إن منح مقعد سوريا في جامعة الدول العربية، لممثلين عن المعارضة السورية يعني منح الشرعية للثورة السورية، مما يؤدي إلي مزيد من الكرامة الإنسانية للثوار والشباب السوري الحر. ومن جهة نظري كرئيس الاتحاد الدولي للثوار العرب، وكدبلوماسي دولي، أن قرار وزراء الخارجية العرب السماح للدول العربية بتقديم الدعم العسكري للمعارضة السورية ضد الديكتاتور بشار الأسد خطوة فائقة الروعة من قِبل الجامعة لدعم الثورة السورية والثوار، ووجهت الدعوة للائتلاف الوطني السوري المعارض لشغل مقعد سوريا في الجامعة، وهذا الموقف يعتبر تصحيحًا جذريًا للخطأ الكبير الذي وقعت فيه جامعة الدول العربية من قبل، وهو أن تكون المساعدات للمعارضة السورية، إنسانية ودبلوماسية فقط خلال القذف الوحشي من قِبل الخائن بشار الأسد لشعبه والتي أودت بحياة أكثر من 70 ألف مواطن سوري لا ذنب لهم سوي إيمانهم بقضيتهم، لا ذنب لهم سوي الدفاع عن حريتهم وكرامتهم وإنسانيتهم. وكان يجب من البداية علي الجامعة ووزراء الخارجية العرب ورؤساء وملوك الدول العربية الذين وقفوا موقف العاجز المتخاذل فتخاذلوا عن دعم الشعب السوري ضد النظام الفاسد.. وكان من باب أولي بدلا من الشجب والندب والكلام والتصريحات الوهمية والوعود الكلامية تقديم جميع وسائل الدفاع عن الشعب السوري والثوار الأحرار عسكريًا لدعم صمود الشعب السوري ضد الفاجر بشار الأسد. وكم كنت سعيدًا أنا الدبلوماسي دولي والكثوري المصري العربي- بالدعوة من قِبل الجامعة للائتلاف الوطني إلي تشكيل هيئة تنفيذية 'لشغل مقعد سوريا في الجامعة ومنظماتها ومجالسها وأجهزتها للمشاركة في القمة العربية في الدوحة'. وأحد المواقف الإيجابية للجامعة التي لا تُنسي أنها علقت عضوية الحكومة السورية فيها عام 2011 احتجاجا علي استخدام الطاغية بشار الأسد القوة والعنف في التعامل مع الثوار الأبطال والشعب السوري المغوار، وكان من الأفضل أن يأتي متأخرًا من أن لا يأتي أبدًا. والقرار خطوة في طريق المطالبة بمقعد في الأممالمتحدة، لأن مثل هذه الخطوات المهمة والإيجابية ستؤدي عاجلا أم آجلا إلي الإطاحة بالأسد ووضع نهاية حاسمة لنظامه الوحشي. وكان عرض الجامعة بالرغم من رفض عدد من الدول العربية لهذا القرار الصائب الوطني الحر، وعلي رأس الدول الرافضة لبنان التي قالت: إن مقعد سوريا يجب ألا يذهب للمعارضة، لأن سوريا دولة وحكومة، وفكرة أن يحل محلها مجموعة من المعارضين أمر خطير جدًا. وللأسف الشديد سارت لبنان في الاتجاه المعاكس فدعت إلي إلغاء تعليق عضوية سوريا بجامعة الدول العربية للمساعدة في التوصل إلي حل سياسي للصراع في البلاد. من أوجد بحرًا من الدماء هو بشار، لأنه لم يلتزم بالقرارات العربية بالإضافة إلي تعنته في زيادة هذه المذبحة فلم أر في حياتي رئيسًا عربيًا يقصف شعبه بالاسكود، مما أدي إلي فرار وتشريد أكثر من مليون لاجئ سوري، ولم يخل بيت سوري من شهيد علي الأقل، ويجب أن يكون الحل فوريًا وجذريًا وسريع لإنقاذ سوريا من 'الصوملة'، وأول هذه الحلول هو مقعد للمعارضة السورية الذي استنكرته ورفضته بشدة وزارة الخارجية السورية في بيان لها، وكذا موافقة وزراء الخارجية العرب علي الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري ممثلًا شرعيًا ووحيدا للشعب السوري ودعوته لتشكيل هيئة تنفيذية لشغل مقعد سورية في الجامعة ومنظماتها. وقالت الوزارة السوريا إن هذا القرار يعمل علي خرق ميثاق جامعة الدول العربية والخروج علي نظامها الداخلي، وبالطبع هذا كلام مضحك ومثير للدهشة، لأنه من الجنون والعته والإباحية والتمادي في الظلم والطغيان أن يستبيح النظام السوري الأرض والعِرض ويخرق كل النظم والأخلاق والمبادئ الإنسانية ويستنكر في الوقت ذاته موقف الجامعة ويعتبره خرقًا لميثاق الشرف؟ فأين إذن ميثاق الشرف لعديم الشرف بشار الأسد؟ أي تضحيات أخري يمكن للشعب السوري أن يقدمها أكثر مما قدم؟! ولكن كان يجب علي الجامعة أن يكون لها موقف قوي منذ بدأ النظام في انتهاك حقوق الإنسان، وأتي القرار متأخرًا وساهم في زعزعة بشار، وسيزيد هذا القرار من عزلة نظام القاتل بشار الأسد ‹المعزول أصلًا وسيقوم هذا القرار الصائب بخلق العديد من المواقف العربية الموحدة بطريقة أكثر مصداقية وعقلانية وتفاعلية من ذي قبل وحتمًا سيجلب القرار الصائب تداعيات إيجابية، وسيقدم هذا العرض المزيد والكثير لصالح واحد من أهم الشعوب العربية في المنطقة وهو الشعب السوري الرائع. وأطالب ائتلاف المعارضة السورية بالتركيز علي إخراج سوريًا شعبًا ووطنًا وأرضًا إلي بر الأمان بعيدًا عن الطائفية والعنصرية، والقبض علي بشار وأعوانه لمحاكمة ثورية، وهذه مسؤولية ضخمة تتطلب المزيد من الوطنية للحصول علي الشرعية الكاملة في سوريا، ومزيد من الوقت والجهد والمال. ومن هنا أناشد جميع الدول العربية برؤسائها وملوكها وشعوبها ووزراء خارجيتها ومنظماتها ورجال أعمالها بالوقوف بجوار الشرعية الثورية المتمثلة في المعارضة السورية ومقعدها بالجامعة ودعمها ماديا ومعنويا وإعلاميًا حتي تزول الغمة عن شعب شقيق عاني المر والمرار بل عاني الأمرين، ولا بد أن تنكشف الظلمة عن هذا الشعب لتعود سوريا بفجر يوم جديد لعصر مديد مليء بالحب والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، في خطوة تشكّل رسالة مهمة لنظام بشار، 'فاقد الشرعية'، والذي يسعي، عن طريق القوة والقذف والفرم والتدمير والتشريد والتعذيب والقتل، إلي كبت الحريات والإنسانية، وهي مطالب مشروعة للشعب السوري الذي لا يريد سوي الكرامة. وهنا أطرح سؤالًا دبلوماسيًا فيه خلفية دبلوماسية مخلوطة بالثورية العربية وهو: هل سيتكرر السيناريو الليبي في سوريا؟.. من المحتمل أن يتكرر السيناريو الليبي مع بعض الاختلاف، لأن ائتلاف قوي المعارضة يحاول ترتيب أوضاعه والسعي من أجل الوصول لأفضل الحلول، وعلي الجانب الآخر هناك الإسلاميون الممولون الذين يمتلكون خططًا خاصة، ولديهم مؤيدون ومساندون، وأرضيتهم الصلبة تكمن في مصادر تمويلهم المستقلة، وما يكفي من القوة لمقارعة نظام الأسد، والقيام بتشكيل اللون الآخر من المعارضة علي حد سواء رأسًا إلي رأس مع الائتلاف السوري. ولكنني أتمني ألا تتحول سوريا من خلال عناد وعنجهية العنيد بشار الأسد إلي حرب أهلية، لأنها لو تحولت 'لا قدر الله' ستكون أكثر كارثية، مما هي عليه في ليبيا، وذلك بسبب موقع سوريا المهم والاستراتيجي في قلب الشرق الأوسط. إن هذه الشخصية المريضة بشار الأسد سترحل طوعًا أو كرهًا أو قهرًا، عاجلا أم آجلا. وهنا سؤال: من سيأتي للحكم بعد بشار؟ وهنا أترك الإجابة عن هذا السؤال ليجيب عنه الزمن، لأن الاحتمال الأرجح في مرحلة ما بعد بشار، سيكمن في استمرار النزاع للاستيلاء علي السلطة. ولكنني علي يقين تام وثقة متناهية في الشعب السوري الحر، الذي سيحررها بإرادته القوية وثقافته العتية ومنارته الثرية، ضد الظلم والظلام والطغيان، ليخرج بها إلي شمس الأمل، لتنعم بالأمن والأمان. وهنا أقدم التحية لرجال التضحية، لرجال الحرية شهداء الثورة السورية الذين ضحوا بأنفسهم وأرواحهم فداءً لوطنهم وعرضهم وكرامتهم، الذين لا ذنب لهم سوي رغبتهم في رفع رؤسهم، وأقول لكل سوري 'إرفع رأسك فأنت سوري'.. فقبلة مني علي قدم كل شهيد سوري، وقبلة مني علي جبين كل مصاب سوري قدم إصابته لسوريته قائلا لنفسه وأرضه وأولاده وأجياله: 'يا نموت بكرامة وقيمة.. يا نكمل ثورة عظيمة'. عميد النادي الدبلوماسي الدولي [email protected]