يومًا بعد آخر، يثبت السلطان العثمانى الموهوم رجب طيب أردوغان أنه لا يتحرك سياسيًا بمنطق «رئيس دولة» بل بمنطق «قاطع طريق»، بدليل زيارته الغامضة الأخيرة إلى تونس، وهى الزيارة التى لم يتم الإعلان عنها قبل وقت كافٍ وفق القواعد الدبلوماسية، إلى أن فوجئ الجميع بهبوط طائرة «قاطع الطريق» فى تونس. أردوغان - بهذه الزيارة- كان يحاول الهروب من مأزق حلفائه الإخوان فى ليبيا الداعمين لحكومة فايز السراج بطرابلس، بعد أن دخل الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر إلى قلب طرابلس فى الأيام الماضية، وفرض مصر واليونان وقبرص بفرض ستارًا جويًا وبحريًا على تحركات جيش أردوغان لإيصال الرجال والمعدات العسكرية إلى طرابلس. ومن هنا، أراد أردوغان الالتفاف بالتوجه إلى تونس ومحاولة استخدام أراضيها القريبة من طرابلس جسرًا لتوصيل الدعم لحكومة السراج المذعورة التى باتت على شفا الانهيار، لا سيما مع ورود أنباء عن هروب الكثير من قياداتها إلى تركيا بأموالهم الحرام، بعد أن سبق أن أرسلوا أُسرهم إلى هناك!!. غير أن الرد التونسى كان صادمًا وصافعًا لأحلام أردوغان الذى فوجئ بردة فعل التونسيين -رسميًا وشعبيًا- الحاسمة بعدم الدخول فى أحلاف أو السماح بالاستقطاب فى معركة طرابلس وأخذ موقف تركيا ودعم السراج، وهو ما تمثل فى رفض الأغلبية العظمى من الأحزاب السياسية –عدا حزب النهضة الإخوانى بالطبع- لهذه الزيارة المسمومة وما ترمى إليه، كما كان الرئيس التونسى قيس سعيد واضحًا فى اتخاذ هذا الموقف من الناحية الرسمية، مؤكدًا أن تونس دولة ذات سيادة ولن تسمح لأحد أن ينتقص من هذه السيادة مهما كان، ومشيرًا فى بيان متلفز إلى أنه لا صحة لما زعم أردوغان وميليشيات حكومة الوفاق عن تحالف تونس معهم.. مشددًا على أن أى تصريحات من هذا النوع هى تصريحات غير مسؤولة وتخرج عن سوء فهم وسوء تقدير، ولا تلزم هذه التصريحات إلا من يتفوه بها!!. وعلى مستوى الداخل التركي، أدانت الأحزاب المعارضة الرئيسة فى تركيا تحركات أردوغان الأخيرة لدعم حكومة الوفاق والإخوان فى ليبيا؛ حيث أكد «أحمد كامل إيروزان» .. رئيس العلاقات الدولية بحزب «الخير» التركى المعارض.. أن سبب إرسال الدعم العسكرى التركى إلى ليبيا هو دعم نظام الإخوان هناك باعتبارها قلعة التنظيم الإرهابى الأخيرة بالمنطقة، وانتقد «إيروزان» تصريحات أردوغان بشأن إرسال المزيد من الدعم العسكرى إلى الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، قائلاً: لو كانت الحكومة الموجودة بليبيا هى الحكومة الشرعية، فإن حكومة بشار الأسد بسوريا هى شرعية أيضًا، وحينها فلتذهب إلى الأسد وتصافحه!!.