ثمة لغم زرعه البعض في الطريق الذي يصل مصر ومكانتها الطبيعية كدولة زعيمة لها تاريخها عبر آلاف السنين للحيلولة دون الوصول لتلك المكانة الفطرية اسمه: معاهدة السلام الموقعة في مارس 1979!. فمن البديهي ان يكون هناك اتفاقات و تعهدات وبروتوكولات وبنود سرية للحيلولة دون الوصول الي تلك اللحظة التاريخية التي تشعر بها مصر بمكانتها الحقيقة. والشاهد - هنا - هو تلك الأحداث المتسلسلة تاريخيا لتثبت منهجية التركيع والرضوخ السياسي الممنهج 'عربيا - وافريقيا'! لمصر من خلال تلك المعاهدة التي استدرجت مصر ميسور تصبح هي الحصن الحصين لأمن إسرائيل القومي القومي ككنز استراتيجي مهما تعاقبت الحكومات المصرية لها رغم انفها ومعاهدة السلام مضت هذه هي تلك المعاهدة التي سبقها اتفاقيتي 'كامب ديفيد 1، 2' المبرمتين بواشنطن في 19 سبتمبر بعد مباحثات مصرية إسرائيلية استمرت 12 يوم قبل توقيعيهما عليها. وازعم أن متابعة ورصد ما حدث منذ اتفاقيه السلام، وحتي وقتنا هذا، تزداد أهميته ولا تنقص مع التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، و المتعلقة بما يسمي كذابا 'هرتلة عقلية ومنطقية' بالربيع العربي. ومن هذه الزاوية، فآية دعوة لاستحضار معاهدة السلام 'المزعومة' و تغفل دور اتفاقيتي 'كامب دفيد 1، 2' كآلية لحالة التركيع العربي و المصري تجاه إسرائيل، تلغي وتهدد في واقع الأمر مقاصدي المرجوة قبل قراءة سلسة مقالاتي القادمة! وإذا ما حاولنا أن نتقصي العناصر التي أسهمت في صنع تلك الفرية 'اتفاقات وبروتوكولات سرية' والتي قد يظن الكثير اني سأفتريها او اختلقها من نسج خيالي سأفند ما تم رصده وتوثيقه في مضبطة الكينست الاسرائيلي ذاته! في أطول جلسة في تاريخه والخاصة بعملية السلام المصرية الإسرائيلية و ما ذكر بتلك المضبطة من سلبيات اقتصادية من وجه نظر حكومة 'بيجن' حكومة الأغلبية 'اللكود' صاحبة ال 43 مقعد بالكنيست البالغ تعدده 120 مقعد وكذا معارضي تحالف العمال 'المعراخ' وحزب سلام صهيون والتي كانت لها شرف المساهمة الكبري في أن تستمر تلك الجلسة 28 ساعة علي مدي يومان تلك الجلسة الطويلة التي كانت في نهاية انعقادها ان صادق الكنيست علي معاهدة السلام بعد موافقة 84 صوت ضد 19 صوت وامتناع 10 عضوا عن التصويت! فما هي تلك السلبيات الاقتصادية لمعاهدة السلام من وجه نظر المعارضة التسعة عشر؟ فمن المعروف والثابت من واقع المضبطة انه تم حصر النتائج السلبية من وجه النظر الاسرائلية المعارضة في الأمور التالية: 1 - موضوع إعادة تمركز الجيش الاسرائيلي في النقب وما سيترتب عليه من نتائج اقتصادية و اجتماعية تضر بالسلب للأمن القومي. 2 - موضوع تأثير فتح قناة السويس امام السفن الإسرائيلية علي ميناء و مرسي ايلات و التخوف من تحويل ايلات في المستقبل إلي مدينه حدودية. 3 - موضوع فقدان اسرائيل لمصادر النفط والمواقع السياحية في سيناء. والتخوف من تدهور ميزان المدفوعات بقيمة الواردات البترولية ستمثل عبئا اضافيا حيث ان اسرائيل بمجرد التوقيع علي تلك ألاتفاقيه تفقد مباشرتا نحو 32000 آلف برميل يوميا من النفط! تلك النقاط الثلاث التي تم مناقشتها داخل الكينست الاسرائيلي يومي 18 و 19 مارس 1979 من واقع مضبطة الجلسة التي صادق فيها الكنست علي معاهدة السلام. هذا الكنيست الذي اتهم الأم الحاضنة له أمريكا في 19 ديسمبر 1978 بالتحيز إلي جانب مصر و انتهاج سياسة غير عادلة! ووافق هذا الكينست الأشهر 'التاسع في تاريخ إسرائيل' بقيادة حكومة 'بيجن' علي قرار بادانه الولاياتالمتحدة بسبب ما اسماه القرار بسياسة الولاياتالمتحدة المتحيزة و غير العادلة بالشرق الأوسط وبأغلبية 66 صوت ضد ستة أصوات! والمحير هنا اننا نجد رغم شدة المعارضة داخل اسرائيل تجاه اتفاقية السلام مع مصر كانت لها وجاهتها وقوة حجتها ومنطقها المقنع امام كافة شرائح الدولة الصهيونية إلا انه في النهاية تم الموافقة بعد استرضاء كافة المعرضين و معالجة النقاط السلبية الثلاثة بالمضبطة 'المعضلة' التي لا تجعل حكومة 'واق ألواق' توافق عليها! فما تم داخل الكنيست من مناقشات لابد من عرضه. وبقي السؤال الأخطر: هل هناك مفاهمات وبروتوكولات سرية ساهمت في إقناع وقبول المعارضة الاسرائلية ومضبطتها 'المعضلة' بالموافقة للتوقيع علي معاهدة السلام ولا نعلمها؟ ولماذا تم سحب قرار الكنسيت ضد امريكا بعد سبعة ايام فقط بعد وصول وزير الدفاع الامريكي لاسرائيل؟! وهل يمكن ان نستقراء و نستنبط معا من خلال الوقائع التاريخية وربطها باحداث حدثت علي مدار 33 عاما من تلك الاتفاقات السرية وما تم منها علي ارض الواقع؟ و ما هو قادم في الطريق الينا؟! تسلمنا تلك الأسئلة الي موضوع سلسة المقالات القادمة وصلبها، عرض ماتم رصده بالمجتمع السياسي الاسرائيلي في إطار مضبطة الكنسيت الاسرائيلي حينها، الأمر الذي يقتضي السكوت عن الإجابة في اللحظة الراهنة، انتظرا لما تسفر عنه رحلة الإبحار بين دفتيها. 'ان كان في العمر بقية'