«مصر الأعلى عالميًا فى نسبة الطلاق».. هذه عبارة أصبحنا نسمعها ولانندهش لها منذ عدة سنوات، فإذا كنا نعانى مشكلات اجتماعية أخرى خاصة بالزواج مثل قضية العنوسة بين الشباب والفتيات والزواج المبكر للفتيات دون السن القانونية المحددة بثمانية عشر عاما، فإننا نعانى المشكلة الاكثر فداحة وهى الطلاق، الذى يترتب عليه آثار أخرى على الابناء وعلى المجتمع. الاحصاءات تؤكد ان هناك حالة طلاق كل اربع دقائق، ووصول نسب الطلاق إلى 44%، وهذا يعنى أن كل 100 حالة زواج يحدث فيها تقريبًا 50% طلاق.. وأن هناك 9 ملايين طفل دون أب وأم بشكل مباشر، و522حالة طلاق يوميا. المشكلة التى يتم تداولها اعلاميًا بشكل كبير لا تجد حتى الآن حلولا ناجحة، فالأسباب بالطبع معروفة، لكن معالجة هذه الأسباب تتطلب علاج كل مشكلات المجتمع وهى بالطبع لن تحل بين يوم وليلة، حيث تأتى الضغوط المادية على رأس الاسباب التى تؤدى للطلاق، ولأن كثيرا من الشباب والفتيات المقبلين على الزواج لا يدركون معنى المسئولية فى تكوين أسرة وبيت جديد، وليس لديهم القدرة على التعامل مع الخلافات بمرونة، فإنهم غالبا مايلجئون للحل الأسهل وهو الطلاق. القضية ليست مرتبطة بالتعليم ولكنها مرتبطة بالوعى وتقديس الحياة الزوجية، فكانت أمهاتنا وجداتنا على مستوى ضئيل من العلم، ولكنهن استطعن بحكمة وفطنة أن يتخطين أصعب الظروف المادية والأوضاع التى فرضها المجتمع من العيش فى معيشة مشتركة مع عائلة الزوج، ولكن ذلك كله، لم يحدث تلك الشروخ الهائلة التى نراها اليوم. أين هم رجال الدين؟ وأين مؤسسات المجتمع؟ وأين دور الاسرة فى تربية الأبناء على تحمل المسئولية؟ كلها أسئلة لا تجد اجابات، ببساطة لأن كلا منهم لا يقوم بدوره على الوجه الأمثل. وزارة التضامن كانت قد دشنت قبل عام برنامجا أسمته «مودة» وهو برنامج يستهدف شباب الجامعات والمجندين، ويبدأ فى مرحلته التجريبية بجامعات القاهرة والإسكندرية وبورسعيد، باعتبار أن هذه المحافظات هى الأعلى من حيث نسب الطلاق، وهو البرنامج الذى أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى منصته الاليكترونية خلال منتدى شباب العالم الذى عقد منتصف ديسمبر الجارى بمدينة شرم الشيخ.. فكرة إطلاق المشروع جاءت بعد رصد ارتفاع حالات الطلاق لنحو 198 ألف حالة سنويا، بينما تم رصد أعلى نسب للطلاق بين الأزواج فى الفئة العمرية من 30 – 35 عاما وبنسبة 20٪ من المطلقين.. الطلاق وخاصة بين المتزوجين حديثا اصبح مشكلة تؤرق كثيرا من البيوت المصرية ولم تفلح كل الجهود حتى الان فى تداركها أو الحد منها، والحكايات والقصص التى نسمعها عما يعانيه أبناء الطلاق حدَّث عنها ولاحرج، ناهيك عن الحوادث البشعة التى يرتكبها اباء وامهات واقارب فى حق الاطفال الصغار جراء المشكلات التى تنتج عن الطلاق، والتى تتجرد فيها كل المعانى الانسانية. كل الجهود الطيبة التى بذلت حتى الآن نتمنى أن تثمر نتائج ملموسة على أرض الواقع، قبل أن نفاجأ بأن سوس الخلافات ينخر فى أساسيات بيوتنا، ويلتهم ماتبقى من «السكن والمودة».