أحداث أمريكا، تذكرنا بأحداث المنطقة، أو ما يسمى بأحداث الربيع العربى فى عام 2011، لقد استغلت أمريكا والغرب والصهاينة حالة الاحتقان السائدة فى بعض الدول، وراحت تشعل الأوضاع، وتطلق التصريحات، وتضغط على الحكومات، لم يكن الهدف هو الإصلاح، وإنما إفشال الدولة الوطنية وتفكيكها، وفتح الطريق أمام تيارات الإسلام السياسى، وعناصر الإرهاب للقفز على السلطة، وتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد. مضت السنون، وأدركت الشعوب العربية حقيقة الهدف، استوعبت الدرس، ورفضت المضي فى المخطط، رغم التزييف الإعلامى وحروب الجيلين الرابع والخامس، فأعطت الدرس تلو الدرس للمتآمرين على أمن واستقرار الدولة الوطنية. لم تكن واشنطن تدرك أن ما زرعته فى المنطقة ستجنى آثاره على أرض الولاياتالمتحدة، فقد شهدت العديد من الولاياتالأمريكية ولا تزال أحداث عنف خطيرة أدت إلى فوضى عارمة وحرائق واعتداء على الممتلكات ورجال الشرطة وذلك على خليفة مقتل المواطن الأمريكى الأسود «جورج فلويد» خنقًا على يد أحد رجال الشرطة فى مدينة «مينا بوليس» الأمريكية. لقد أدرك العالم أنه وبعد مرور أكثر من مائتى عام على قيام الرئيس الأمريكى «إبراهام لنكولن» بتحرير العبيد فى أمريكا، لايزال السود فى العديد من الولاياتالأمريكية يعانون من استمرارها بشكل أو بآخر. وبعد انتشار خبر مقتل المواطن الأمريكى الأسود خنقًا على مواقع التواصل الاجتماعى خرجت مئات عديدة من المجتمع الأمريكى للاحتجاج على الحادث والمطالبة بمحاسبة كل المتورطين، والقضاء بشكل كامل على كافة أشكال التمييز العنصرى ضد المواطنين السود الذين يشكلون نسبة 31٪ من المجتمع الأمريكى وغيرهم من الفئات. لقد هتف الأمريكيون فى مظاهراتهم متسائلين: «أين المساواة وأين الحرية؟» فخرج الرئيس ترامب ليعلن التحدى ويصف المتظاهرين بالغوغائية ويوجه الاتهام إلى عمدة ولاية «مينيسوتا» «جاكوب فراى» ويهدده: إما أن تضع المدينة تحت السيطرة وإما أننى سأرسل الحرس الوطنى لإنجاز المهمة بشكل صحيح!! وفى تحد بالغ للمتظاهرين أعطى ترامب الإشارة إلى الشرطة بإطلاق النار، عندما يبدأ النهب والشغب، وهو أمر أثار حفيظة المتظاهرين، فانتقلت المظاهرات إلى العديد من المدن الأخرى سريعًا، واشنطن ونيويورك، وشيكاغو وفلوريدا، وتم إعلان حظر التجول فى لوس أنجلوس واتلانتا وفلاديفيا وغيرها من المدن والولايات. ولم يتردد ترامب فى إرسال الحرس الوطنى إلى ولاية مينيسوتا بعد أربعة أيام فقط من المظاهرات، وهو إجراء لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية. وهكذا بين يوم وليلة بدأنا نشهد نفس سيناريو الأحداث التى شهدتها المنطقة العربية منذ عام 2011 وحتى اليوم، لتكتوى أمريكا بنفس اللهيب الذى اكتوت به المنطقة العربية. إن الفارق الوحيد فى ذلك هو أن أحداث «الربيع العربى» كانت صنيعة، جرى خلالها استغلال حالة الاحتقان ومعاناة المواطنين لإسقاط الأنظمة وسيادة الفوضى، أما الحدث الأمريكى فهو نتاج خطاب التحريض الذى شنه الرئيس ترامب ضد كافة الفئات والأعراف غير البيضاء فى الولاياتالمتحدة، ومن بينهم السود والعرب والمسلمون وغير ذلك. لم يشمت العرب علانية فى أمريكا، ولم يخرج أى منهم محرضًا ومطالبًا ترامب بالاستقالة، كما فعلوها معنا فى الكثير من المواقف، لم يتدخل أحد منا فى الشئون الداخلية كما تفعل واشنطن وحلفاؤها الغربيون، وإن كان هناك من يتمنى أن تكون هذه الأحداث بداية لتفكيك أمريكا من الداخل. إن ما يحدث على الأرض الأمريكية الآن هو درس يجب أن يعيه الساسة الأمريكيون جدًا، وأن يتوقفوا عن سياستهم العنصرية وأن يراجعوا مواقفهم ويكفوا عن التحريض ضد الأقليات التى عاشت وتعايشت معهم على مدى عقود طويلة من الزمن، فهل يستوعبون الدرس ويعيدون رسم سياساتهم من جديد؟.. أتمنى ذلك!! العدوان الإثيوبى على السودان استدعت السودان سفير إثيوبيا فى الخرطوم للاحتجاج على أحداث العنف والهجمات التي تقوم بها ميليشيات إثيوبية على مناطق الحدود المشتركة معها، بدعم واضح من الحكومات الإثيوبية. لقد أدت الأحداث الأخيرة إلى مقتل ضابط وجرح ستة من الجنود والمدنيين السودانيين؛ ما أثار غضب الشعب والحكومة فى السودان. إن استمرار هذه الأحداث تكشف عن المطامع الإثيوبية فى الأراضي السودانية، وهو مخطط ليس بجديد، هدفه فى الوقت الراهن ممارسة الضغط على حكومة السودان لإجبارها على تبنى الموقف الإثيوبى كاملاً من قضية سد النهضة، خاصة بعد أن عبرت الحكومة السودانية فى وقت سابق عن موقف متزن وموضوعى يحترم حقوق مصر وإثيوبيا فى مياه النيل على السواء. إن العالم العربى مطالب باتخاذ موقف موحد وتضامنى مع السودان الشقيق فى مواجهة العدوان الإثيوبى على أراضيه؛ لأن الصمت يغرى الآخرين ويدفعهم إلى المزيد من الاعتداءات وانتهاك سيادة الدولة السودانية على أراضيها. الموقف الأمريكى ماذا يُراد من ليبيا؟! تركيا تتآمر علانية، ترسل بالأسلحة والمرتزقة، تغزو البلاد، وتقيم القواعد، تبدأ التنقيب عن الغاز، وتعقد اتفاقات للاستيلاء على النفط، والعالم كله لا يتكلم، لا يسمع، لا يرى. فجأة دخلت الولاياتالمتحدة علي الخط، وراحت تدعى أن روسيا تدخلت فى الشئون الليبية تدخلاً مباشرًا، وأنها تحارب إلى جانب قوات الجيش الوطنى الليبى، ولم تثبت مصداقية هذه الادعاءات. وبالرغم من النفى الروسى- الليبى لهذه الادعاءات إلا أن وشنطن مازالت مصرة ودون أن تذكر كلمة واحدة عن الغزو العسكرى التركى المعلن للدولة الليبية. وبعد هذه الادعاءات بأيام قليلة، وضحت الحقيقة، وظهرت المؤامرة بأبعادها المختلفة، عندما أعلنت قيادة الجيش الأمريكى أنها سترسل بفرق عسكرية من قوات أفريقيا (أفريكوم) إلى تونس لمراقبة التحركات الروسية على الأرض الليبية، بزعم أن روسيا تؤجج الصراع فى ليبيا وتعمل على نشر منظومات دفاعية تشكل خطرًا على المنطقة. إذن واشنطن ضالعة فى المخطط، وهى تمهد أيضًا لتدخل عسكرى مباشر شرقى ليبيا إلى جانب تركيا وقطر والمرتزقة، ولذلك تشيع حجة التدخل الروسى، الذى لم تثبت صحته على الإطلاق. وإذا كانت أمريكا وعملائها يظنون أنهم قادرون على كسر إرادة الشعب الليبى، فليقرأوا تاريخ هذا الشعب الأبى، وليدركوا تمامًا أن الجيش الوطنى الليبى الذى حرر أكثر من 90٪ من الأرض الليبية سوف يحرر بقية المناطق ويتصدى بكل قوة لأى محاولة للغزو من قِبل دول الخارج مهما كانت. مصر والكويت الكويت بلد عربى شقيق، تربطنا به روابط الدم والأخوة، ولن يضير العلاقات المصرية - الكويتية تلك الفيديوهات التى يطلقها الحاقدون، وهى مجموعة تعد على أصابع اليد الواحدة، إلا أن إهانتهم وتطاولهم على مصر والمصريين أمر لا يمكن السكوت عليه أو القبول به. إن هذا التطاول الذى يحدث من البعض لا يحدث فى أى بلد خليجى آخر، وهذا أمر يطرح علامات استفهام، ويؤكد أن هناك عناصر شريرة فى مقدمتها جماعة الإخوان تقف وراء هؤلاء المرضى وتدفعهم إلى هذا التطاول، ظنًا منهم أن ذلك يمكن أن يحدث فتنة بين أبناء الشعبين!! إن المطلوب من الحكومة الكويتية محاسبة هؤلاء المتطاولين، ووضع حد لاستفزاز العمالة المصرية فى الكويت، بل واستفزاز المصريين جميعًا، وهذا ما ننتظره خلال الأيام المقبلة. اللاجئون فى مصر لا أحب استخدام لفظ اللاجئين، فمصر تستضيف الآن نحو ستة ملايين من الأشقاء، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا، لم نسمع كلمة من مصرى يطالب فيها بطرد أى من الأشقاء، الذين أقاموا مشروعات كبرى وضخمة على أراضى وطنهم الثانى أو يعايرهم، بل بالعكس، يلقون كل المحبة والترحاب.