في كل يوم في مصرنا الحبيبة نصحو علي مهزلة اشد من مهازل الامس وقبل الامس، لا استطيع ان اصف ايا من هذه المهازل من كثرتها فقد اصبحت من روتيننا اليومي، لكن اشد هذه المأسي ان تنهدم ثوابت رسخت في وجدان ابناء هذا الوطن، قلاع تتهاوي لها الف جانب كل جانب منها يحتاج الي مئات السنين لكي يشيد من جديد، لقد هالني ما حدث بجامعة عين شمس العريقه ذات الثوابت الراسخه التي يعتز بها كل مصري، لقد شاهدت فيديو لرئيس جامعة عين شمس يسير في الحرم الجامعي هو ومجموعه من الاساتذه وفجأه ظهرت مجموعه من الطلبه صغار السن والذي لا يزيد عمر اكبرهم عن عمر اصغر حفيد لهؤلاء الاساتذه فانقضوا بهمجيه علي السيد رئيس الجامعه ومن معه من الاساتذه في اعتداء اقل ما يوصف بالوحشي والغير ادمي في صوره لم تتكرر من قبل في اي مدرسه او معهد اوجامعه مصريه للاعتداء علي الرموز العلميه، وايا ما كان قد فعله رئيس الجامعه فان كل مصري شاهد هذا المنظر المخزي والاساتذه يتساقطون علي الارض ويكال لهم الضرب بكثافه وهم يحاولون ان يحموا رئيس الجامعه من اعتداء الطلبه لابد ان يذرف دموع الحزن والخجل والعار مما يحدث في مصر الكنانه، ويترحم علي ما اصاب اخلاقنا وكما قال الشاعر: واذا أصيب القوم في اخلاقهم فاقم عليهم مأتما وعويلا وانني اعتقد اننا قد اصبنا في اخلاقنا ولم يعد ثم من ثوابت او قيم نلتف حولها فتضئ ايامنا اذا اسودت الدنيا من حولنا، انني اعتقد ان الحدث المخزي في جامعة عين شمس ليس وليد اللحظه او اليوم لكنه نتيجه لتراكم سنوات من تآكل الاخلاق واهتزاز القيم في اعين الناس وتلاشي الخطوط الحمراء، واختلاط المحرم بالمحلل ولم ينتبه احد لما قد يؤول اليه المآل، وانني اذكر انه منذ ثلاث سنوات حذرت مما يحدث الان في مقال بعنوان 'ناقوس الخطر بين طنطا والعمرانيه'، فاحداث طنطا بدأت بخلاف بين احد الاساتذه المحامين واحد اعضاء النيابه وعلي اثره حدثت احداث شغب طائفيه مهنيه فتحزب اصحاب كل مهنه لزميلهم وتم الاعتداء علي مقدرات الشعب فقد تم تدمير اثاث وموجودات المحكمه وكان اعتصام استمر لايام من جانب اصحاب المهنتين، فكيف تم حل المشكله؟ اما احداث العمرانيه فكانت شبيهه باحداث طنطا فانتفض فصيل من الشعب ليدمر محافظة الجيزه لانها اعترضت علي بناء دور عباده بشكل غير قانوني في غير الغرض المخصص له، فقد تم الاعتداء علي القوه المكلفه بالتنفيذ وتحطيم جزء من محافظة الجيزه، وبغض النظر عن الملابسات في الحادثتين لكن الافعال متشابهه والنتيجه واحده الا وهي هدم الثوابت، ان الاعتداء الاثيم والغير اخلاقي علي رئيس جامعة عين شمس واساتذتها يعيدنا الي عهد الجاهلية الاولي في بلد عرف التحضر منذ بضعة الاف سنه، اني ازعم ان النظام السابق قد ساهم بشكل كبير جدا في هذه الحاله اللاخلاقيه المترديه، لكنني لا اعفي فرقاء الثوره المتترسين خلف ايدلوجيات واخلاقيات ليس لها اي وجود في الواقع ولا في الشارع المصري، فهم بدورهم قد ساهموا بشكل اكبر من مساهمة النظام السابق في انتشار ظاهرة هدم الثوابت، فبعد الثوره ليس هناك قامه علي قيد الحياه او من سكان القبور الا وقد طالها سوء الادب وسوء الاخلاق، فليس لاحد قيمه مهما علا شأنه وايما كان وزنه، وكأن هذه اخلاقيات الثورة والثوار، وانني انزه الثوره والثوار الحقيقين عما يحدث في بلادي فهذه الاخلاق تخص فئات لا تعرف للاخلاق سبيل ولا تسلك للحق مسلكا قويما، وانني اعتقد ان هذه لحظة مؤقته في عمر مصر الممتد بعمق التاريخ، و ان شعبنا الابي سيزأر في وجه دعاة الفتنه ايا كان انتماءتهم، فلا يغرنكم صمته فأن هو تحرك فسيعصف بكل من يحاول ان يهدم هذا البلد او يضر بمصالح هذا الشعب 'وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون' * خبير بجامعة الدول العربية [email protected]