مقتل قائد الحرس الثورى الإيرانى يزج بأطراف أخرى فى الصراع بلغ التوتر ذروته بين الولاياتالمتحدة والجمهورية الاسلامية الايرانية بعد قيام وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) باستهداف قائد الحرس الثورى الايرانى قاسم سليمانى فى العراق أسفرت عن مقتله وخمسة من قادة الحشد الشعبى، وذلك بعد سلسلة من الاحداث المشتعلة بدأت بضرب مواقع لحزب الله فى العراقوسوريا ومقتل أكثر من 25 شخصًا، واقتحام السفارة الامريكية فى بغداد من قبل محتجين من الميليشيات الشيعية . وتعد عملية استهداف سليمانى وقتله ضربة قاصمة لإيران؛ حيث كان يدير العمليات الخاصة خارج بلاده ويعتبر رئيسا للاستخبارات الايرانية منذ 23 عاما، كما أنه يكن مسئولا فقط عن جمع المعلومات الاستخبارية والعمليات العسكرية السرية فى العراق والشام فحسب بل كان من أكثر الشخصيات العسكرية الماكرة والاستقلالية وكان يعتقد أيضا أنه قريب جدًا من الزعيم الأعلى للبلاد ، آية الله على خامنئى - ويُنظر إليه كزعيم محتمل لإيران فى المستقبل. يعتبر الكثير من الامريكيين أن سليمانى أبرز مسئول استخبارات عسكرية ذو فاعلية فى المنطقة ، ويعتقدون أنه كبير الاستراتيجيين وأنه وراء المشاريع العسكرية الإيرانية ونفوذها فى سورياوالعراق وأماكن أخرى فى المنطقة وخارجها. كان الجنرال سليمانى الذى قتل فى عمر يناهز 62 عامًا قادما من سوريا إلى مطار بغداد الدولى وكان برفقة مسئول العلاقات العامة بقوة القدس «رضا جابرى» وكان فى انتظارهما سيارتان بهما ثلاثة قادة من ميليشيا الحشد الشعبى وأثناء توجه السيارتين للمغادرة من المطار تم تفجيرهما بضربة جوية أسفرت عن مقتل من بداخلهما. تواترت تقارير أن سليمانى جاء من سوريا للعراق للاجتماع بقادة الميليشيات المدعومة من ايران للتخطيط لشن هجمات على القوات الامريكية ردا على هجمات البنتاجون على مواقع تابعة لحزب الله. وأكد مسئولون أمريكيون لصحيفة النيويورك تايمز أن الرئيس دونالد ترامب أمر بقتل القائد القوى للحرس الثورى الايرانى اللواء قاسم سليمانى فى غارة جوية بطائرة بدون طيار على مطار بغداد. وأكدت تقارير أنه كان يوجد أكثر من خيار للرد على اقتحام السفارة الامريكية كان من بينها مقتل سليمانى إلا أن ترامب اختار التخلص منه، وذلك بشكل غير متوقع من قبل فريق الامن القومى الذى اجتمع بهم الرئيس الامريكى للرد على اقتحام السفارة الامريكية.الامر الذى يعنى أن البنتاجون واجه فجأة المهمة الشاقة المتمثلة فى تنفيذ أوامر ترامب. وعلمت الوكالات الاستخبارية الامريكية التى كانت تتبع سليمانى لسنوات ، أنه كان فى رحلة بالشرق الاوسط بين كل من لبنانوسوريا وعلموا أنه سوف ينتقل بالطائرة من دمشق إلى بغداد خلال أيام قليلة. وقال البنتاجون فى بيان «الجنرال سليمانى كان يعمل بنشاط على تطوير خطط لمهاجمة الدبلوماسيين الأمريكيين وأعضاء الخدمة فى العراق وجميع أنحاء المنطقة. وأضاف البيان أن «الجنرال سليمانى وقواته فى فيلق القدس مسئولين عن مقتل المئات من أفراد القوات الأمريكية وقوات التحالف وإصابة الآلاف منهم». وأردف البيان أن سليمانى «وافق أيضًا على الهجمات على السفارة الأمريكية فى بغداد». ويعتبر المسئولون الأمريكيون أن الجنرال سليمانى قائد قوة القدس التابعة للحرس الثورى الايرانى، المسئول عن مقتل مئات من الجنود الامريكيين خلال حرب العراق والانشطة الايرانية المعادية فى جميع أنحاء الشرق الاوسط. يذكر أن قاسم سليمانى الذى يقود فيلق القدس التابع للحرس الثورى الايرانى ويقوم بعمليات عسكرية سرية فى العراقوسوريا هو من أنشأ ودرب ميليشيات الحزب الشعبى العراقية التى لا تخفى ولاءها لنظام الملالى فى إيران ويتخذها النظام الايرانى أداة لتنفيذ مخططاته فى البلاد بالقوة ، وتعتبر واشنطن هذه الميليشيات مصدر قلق لها وتتهمها بشن هجمات على قواعد عسكرية عراقية بها جنود أمريكيون وذلك كلما زاد الضغط على طهران بالعقوبات الاقتصادية بسبب برنامجها النووى، كان آخرها هجومها بأكثر من 30 صاروخا على قاعدة عسكرية عراقية بالقرب من كركوك أسفر عن مقتل مواطن أمريكى وإصابة أربعة من أفراد الخدمة الامريكية واثنين من أفراد قوات الامن العراقية. وبعد استهداف البنتاجون لمواقع حزب الله ردا على الهجوم الاخير على قواتها أصدر مساعد وزير الخارجية الامريكى «جونثان هوفمان» بيانًا قال فيه «ردًا على هجمات كتائب حزب الله المتكررة على القواعد العراقية التى تستضيف قوات التحالف، شنت القوات الامريكية ضربات دفاعية دقيقة ضد خمس منشآت تابعة له فى العراقوسوريا ستؤدى إلى إضعاف قدرة كتائب حزب الله على تنفيذ هجمات مستقبلية ضد قوات التحالف. وأضاف البيان أن هذه الهجمات شملت مرافق تخزين الاسلحة ومواقع القيادة والسيطرة التى تستخدمها الكتائب للتخطيط وتنفيذ الهجمات على قوات التحالف. وجاء فى البيان أن كتائب حزب الله الشيعى على صلة قوية مع قوة فيلق القدسالايرانية (التى يقودها قاسم سليمانى) وأنه تلقى مرارا وتكرارا مساعدات بمعدات تستخدم للقتل وغيرها من الدعم الايرانى الذى استخدمها لمهاجمة قوات التحالف. وردا على هجمات البنتاجون على مواقع حزب الله تجمع مئات المحتجين أمام السفارة الامريكية فى العراق وأضرموا النار بأحد مداخلها وهشموا زجاجها، وتسلقوا جدران السفارة وكانوا يهتفون «الموت لأمريكا» وهو ذات الشعار الذى يهتف به المتظاهرون فى ايران ضد أمريكا، حيث هرعت الولاياتالمتحدة بإرسال طائرات من الآباتشى والهليكوبتر تحمل جنودا من المارينز التى تعرف بقوة الانتشار السريع وأطلقوا قنابل مسيلة للغاز لتفريق المحتجين. وقال الرئيس ترامب إن «ايران ستتحمل المسئولية الكاملة عن الهجوم على السفارة». وأكد البنتاجون أنه تم نشر 750 جنديًا من المظليين على الفور بالكويت، وأنه تم إبلاغ 4000 آخرين من نفس الفئة الاستعداد للانتشار فى الايام المقبلة. وبعد تهديد ايران «بانتقام قاسى» للرد على مقتل قائدها العسكرى، أعلنت الولاياتالمتحدة عن نشر 3500 جندى اضافى للعراق والمناطق المحيطة به وذلك تحسبا لتصاعد التوتر، وقالت طهران أن توقيت الرد سيكون من اختيارها هى. وأعلن حلف الناتو تعليق عمليات التدريب فى العراق إثر مقتل سليمانى، كما أشارت تقارير إلى أن واشنطن أرسلت رسالة إلى ايران عن طريق سويسرا بأن يكون الرد على مقتل سليمانى على مستوى اغتياله، غير أن وسائل الاعلام الامريكية التزمت الصمت ولم يعلق أى مسؤل أمريكى حتى الان على مضمون الرسالة التى تم تسليمها لطهران. وأعلن قائد الحرس الثورى الايرانى محسن رضائى أن الحرس الثورى الايرانى جاهز للرد بقوة على مقتل سليمانى لكنه منتظر الامر. ويرى مراقبون أن الولاياتالمتحدة أرسلت رسائل ردع لإيران عن طريق استهداف مواقع تابعة للميليشيات العراقية المدعومة من طهران، وكان لدى هذه الميليشيات رسالة أيضا كتبوها على جدران السفارة الامريكية تحمل اسم قاسم سليمانى تقول «لقد مر من هنا». غير أن الرئيس ترامب بادر بقطع رأسه من خلال غارة أمريكية على سيارته ليشتعل الصراع أكثر وأكثر بين كل من واشنطن التى أرسلت أكثر من 14 ألف جندى للمنطقة منذ مايو الماضى وبين دولة الملالى التى صعدت من هجماتها على مواقع للجنود الامريكيين فى العراق. فيما يحذر مسؤلون أمريكيون من ردود فعل ايرانية محتملة للرد الايرانى، لاسيما بعد اجتماع المرشد الاعلى أية الله خامنئى بمجلس الامن القومى عقب اغتيال سليمانى الأمر الذى يؤكد أن طهران ستقوم بعمل انتقامى كبير لكنه ليس فى إطار صراع عسكرى تقليدى-كما أكد بعض المسؤلين الإيرانيين- ويشير محللون إلى أنه لدى الولاياتالمتحدة الكثير من الاصول والمصالح والحلفاء فى المنطقة والتى يمكن أن تصبح جميعها أهدافا للرد الايرانى، وتتضمن السفارات والقنصليات وطرق الشحن والمنشأت النفطية، ومن الممكن أن تستهدف دولة الملالى أيضا شركاء الولاياتالمتحدة فى الشرق الاوسط مما يهدد باجتذاب المزيد من الاطراف الفاعلة فى النزاع، ولذلك وضعت واشنطن ودول أخرى سفاراتها فى حالة تأهب أمنى عقب مقتل سليمانى. ويمكن القول إن مقتل سليمانى سيزج بأطراف أخرى فى الصراع بين واشنطنوطهران.