رسائل ومنشورات في صفحات وحسابات التواصل الاجتماعي، ظاهرها البراءة، تنعي وتبكي الشاب المصري "محمد حسن" المُتوفى غريبًا وحيدًا بعد إصابته بفيروس "كورونا" في نيويورك، ثم تأتي بعدها الرسائل والمنشورات الداعية للتبرع والمساهمة في صدقة جارية للمُتوفى الغريب الوحيد.. ولم يُدرك بعض أصحاب النيات الحسنة أنهم شاركوا عن غير قصد في حملة إخوانية لتجميل وجه إرهابي هارب كان يهدد بالعودة إلى مصر لاستهداف رجال الجيش والشرطة بدعاوى "القصاص" المزعوم.. ولا يعلم كل مُتبرع للصدقة الجارية المزعومة أنه يساهم في مشروع من مشروعات التوغل الإرهابي في أفريقيا تحت لافتات الصدقات الجارية والأعمال الخيرية. كان يوم الثلاثاء الثاني عشر من مايو 2020 ، هو اليوم الأخير في حياة الإخواني "محمد حسن عبد العظيم" ، صاحب العشرين عامًا والثلاثين يومًا، حيث كان يقضي فترة العزل المنزلي داخل شقته في "بروكلين" بعد إصابته بفيروس "كورونا"، وعندما تدهورت حالته الصحية،استغاث بقيادي إخواني في نيويورك لإنقاذ حياته ولكن أدركه الموت ولفظ أنفاسه الأخيرة ، فأسرع عدد من أعضاء التنظيم الإخواني المصري في الولاياتالمتحدة لاستخراج التصاريح اللازمة لإجراءات دفن متوفى ب"كورونا"، ونقلوه إلى مقابر الرحمة ب"نيوجيرسي" بعد الساعة الواحدة من ظهر الخميس الرابع عشر من مايو. نشأ الإرهابي المتوفى "محمد حسن" في أسرة إخوانية كانت تقيم بقرية شبرا بخوم التابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية، والتحق ب"أشبال" الجماعة تحت إشراف والده القيادي الإخواني "حسن عبد العظيم محمد مرسى الصعيدي"، مسئول ما كان يُسمى بلجنة الدعاة والمساجد بقسم نشر الدعوة بجماعة "الإخوان" الإرهابية، وكان الوالد يمتلك (رسميًا) ويدير إحدى شركات الأدوية المُتحفظ عليها، بقرار محكمة جنايات القاهرة الوارد في العريضة رقم 5 لسنة 2017، عرائض كيانات إرهابية في القضية رقم 653 لسنة 2014 حصر أمن دولة عليا. قبل أن تهب رياح الثلاثين من يونيو من العام 2013، كان "محمد حسن" في الثالثة عشرة من عمره، وكان جميع من حوله من العناصر الإخوانية يتحدثون عن الحرب المزعومة على الشرعية والشريعة والإسلام، فأخذوا بيده إلى اعتصام "رابعة" الإرهابي، ليكون واحدًا ممن رفعوا شعارات "الجهاد والاستشهاد" وقالوا له أنت "مشروع شهيد"، وبك وبأمثالك ينتصر"الحكم اﻹسلامي" وما النصر إلا صبر ساعة، و"الانقلاب يتهاوى .. والانقلاب يترنح"، واصمدوا ساعات ليعود "مرسي" رئيسًا.. وعاش "محمد حسن" بين صفوف المعتصمين يردد الهتافات والشعارات ويجري خلف سراب "مرسي راجع" غدًا ثم بعد الغد .. ثم قبل العشر الأواخر من رمضان .. ثم "مرسي راجع" ليصلي إمامًا بالمعتصمين المنتصرين في صلاة العيد. وبعد الرابع عشر من أغسطس من العام 2013، قالوا ل "محمد حسن" وأمثاله من الصبية إن فض اعتصام "رابعة" حرب على الدين وأهله، واستخدم التنظيم الإخواني الصبيان في المظاهرات وأعمال الشغب وقطع الطرق والميادين وتوزيع المنشورات والملصقات وكتابة الشعارات فوق الحوائط والجداريات. سقط "محمد حسن" في قبضة الشرطة مرتين خلال عام واحد، وكانت النيابة العامة تخلي سبيله باعتباره حدثًا لم يتجاوز الرابعة عشرة، وفي المرة الثالثة أحيل للمحاكمة مع عدد من الإرهابيين، وقررت المحكمة في الجلسة قبل الأخيرة إخلاء سبيله، فلم يحضر جلسة النطق بالحكم وفر هاربًا فصدر الحكم بسجنه سبع سنوات، ثم عوقب في قضية ثانية وللمرة الثانية بالسجن سبع سنوات غيابيًا. أخذت العناصر الإرهابية بيد الصبي الصغير واصطحبوه معهم في رحلة الهروب إلى دولة عربية ثم انتقل إلى ماليزيا ومنها إلى تركيا، وأخيرًا ساعده أصدقاء والده من القيادات الإخوانية في السفر إلى الولاياتالمتحدة والاستقرار في نيويورك إلى أن تأتي الفرصة المناسبة ويحقق أضغاث أحلامه بالعودة إلى محطة هروبه الأولى ومنها يتسلل إلى مصر مع آخرين لتنفيذ أحلامه ب"الجهاد المزعوم". اعترف الإرهابي المتوفى في لقاء مع إحدى القنوات الإخوانية إنه كان يشارك في أحداث العنف وقطع الطرق والميادين بعد فض اعتصام "رابعة" وحتى نهاية العام 2014، وأقر بأن "روح الانتقام تسيطر عليه"، وقال: "نعم أريد الانتقام ليس لنفسي ولكن للشباب"، وزعم أن الانتقام هو "القصاص" الشرعي كما علمته جماعته. خلال رحلة الهروب قدم الإرهابي "محمد حسن" سلسلة من الفيديوهات التحريضية ضد مؤسسات الدولة المصرية وساهم في ترويج شائعات وأكاذيب تضر بالأمن القومي المصري، وكان على ارتباط بعناصر حركة "حسم" الإرهابية الهاربين في إحدى الدول العربية ورافق بعضهم في محطات هروبه في ماليزياوتركيا، وعندما وصل إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية أصبح تلميذًا من تلاميذ القيادي الإخواني "أكرم كساب" صاحب فتاوى التحريض على قتل رجال الجيش والشرطة والقضاة. وخلال اجتماعات التطرف والإرهاب في مسجد خاضع لعناصر التنظيم الإخواني في نيويورك اكتشف الهارب "محمد حسن" أنه وآخرين من المترددين على المسجد أصيبوا بفيروس "كورونا" فطلب من جماعته المساعدة في العلاج بإحدى المستشفيات مثل غيره من أعضاء الجماعة، وأكد لهم أنه يعاني من أعراض التشنجات واضطراب في كهرباء المخ ، لكنه لم يكن موضع اهتمام كبير مثل آخرين من القيادات الإخوانية المُصابة بالفيروس، وعندما مات بدأوا في المتاجرة به والتربح باسمه. قبل الانتهاء من دفن الإرهابي "محمد حسن"، كان القيادي الإخواني المصري الذي يتقدم صفوف المشيعين يصرخ في العدد القليل من الحاضرين ويطالبهم بالحفاظ على مسافات التباعد الاجتماعي والإجراءات الاحترازية لأنهم يدفنون متوفى ب"كورونا"، ثم تحولت بصرخاته إلى دعوة الحاضرين للتبرع والمساهمة في صدقة جارية للمتوفى. وبعد العودة من المقابر، استخدم التنظيم الإخواني عددًا من تابعيه لنقل معلومات مغلوطة عن الشاب المصري الذي توفى وحيدًا غريبًا (دون اﻹشارة إلى انتمائه اﻹخواني)، وبالفعل سقط البعض في الخدعة الإخوانية، وكتبوا منشورات التعازي والتباكي دون علم بالحقيقة، ثم جاء دور التنظيم الإخواني وبدأ حملة على نطاق واسع لجمع التبرعات بدعوى الصدقة الجارية للمتوفى، وتم توجيه التبرعات أولًا بأول إلى مشروع من مشروعات التوغل الإرهابي ونشر الفكر المتطرف في أفريقيا تحت لافتات الأعمال الخيرية والإغاثة اﻹنسانية. عزيزي الجالس أمام وسائل التواصل الاجتماعي .. تحقق قبل أن تشارك في ترويج منشورات ظاهرها البراءة وباطنها سهام مسمومة تستهدف قلب الوطن والمواطن.