كصحفيين وإعلاميين ومثقفين أن نتمسك بثوابتنا الأساسية، وأبرزها يتمثل فى كيفية حماية الوطن عبر إعلام مسؤول مسؤولية وطنية)"، هدفه الأساسى الدفاع عن الدولة المصرية، وسط هذا التشكيك وتلك الحالة من الإرهاب الإعلامى إبان فترة حكم الإخوان، وفى مختتم كلمته، أشار إلى أن الإعلام البديل أصبح بمثابة سلاح بتار خطير، مما يحتم وجود إعلام وطنى قوى يعمل تحت شعار الرأى والرأى الآخر؛ فإذا أنكرنا الحقيقة سنصبح أول من يحكم على خطابنا الإعلامى بالفشل وعدم الوصول إلى الآخر، كما يجب أن يكون خطابنا الإعلامى موضوعيًا ومقنعًا للآخر. ثم أوضح الدكتور محمد عبد الوهاب أن تشكيل وعى المجتمع المصرى شهد تراجع خلال العقود الثلاثة الماضية، وفى حقيقة الأمر إن بداية اصلاح تشكيل وعى المجتمع المصرى يبدأ من النشء، خاصة وإننا نترك عقولهم تتشكل بواسطة محطات فضائية تبث أفكار خطيرة مثل محطة "طيور الجنة"، كما أن العديد من الأطفال على الجهة الأخرى يستقون قيمهم ويتشكل وجدانهم من قنوات إلكترونية عبر موقع: "يوتيوب" بما يبثه من أفكار أجنبية دخيلة لا تتناسب مع مجتمعنا؛ فلابد أن توفر الدولة قناة مخصصة للأطفال تبث محتوى جيد يرتقى بالأطفال المصريين، وتنمى عقولهم وتشكل وعيهم بالقيم الوطنية. كما أكد الدكتور طارق سعدة أننا علينا استلهام أفضل مقومات وإنجازات ماضينا العظيم؛ فالتاريخ عبر العصور ومنذ بدء الخليقة يؤكد أن الحضارة المصرية هى أقدم حضارة على ظهر المعمورة؛ فنحن أمام رصيد مصدرى كبير، كلما جفت المنابع علينا أن نستقى من هذا المعين الخصب، الذى لا ينضب أبدًا، كما أكد أننا أكثر الشعوب حضارة، ولكن ما ينقصنا فقط هو أن نؤمن بذلك، ونثق فى أنفسنا إلى أبعد الحدود، كما يجب أن نؤمن أننا نمتلك وعى وانتماء وقدرة على نقل الحقيقة، وأشار إلى أنه بفضل تطبيقات التواصل الاجتماعى بأجهزة الهواتف الذكية أصبح الجميع إعلاميين؛ لذا فكلنا نقف أمام مسؤولية إعلامية؛ فعلينا التأكد من صحة الخبر الذى نتشاركه، وأن مصدره صفحة رسمية، ولا شك فى أن سبيل الارتقاء بالإعلام الوطنى يكمن فى التطوير والتحديث المستمر وفقًا لمتغيرات العصر. فيما أكد حسن هويدى أننا نشهد تقلص لدور الإعلام التقليدى بالمقارنة مع الإعلام البديل، وأشار إلى أهمية التأثير الإعلامى للقنوات الوطنية، موضحًا حزنه من توقف بث قناة النيل الدولية عبر الأقمار الدولية؛ حيث كانت تبث عبر قمر "نايل سات" و"جالاكسى" لكى تصل للدول الأوروبية والولايات المتحدة، إلا أن بثها عبر قمر "جالاكسى" توقف، وبقيت فقط تبث أرضيًا وعبر القمر المصرى "نايل سات"؛ برغم كونها قناة باللغة الإنجليزية موجهة للخارج بالأساس! كذلك لدينا قنوات جيدة تقدم اعلام وطنى مثل قنوات النيل المتخصصة، التى تضم قناة للأطفال (الأسرة والطفل)، كل ما يحتاجه الإعلام المصرى الوطنى هو الدعم بشكل أكبر من الحكومة. ختامًا تحدث الدكتور حسام فاروق، موضحًا أن الإعلام مسؤول من وعن الوطن، بمعنى التنوير الذى يُعد تحصين للمتلقى، بمعنى تكوين القدرة لديه على الفرز؛ لأن الكذب الإعلامى أصبح منتجًا رائجًا، ولها أدواته المتعددة، وتابع مستعرضًا عدة نماذج سلبية للإعلام الأجنبى مثل موقع: "ميدل إيست آى"، وهو موقع بريطانى أسسه "جوناثان باول" المدير السابق لقناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية، كما أشار إلى أحد التقارير المنشورة بواسطة الصحيفة "روث مايكلسون"، التى قدمت من خلاله احصاء مغلوط تضمن بيانات مضللة حول أعداد المصابين بفيروس (كوفيد-19) فى مصر؛ فتم إلغاء ترخيص عملها فى مصر يوم 20 مارس 2020 وترحيلها، والمدهش أنها مستمرة فى عملها كمراسلة بالقاهرة حتى بعد خروجها من مصر! وفى مختتم كلمته أكد أن السبيل لمقاومة تلك الحملات الدعائية التى تستهدف تعطيل عجلة البناء فى مصر، يكمن فى استعانة الإعلام بأهل الاختصاص، حتى تأتى الردود بواسطة المختصين، مدعمة بمعلومات دقيقة، وموثقة عالميًا.