من أسوء مشاكل المجتمع حالياً وسابقاً ولاحقاً امتهان الآباء إما بالقطيعة وإما بالإساءة إليهم وإما بإدخالهم في بيوت الرعاية الاجتماعية ، لأنه ينظر إليهم أنهم لا فائدة منهم وأصبحوا كخيل الحكومة ،لذا أوصى الإسلام بالآباء خيرًا ونهى عن قطيعتهم وإيذائهم أو إدخال الحزن عليهم، كيف لا، والإسلام دين الوفاء والبرِّ والقيم الإنسانية الجميلة فقال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)، وأكد هذا المعنى قول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان بما أعطى". ، وحقيقة العقوق له أسباب نوجزها في الآتي : أسباب عقوق الوالدين: (1) الجهل: فالجهلُ داءٌ قاتلٌ، والجاهلُ عَدو لنفسه، فإذا جهل الإنسانُ عواقب العقوق في الدنيا والآخرة، وجهل ثمرات البر، قاده ذلك إلى العقوق، وصرفه عن البر. (2) سوء التربية: فالوالدان إذا لم يُربيا أولادهما على التقوى، والبر والصلة، فإن ذلك سيقودهم إلى التمرد والعقوق. (3) الصحبة السيئة للأولاد: فهي مما يفسد الأولاد، ومما يجرئهم على العقوق، كما أنها ترهق الوالدين، وتضعف أثرهم في تربية الأولاد. (4) عقوق الوالدين لوالديهم: فهذا من جملة الأسباب الموجبة للعقوق؛ فإذا كان الوالدان عاقين لوالديهم عوقبا بعقوق أولادهما. (5) التفرقة في المعاملة بين الأولاد: فهذا العمل يورث لدى الأولاد الشحناء والبغضاء، فتسود بينهم روح الكراهية، ويقودهم ذلك إلى بغض الوالدين وقطيعتهما. (6) عدم إعانة الوالدين لأولادهما على البر: فبعض الوالدين لا يعين أولاده على البر، ولا يشجعهم على الإحسان إذا أحسنوا. (7) قلة تقوى الله تعالى في حالة الطلاق: فبعض الوالدين إذا حصل بينهما طلاق لا يتقيان الله في ذلك، ولا يحصل الطلاق بينهما بإحسان. فترى الأولادَ إذا ذهبوا للأم قامت بذكر عيوب والدهم، وبدأت توصيهم بالتمرد عليه وهجره، وهكذا إذا ذهبوا إلى الوالد فعل كفعل الوالدة. والنتيجة أن الأولاد سيعُقُّونَ الوالدين جميعاً. (8) سُوءُ خُلُقِ الزوجة: فقد يُبتلى الإنسان بزوجة سيئة الخُلُق، لا تخاف الله، ولا ترعى الحقوق، فتكون شوكة في حَلْقِ زوجها، فتجدها تجعلُ الزوج يتمرد على والديه أو يخرجهما من المنزل، أو يقطع إحسانه عنهما؛ لتخلو بزوجها وتستأثر به دون غيره. حكي له صديق أن له صديقاً في منصب مرموق جداً جأت إليه أمه من القرية بعد وفاة أبيه تشكو له المرض وقلة الحيلة ، وأن المعاش التي تتقاضاه لا يكفي حتى للعلاج ، وأنها تحتاج إلى طبيب ماهر ليشخص لها مرضها ثم يكتب لها الدواء ، يقول صديقي كان يمكن لابنها صاحب المركز المرموق أن يدخلها أفضل المستشفيات لأن حالته متيسرة جدا ، لكنه بعد نصيحة زوجته له أخذها إلى مستشفى جامعة طنطا ثم تركها هناك دون أن يسأل عنها ، يقول صديقي ترك أمه قرابة الشهر لم يزورها، وكانت تحرص الأم بقلبها الملائكي على السؤال عن والدها من خلال اتصال الممرضات التي يلازمنها ،يقول صديقي تماثلت الأم للشفاء وذهبت إلى قريتها وهى تقول في ذهنها لعل ولدي لديه إشغال كثيرة منعته من زياتي، مر أسبوعين فاشتاقت نفسها لزيارة أبنها فعزمت على الذهاب إلى بيته فوجدت ابنها الذي كان قوي البنية قد داهمه المرض ، فعلمت منه أن سبب ذلك هو تركها في المستشفى وعدم زيارتها وأن زوجته تتأفف منه الأن بسبب مرضه . يا سادة يسب الرجل أباه ثم يأتي ليصلي ويقف بين يدى الله تبارك وتعالى ، ويضرب أمه ثم يخرج من بيته يريد أن يتصدق ويريد أن يساعد المسلمين ، ما هذا التناقض الغريب والعجيب الذي لا يقبله الله ؟ هل الإسلام بالقطعة ؟، الصحف تفاجئنا كل يوم بالمآسي ، واقعة يُضرب فيها الأبوين ، وواقعة أخرى يقذفن في الشارع ،وأخرى لا يُنفق عليهن ، إن عقوق الوالدين من أشد الأفعال جرماً عن الله ورسوله كونها جريمة تقلق مضاجع المجتمع وتهدم ثوابته ، لا بل أنها من الجرائم الأشد عقوبة عند الله تعالى فالعقوبة فيها مزدوجة في الدنيا والأخرة، فعندما يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم دعوة الأب كدعوة الرب ، ويجعل الجنة تحت أقدام الأمهات فما هذا إلا للتكريم والتقديس لمكانتهما ، وهذا ليس من فراغ كونهما أفنيا عمرهما ووقتهما وجهدهما للتربية والتعليم ، احرصوا على بر الأبوين قبل أن ينفذ الوقت من بين أيديكم وساعتها لن ينفعكم الصلاة ولو في جوف الكعبة