هبطت طائرة الرئاسة المصرية يوم السبت 19 نوفمبر، بمطار بن جوريون الإسرائيلي، وخرج منها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وعزفت الفرقة الموسيقية السلام الوطني المصري لأول مرة في تاريخ إسرائيل، منذ نشأتها. يسجل الرئيس الأمريكي وقتها جيمي كارتر هذه الزيارة بقوله: "شاهدت وصول السادات إلي إسرائيل، وقد كانت المراسم مؤثرة جدًا، خاصة عندما التقى جولدا مائير، لقد كانت فرحتها بادية تمامًا بالنسبة لي".
المفاجاة بدأت حين خطب الرئيس أنور السادات بأعلى صوته داخل البرلمان المصري، وقال: "ستدهش إسرائيل حينما تسمعني الآن أقول أمامكم، إني مستعد للذهاب لبيتهم إلى الكينست الإسرائيلي نفسه".
حينها قدم إسماعيل فهمي، وزير الخارجية الراحل استقالته بعد تأكده من زيارة السادات، وقال: "إن زيارة القدسالمحتلة حطمت دور مصر تجاه الفلسطينيين، وعزلت مصر عربيًا كما عزلت السادات داخل بلاده، واعترف كثير من المسؤولين المصريين بعدم معرفتهم بالقرار قبل إعلانه."
ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها مناحم بيجن بزيارة السادات للقدس، رغم شكه في إقدام السادات على هذه الخطوة، بل إن بعض المسؤولين الإسرائيليين نقلوا عنه عدم تصديقه لخروج السادات من الطائرة، وعشية الزيارة، أعلن بيجن أن إسرائيل لا يمكن أن تعود إلى حدود عام 1967م، كما أنها لن تعترف بالدولة الفلسطينية، ولن تقبل بإجراء اتصالات مع منظمة التحرير الفلسطينية.
دخل السادات إلى الكنيست يوم 20 نوفمبر، وبدأ خطابه بقوله: "جئت إليكم اليوم على قدمين ثابتتين، لكي نبني حياة جديدة، لكي نُقِيم السلام، وكلنا على هذه الأرض، أرض الله، كلنا مسلمون ومسيحيون ويهود، نعبد الله، وتعاليم الله ووصاياه، هي حب وصدق وطهارة وسلام."
وأضاف: "إنني ألتمس العذر لكل من استقبل قراري، عندما أعلنته للعالم كله أمام مجلس الشعب المصري، بالدهشة، بل الذهول، بل إن البعض، قد صُوِّرت له المفاجأة العنيفة، أن قراري ليس أكثر من مناورة كلامية للاستهلاك أمام الرأي العام العالمي، بل وصفه بعض آخر بأنه تكتيك سياسي، لكي أخفي به نواياي في شن حرب جديدة."
وتابع: "وإذا قلت إنني أريد أن أجنب كل الشعب العربي ويلات حروب جديدة مفجعة، فإنني أعلن أمامكم، بكل الصدق، أنني أحمل نفس المشاعر، وأحمل نفس المسؤولية، لكل إنسان في العالم، وبالتأكيد نحو الشعب الإسرائيلي."
لم تكن ردود الأفعال العربية مرحبة بخطوة السادات، وقررت الدول العربية مقاطعة مصر وتعليق عضويتها بالجامعة العربية، ونقل المقر الدائم للجامعة بالقاهرة إلى تونس (العاصمة)، وتم عقد القمة العربية في بغداد بناء على دعوة من الرئيس العراقي أحمد حسن البكر في 2 نوفمبر 1978، وأسفرت نتائجها عن مناشدة الرئيس المصري للعدول عن قراره بالصلح المنفرد مع إسرائيل، مما سيلحق الضرر بالتضامن العربي ويؤدي إلى تقوية وهيمنة إسرائيل وتغلغلها في الحيات العربية وانفرادها بالشعب الفلسطيني".
وبعد سنوات قامت عدة دول عربية بنفس خطوة الرئيس السادات، وعقدت اتفاقيات سلام مع إسرائيل؛ منها منظمة التحرير الفلسطينية ذاتها برئاسة الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي وقع اتفاقية أوسلو مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين عام 1993، ونصت الاتفاقية على إقامة سلطة حكومة ذاتية انتقالية فلسطينية، أصبحت تُعرف فيما بعد بالسلطة الوطنية الفلسطينية.
كذلك وقعت الأردن في عام 1994 اتفاقية سلام مع إسرائيل والتي عرفت باتفاقية "وادي عربة"، وبموجبها تنهي الدولتان حالة الحرب بينهما.
وفي ذكرى زيارة إسرائيل، يحيي الكنيست مرور 35 عامًا على زيارة محمد أنور السادات للقدس، التي كان يرجو منها إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي ونشر السلام، الذي لا يبدو أنه تحقق كما أراده؛ فمسلسل الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفسلطينية لا زال مستمرًا، كما أن آلة الحرب الإسرائيلية لا تزال تمارس عدوانها على الشعب الفلسطيني".