يحتفل المسلمون في يوم الخامس عشر من شهر شعبان بليلة النصف من شعبان وهي من الليالي التي اختصها الله – تبارك وتعالي - بالفضائل والتكريم حيث اختارها الله – سبحانه وتعالي - لتحويل قبلة المسلمين نحو المسجد الحرام إلي آخر الزمان وتشير دراسة الباحث ابراهيم عناني عضو اتحاد المؤرخين العرب الى أن هذه المناسبة يجتمع خلالها الناس في المساجد وترفع في أرجاء المدينة المشاعل والفوانيس والشموع كما يفرشون البسط والسجادات داخل المساجد وعليها الأواني والأباريق التي امتلأت بالمشروبات التي اعتاد الناس تناولها في هذه المناسبة ويستمعون إلي مشاهير القراء يرتلون آيات القرآن الكريم هذه مظاهر الاحتفال بليلة النصف من شعبان 0 والقبلة هي صدر المسجد الحرام وهي جداره المتجه نحو مكة فإذا صلي الناس تجاهها كانت وجوههم ناظرة إلي بيت الله في ذلك البلد الحرام ، وكانت قبلة مسجد الرسول الأولي ناحية ' بيت المقدس' لمدة ستة عشر أو سبعة عشر شهراً ثم حولها الله – سبحانه وتعالي – تجاه الكعبة فتحولت في مسجد الرسول من الشمال إلي الجنوب وعن أهمية مكة يشير عناني الى ان مكةالمكرمة تتوسط اليابسة وأن ما يحيط بمكة هو العالم بأكمله كما أن لمكة مكانة في غاية الأهمية ليس فقط بالنسبة للأرض بل للكون كله فالقرآن الكريم يقول : { يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} ولقد توصل العلماء إلي إن قطر أي شكل هندسي هو الخط الواصل بين طرفيه مساراً بمركزه ولو جمعنا أقطار السموات والأرض لتبين أن الأرض هي مركز الكون فلا يمكن أن تلتقي أقطار الأرض مع أقطار السموات إلا إذا كانت الأرض هي مركز الكون فإذا كانت الكعبة المشرفة في وسط الأرض وتحت البيت المعمور والأرض والسموات لها أقطار واحدة فمعني ذلك أن الكعبة هي مركز الكون وهذا المركز له عند الله من الكرامات والبركات ما أمرنا به أن يتعرض كل مؤمن ومؤمنة لكرامات وبركات هذا المكان ولو لمرة واحدة في العمر ليؤدي الفريضة وعن تحويل القبلة يقول الله تعالي : { قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون} 'الآية 144 من سورة البقرة' وتوضح هذه الآية كيف كان حال الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان يصلي إلي الكعبة قبل أن يهاجر إلي المدينة فلما هاجر إليها أمره الله تعالي بالتوجه في صلاته إلي بيت المقدس تأليفاً للقلوب وظل يصلي إلي بيت المقدس نحو ستة عشر أو سبعة عشر شهراً كما روي البخاري عن البراء بن عازب وأحب الرسول أن يتوجه إلي الكعبة (قبلة إبراهيم عليه السلام وقبلة أمته إلي يوم القيامة ) فجعل يدعو الله تعالي أن يوجهه إلي الكعبة فنزلت هذه الآية والأمر بالتوجه إلي الكعبة في الصلاة لا ينفي أن بيت المقدس من المساجد المقدسة في الإسلام والتي تشد الرحال إليها ولأنه مسري الرسول ومنه عروجه إلي السماوات العلا وفضل ليلة النصف من شعبان قد ثبت في السنة الصحيحة المشرفة وعن إحياء ليلة النصف من شعبان يؤكد عناني في دراسته أن أول احتفال يعود إلي العصر الفاطمي وكان الاستعداد يبدأ في دار الفطرة حيث تعد كميات كبيرة من الحلوي يستخدم في إعدادها كميات كبيرة من السكر وذلك لتوزيعها علي رجال الدولة القائمين علي الجوامع والمشاهد الشريفة أما الاحتفال الرسمي فيبدأ بعد صلاة الظهر بخروج قاضي القضاة في موكب كبير إلي مكان جلوس الخليفة وتكون قد سدت ورشت بالرمل في الوقت الذي يكون قد اصطف فيه جنود الوالي علي جانبي الطريق وعاد الاهتمام بهذه المناسبة في عصر المماليك ، وذلك بالاحتفال به في حوش القلعة الكبيرة وإقامة الزينات والولائم وتوزيع الصدقات علي الفقراء حيث تسير المواكب وتنشد الأناشيد وكانت تضرب خيمة عظيمة في حوش القلعة ويبدأ الاحتفال بقراءة القرآن ثم يأتي الوعاظ والمنشدون فإذا ما انتهي كل منهم دفع إليه السلطان بصرة فيها دراهم من الفضة وحينما تنقضي صلاة المغرب تمد الأسمطة فيأكل الجميع ويوزع منها علي الفقراء وبعد ذلك يمضي الجميع بقية الليل في سماع المنشدين هذا بالنسبة للسلاطين أما عامة الشعب فكانت تحتفل بهذه المناسبة بأن يأتي كل بيت بمشاهير القراء لتلاوة القرآن الكريم ثم ينشد المنشدون بصحبة الآلات القصائد في مدح الرسول أما النساء فكن يشاهدن الاحتفال خارج المنازل من فوق الأسطح أو يحتفلن به داخل المنزل بإحضار إحدي الواعظات لسماع الوعظ ومن العادات التي يستقبل بها المسلمون ذكري ليلة النصف من شعبان أن يجتمع الناس في المساجد رجالاً ونساء وتعلق في إرجاء المدن المصرية المشاعل والفوانيس و الشموع كما يفرشون البسط والسجادات داخل المساجد وعليها الأواني والأباريق التي امتلأت بالمشروبات التي اعتاد الناس عليها في هذا الموسم ويستمعون إلي مشاهير القراء وهم يرتلون آيات القرآن الكريم ويشارك في هذه المناسبة 'المداحون ' الذين يمدحون الرسول صلى الله عليه وسلم مع ذكر قصة تحويل القبلة مع الإيقاع والدراويش أهم ما يميزهم أنهم ينشدون الأوراد راجين دفع البلاء ومن فلسفتهم أنهم يبغون (الفناء في الغناء) أي يغني المتصوف فيما ينشد حتي يختل توازنه ويسقط علي الأرض وفي هذه الحالة يطلق علي هذا الشخص أنه قد فني في النغمات التي أوصلته إلي تقبل النفحات السماوية بالتطهر وأوصلته إلي تلك الدرجة السامية من العطاء النوراني ومن العادات التي سادت في العصور الإسلامية إقامة الأسمطة والحفلات وكان في العصر الفاطمي وظيفة مهمة وهي {داعي الدعاة } يشرف علي الاحتفالات بحيث يتم الاحتفال بذكري النصف من شعبان وتحويل القبلة في جميع المدن المصرية أما في عصر المماليك فكانت هناك وظيفة ( الساقي) ويشرف علي الحفلات التي تقام بمناسبة الموالد وأيضاً ذكري الاحتفال بليلة النصف كما أن بعض الأثرياء كانوا يقيمون في بيوتهم حفلات دينية حيث يتلو القراء القرآن الكريم وأيضاً تقديم الصدقات ونحر الذبائح بهذه المناسبة واستمر ذلك إلي العصر العثماني والعصور الحديثة حيث تقام الأسواق والشوادر التي تعرض ما يسمي (بحلوي الموسم) وحالياً تشارك الإذاعة والتليفزيون ببرامج دينية عن ليلة النصف من شعبان وتحويل القبلة