بيانان متلازمان يتحدثان عن التهدئة ووقف كل العمليات العسكرية بين طرفي الصراع في ليبيا، الأول صدر عما يسمى بحكومة الوفاق برئاسة العميل التركي فايز السراج، والآخر عن البرلمان الليبي (مجلس النواب) بقيادة عقيلة صالح. في الظاهر المُعلن يبدو أن التهدئة قد تفضي إلى الحل السياسي المنشود بعيدًا عن الحل العسكري، الذي لم يحسم الأمر حتى الآن رغم تأجج الصراع بين الطرفين لعدة أعوام، ولكن "النوايا" يصعب رصدها من جانب السراج وعصابته الذي باع ليبيا لبلطجي الأناضول أردوغان الطامع في الثروات الليبية من النفط والغاز، ولولا الخط الأحمر الذي وضعته مصر (سرت/ الجفرة) لربما كان أردوغان بميليشياته وعتاده العسكري الآن في منطقة الهلال النفطي!!. بيان العميل السراج تحدث عن إخراج الميليشيات الأجنبية من البلاد، والدعوة لانتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس 2021م، وتكوين حكومة جديدة تتولي شئون البلاد على أن يكون مقرها المؤقت في سرت. بينما أشار بيان البرلمان الليبي إلى ضروة خروج القوات الأجنبية كافةً من الأراضي الليبية، سواء الميليشيات (المرتزقة السوريين، والصوماليين، والتونسيين) أو النظامية (الضباط والجنود الأتراك). ولأن الحكم على جدوى البيانيّن سابقًا لأوانه حتى تظهر النوايا للعلن، فإن عوامل الثقة في العميل السراج وأذنابه من "الإخوان الإرهابيين" شبه منعدمة لعدة اعتبارات: أولها، أنه قد وقّع قبل يومين من إصدار بيانه عدة اتفاقيات جديدة مع الأتراك على هامش الزيارة التي قام بها وزير الدفاع التركي " خلوصي أكار"- ومعه "خيال المآتة".. وزير دفاع قطر خالد العطية- والتي تتعلق بإقامة قاعدة عسكرية بحرية تركية في مصراته، والسماح لعشرات الشركات التركية بالتواجد في الغرب الليبي من أجل إعادة الإعمار، فضلاً عن تثبيت تعويضات بعدة مليارات لشركات تركية متضررة من خروجها من ليبيا إبان ما عرف بثورة فبراير التي انتهت باغتيال معمر القذافي، علمًا بأن هناك تقديرات دولية أكدت أن تركيا قد استولت خلال العامين الماضيين على نحو (35) مليار دولار من البنك المركزي الليبي بطرابلس بمباركة عميلها السراج!!. وثانيًا أن الدعوة لنزع سلاح سرت والجفرة دعوة خبيثة، قد تسمح بعد التهدئة لقوات السراج وميليشياته الإنقضاض عليهما، وهو ما يفطن إليه الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر جيدًا، ويرفضه تمامًا. وثالثًا، أن الحديث عن خروج الميليشيات في عُرف السراج وعصابته يختلف عن مفهومه لدى البرلمان الليبي، فالسراج يقصد بها مزاعم وجود ميليشيات سودانية وتشادية ومن شركة "فاجنر" الأمنية الروسية في صفوف الجيش الوطني بقيادة حفتر، بينما الأمر في عُرف البرلمان نحو 20 ألفًا من المرتزقة السوريين الذين استقدمهم أردوغان إلى ليبيا جهارًا نهارًا أمام العالم أجمع.. والمريب أن زيارة "أكار" المشئومة قد تمخض عنها الإتفاق على تجنيس آلاف المرتزقة السوريين بالجنسية الليبية!!