"إن الثقافة إذ هي تُؤّول العالم، فإنها تغيره".. عبارة بليغة للفيلسوف الفرنسي الشهير "بول ريكور" تفسر بدقة ما يمكن تسميته ب "مشروع الشارقة الثقافي" على يد حاكمها الشيخ د. سلطان القاسمي، هذا "المثقف الكبير" الذي يواصل نشر وهجه الإنساني والثقافي أينما حل، فما بالنا بموطنه وأرضه (الشارقة) ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة. وللدكتور سلطان القاسمي بصمات محفورة على كل مظاهر الحياة بالشارقة، بدءًا من الشارع ب "مبانيه المنمقة، وطرقه الحديثة، ونظام مروره، فضلاً عن المساحات الخضراء الواسعة التي تسر الناظرين"، مروراً بهذا الكم - وأيضاً الكيف- المُعتبر من المؤسسات والهيئات والوزارات التي تنظم شئون حياة المواطن والمقيم على السواء بلا أدنى تفرقة عبر رؤية حضارية إنسانية رسخها د. القاسمي استناداً إلى ثراثنا العربي الإسلامي العريق، وليس انتهاءًا بتلك الصروح الثقافية والحضارية التي رسخت مكانة الشارقة في القلوب والعقول معاً. أما مناسبة هذا الكلام الأن، فهي حلول ذلك الموعد السنوي الجميل الذي لم يخلف وعده طوال 39 سنة، وأقصد به "معرض الشارقة الدولي للكتاب"، وتقيمه "هيئة الشارقة للكتاب"، والذي ستُعقد فعالياته في الفترة ما بين (4-14) نوفمبر الجاري بمركز إكسبو الشارقة. ولن نضيف جديداً التأكيد على دور د. سلطان القاسمي التاريخي الذي أفرز وجود "الشارقة للكتاب" الذي يُعدّ واحداً من أهم ثلاثة معارض للكتاب على مستوى العالم حيث ثبّت لنفسه مكانة ثقافية وحضارية يتغنّى بها العالم بأسره. وعبر معرض هذا العام، تستضيف الشارقة نحو ثلاثة وسبعين ثقافة وحضارة في حوار يتواصل على مدار أحد عشر يوماً، تحت شعار "العالم يقرأ من الشارقة"، بحضور أكثر من ألف ناشر يعرضون إنتاجهم بأكثر من ثلاثين لغة عالمية، وأكثر من ثمانين ألف عنوان جديد في مختلف الحقول الإبداعية. ويجمع المعرض هذا العام ناشرين عالميين تصدرت مشاركاتهم مصر (202) دار نشر، فالإمارات (186)، ثم لبنان (93)، وسوريا (72)، والسعودية (46) داراً. أما دور النشر الأجنبية، فتتصدرها بريطانيا (39) داراً، تليها أمريكا (29)، ثم إيطاليا (13)، وفرنسا (12)، فكندا (8). ومن ناحية أخرى، يلتقي جمهور المعرض هذا العام مع أكثر من مائة كاتب ومبدع عربي وأجنبي على منصة ركن التواقيع الخاصة، علماً بأن جميع الفعاليات المصاحبة للمعرض ستتم عن بُعد عبر منصة "الشارقة تقرأ"، وذلك انسجاماً مع الإجراءات الاحترازية الرسمية. وأخيراً.. نختم بمقولة د. سلطان القاسمي التي تتصدر موقع المعرض الرسمي إذ يقول: "نحن في الشارقة نقرأ، نريد المجتمع القارئ، وندعو إلى تعميق عادات القراءة بين فلذات الأكباد، بل وإلى توفير الكتب المناسبة للرجال والشباب وللمرأة.. كتب للجميع ولهم فيها منافع. بهذا الفهم تكون واحات الكتب واحات نور لابد من تنميتها وتطويرها... وفي مجالاتها ومساحاتها فليتنافس المتنافسون".