من الصعب أن نصدق أن محمد فؤاد جادالله المستشار القانوني للرئيس محمد مرسي وهو المسؤل الأول - علي حد وصف أساتذة القانون –عن الفوضي القانونية التي سارت عليها مؤسسة الرئاسة علي مدي تسعة أشهر قد قدم إستقالته للأسباب السبعة التي ساقها وهو يعتبر المشارك الرئيسي في صنعها وتهيئة الأرضية الخصبة لها عبر تصريحاته التبريرية تحت دعوي قانونيتها.. فقد حاول جاد الله أن ينفض يده من كل شيء ويظهر بمظهر المختلف مع الرئاسة في إدارتها لدفة الأمور فقال في جرأة يحسد عليها أنها ' أي مؤسسة الرئاسة ' تفتقد للرؤية الواضحة لإدارة الدولة وبناء مستقبل مصر وتحقيق أهداف الثورة، وإصرارها علي استمرار حكومة قنديل رغم فشلها سياسيا واقتصاديا وأمنيا، واعتراض الغالبية عليها كما أرجع إستقالته إلي محاولات الرئاسة اغتيال السلطة القضائية والنيل من استقلالها والإعتراض علي أحكامها، وعدم حل مشكلة النائب العام، واحتكار تيار واحد لإدارة المرحلة الإنتقالية وعدم مشاركة باقي التيارات في صنع القرار وعدم توزيع المسؤولية، وعدم الإعتماد علي أصحاب الخبرة والكفاءة والاعتماد علي اصحاب الثقة فقط، وتهميش واقصاء باقي التيارات والعجز عن إجراء حوار وطني يضم جميع القوي والتيارات لتحقيق توافق سياسي واقتصادي وأمني، والتأخير في اتخاذ القرارات وادارة الأزمات، واصدار حزمة ناجعة من القرارات تقود الدولة نحو الأمام، بالإضافة إلي عدم تمكين الشباب من ممارسة دورهم المحوري في المجالات السياسية والإقتصادية والأمنية، وتعمد تهميشهم وإقصائهم، أما آخر الأسباب التي أراد جاب الله فيها أن يغازل التيار السلفي و إعتراضه ورفضه فتح أبواب مصر أمام السياحة الإيرانية وما ينتج عنه من فتح أبواب التشيع والحسينيات والمد الشيعي واعادة الدولة الفاطمية وضخ أموال ومصالح ايرانية لخدمة هدفهم في القضاء علي المذهب السني في مصر.. بعد إنتهائي من قراءة أسباب جاد الله في الإستقالة سرحت بخيالي المريض وتصورت للحظة أن المستشار فؤاد جاد الله بهذه الأسباب القوية التي رددناها والقوي الثورية وجبهة الإنقاذ علي مدي 9 أشهر أنه من الخلايا النائمة لجبهة الإنقاذ في مؤسسة الرئاسة!!. لكن سرعان ما صحوت من خيالاتي المريضة علي عين الحقيقة ألا وهي أن المستشار محمد فؤاد جاد الله قد حسم أمره بالرحيل بمجرد إعلان مؤسسة الرئاسة عن نيتها تشكيل لجنة قانونية تضم خبراء في القانون من مجلس الدولة وبعض القضاة وأساتذة القانون برئاسة الرئيس تكون مسئولة عن مراجعة القرارات الجمهورية والقوانين والإجراءات والمراسيم.. ويبدو أن جاد الله قد شعر أن تدوين أسمه وسط جهابذة القانون ضمن أعضاء اللجنة لن يتعدي مداد الحبر الذي سوف يكتب به، وأن دوره في مؤسسة الرئاسة في إنحصار ثم إلي التلاشي.. فآثر أن يسارع إلي تبييض وجهه، وتنفيض يديه من القرارات التي أصدرتها رئاسة الجمهورية وسببت الكثير من الأزمات بل وأريقت بسببها دماء المصريين، وخلقت جبهات من المعارضة كانت بجانب الرئيس مرسي في إنتخابات الإعادة ثم إنقلبت ضده.. ففوجئنا بظهوره علي غير عادته عبر الفضائيات والصحف وإطلاق مدافعه من العيار الثقيل ضد مؤسسة الرئاسة وتلميحه وتصريحه أنه كان كثيرا ما ينصح الرئيس لكنه لم يستجب بل أعلنها مدوية في تصريحاته الأخيرة ل' المصري اليوم' من أن الرئيس مرسي كان يستمع ويتلق تعليماته من مكتب 'الإرشاد'، كما إستنكر مظاهرت ' تطهير القضاء' التي دعت إليها جماعة الإخوان يوم الجمعة الماضية، بل أضاف أن السلطة القضائية ومؤسسة الجيش من أطهر مؤسسات الدولة في النظام السابق والحالي.. ويبدو أن هذه التصريحات وغيرها كانت سببا في التعجيل بطلب مؤسسة الرئاسة من المستشار جاد التقدم باستقالته، فسارع هو الآخر بكتابتها متضمنة أسبابه السبعة التي صاغها موحيا بأنها وصاياه السبعة التي كثيرا ما رددها علي مسامح مؤسسة الرئاسة ولم تستجب.