الإدارة الأمريكية تنشغل بتفشى الفيروس وتترك الحلفاء لمصيرهم.. أكدت معلومات، ومصادر متطابقة نجاح الصين فى محاصر فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وخلال مدة زمنية لم تتجاوز ال75 يومًا، تراجعت معدلات الإصابة، والوفيات إلى مستويات بسيطة جدًّا، ووفق آخر الإحصاءات الرسمية سجلت الصين 54 حالة إصابة جديدة بالفيروس، و3 وفيات جديدة، وأعلنت اللجنة الوطنية للصحة أن «جميع الإصابات الجديدة ظهرت بين مسافرين قادمين من الخارج»، ما دفع السلطات المحلية إلى «حظر دخول الأجانب الذين يحملون تأشيرات سارية، وتصاريح إقامة للحد من انتشار المرض»، فيما بدأت الصين، أمس الأحد، الحد من رحلات الطيران الدولية إلى داخل البلاد وخارجها. وعزز الفيروس الذى يتمدد حاليًا فى دول العالم بكل قوة ما ذهب إليه بعض المحللين من أن «كورونا، هو كلمة السر للحرب الاقتصادية بين القوى الكبرى المتصارعة على سيادة العالم اقتصاديًّا وعسكريًّا»، وأنه بعد أن «توقع العالم سقوطًا مدويًا للصين بعد تفشى الفيروس فيها، نهاية ديسمبر الماضي، سرعان ما تماسكت خلال مدة زمنية بسيطة- 75 يومًا فقط- قبل أن تعود عجلة الإنتاج إلى دورانها، وتروى عطش السوق الذى عانى قلة المعروض من البضائع الصينية التى لم يعد العالم قادرًا على الاستغناء عنها». وتشير المعلومات إلى أن الصين سجلت فائضًا فى الحساب الجارى بقيمة 3ر141 مليار دولار، خلال العام الماضى (1% من الناتج المحلي، بحسب مؤسسة النقد الصينية) كما سجل حساب رأس المال والحساب المالى الصينى فائضًا قيمته 7ر56 مليار دولار فى 2019، وفى نهاية عام 2019، بلغ صافى الأصول المالية الخارجية للصين 12ر2 تريليون دولار.. وكما هو معروف فإن «الحساب الجاري» يسجل معاملات أى دولة مع باقى دول العالم، خاصة صافى تجارتها فى السلع والخدمات، وصافى أرباحها من الاستثمارات عبر الحدود، وصافى المدفوعات التى يتم تحويلها على مدار فترة محددة من الوقت، سنوية، أو ربع سنوية. أما حساب رأس المال فهو يقيس المعاملات المالية للدولة، التى لا تؤثر على دخلها أو إنتاجها أو مدخراتها، فيما تشير الخطوات التى قامت بها الحكومة الصينية حتى الآن إلى أن بكين تعمل على تحويل أزمتها مع الفيروس إلى مكاسب، ليس فقط عبر الخروج من الأزمة بأقل الخسائر، لكن فى العودة بقوة للمشهد العام العالمي، بل إنها أعطت درسًا للعالم فى كيفية إدارة الأزمة التى تعد أكبر تحدٍ للعالم منذ الحرب العالمية الثانية. وعلى ذكر الحرب العالمية الثانية، فقد صنعت الحرب القوتين العظميين (أمريكا، الاتحاد السوفيتي) بعد تراجع إنجلترا وفرنسا، ما يرجع التحليلات التى تشير إلى أن أزمة فيروس كورونا التى نجحت الصين فى تجاوزها، ستدفع بها إلى الصدارة، فى الوقت الذى انكفأت فيه أمريكا على نفسها، وعجزت عن مد يد العون للعالم، وللحلفاء الأوروبيين على وجه الخصوص. وتجاوز عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، حاليًا، حاجز ال100 ألف مصاب، فيما زاد عدد الوفيات عن 1500 وفاة، وفقًا لإحصائيات أصدرتها جامعة جونز هوبكنز، وعلى الصعيد العالمي، اقترب عدد المصابين بالفيروس من 600 ألف شخص، حيث احتلت إيطاليا المرتبة الثانية بأكثر من 86 ألف حالة إصابة مؤكدة، وسجلت إيطاليا أكبر عدد من الوفيات بلغ 9134 حالة. وأمام التراجع الأمريكي، لعبت الصين دور «الأخ الأكبر»، مؤخرًا، حيث أرسلت بكين أطباء وأدوية وأجهزة إلى كل من صربيا وإيطاليا وإيران والعراق وعشرات الدول الأخرى التى تعانى فيروس كورونا، وبلغة الأرقام قدمت الصين مساعدات عاجلة إلى 83 دولة ومنظمة دولية لمكافحة فيروس كورونا الجديد، ووفقا لنائب وزير الخارجية الصينى، لوه تشاو هوى، فإن المساعدات تم تقديمها إلى دول ومنظمات دولية وإقليمية مثل منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأفريقي، وتشمل إمدادات طبية مثل كواشف الاختبار والكمامات، مشيرًا إلى أن الصين تبرعت أيضًا بمبلغ 20 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية لتسهيل التعاون الدولى ذى الصلة. وأكد نائب مدير اللجنة الوطنية للصحة فى الصين، تسنج يى شين، أن بلاده «تعمل بشكل وثيق مع باقى دول العالم لتقديم المساعدات والخبرات، وأن الصين تبادلت بشكل نشط المعلومات حول فيروس كورونا وعززت التبادلات التكنولوجية مع الخبراء الدوليين، إلى جانب إرسال خبراء إلى دول لمساعدتها فى جهود مكافحة الفيروس»، كما تعتزم الصين تزويد الاتحاد الأوروبى بأكثر من مليونى قناع تنفسى و50 ألف جهاز اختبار سريع لفيروس كورونا. وتعهدت الحكومة الصينية بتوفير 2 مليون كمامة جراحية، و200 ألف كمامة ان -95 ، و50 ألف جهاز فحص، فيما قالت تقارير إيطالية إن الحكومة طلبت 16.5 مليون قناع واقٍ و450 ألف بدلة واقية من الصين، كما تلقت جمهورية التشيك واليونان مواد طبية إغاثية كتبرع من الحكومة الصينية، فيما زودت بكينباريس بعدد من الأقنعة الطبية ما جعل وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، يتحدث عن «إشارات تضامن وردت من بكين». وقالت معلومات رسمية صينية إن «المزيد من الإمدادات والمساعدات والأطباء سيتوجهون من الصين إلى صربيا»، ضمن جهود الحكومة للدفع بعشرات الفرق الطبية لمساعدة عشرات الدول فى مكافحة الفيروس، فيما ترى تحليلات أخرى أن هذه الخطوة ستعزز مكانة الصين عالميًّا، ويؤكد مراقبون أن «الصين تدير معركتها، الآن، بإستراتيجية مبتكرة، عبر التوسع فى عمليات تسليم المساعدات إلى جميع أنحاء العالم، فى الوقت الذى تنشغل فيه الإدارة الأمريكية بأزمتها الداخلية فى مواجهة الفيروس، وبتوزيع الاتهامات على الجميع، تاركةً العالم يواجه أزمته مع الفيروس».