يبدو أن الحصار الشديد الذى يفرضه الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر حول العاصمة الليبية طرابلس للتخلص من الميليشيات الإرهابية الموالية لتركيا وقطر وجماعة «الإخوان» الإرهابية والمتحكمة فى فايز السراج رئيس حكومة الوفاق، قد أدى إلى إرباك خطط الخليفة العثمانى الموهوم أردوغان، والذى يحاول بكل السبل إنقاذ السراج وحلفائه، ولذا قام الطرفان (أردوغان، والسراج) بتوقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، فضلًا عن اتفاقية أمنية وعسكرية!! وقد أحسن مجلس النواب الليبى بإدانة وتوصيف هذه الاتفاقية المريبة بالقول إنها «تهدف إلى تزويد الميليشيات الإرهابية بالسلاح»، مضيفًا أنها «تمثل تهديدا تركيًا للأمن العربى وللأمن والسلم فى البحر المتوسط، وهى خطوة ترقى إلى تهمة الخيانة العظمى». وتسمح هذه الاتفاقية للجانب التركى باستخدام الأجواء الليبية ودخول المياه الإقليمية دون إذن، مما يمثل تهديدًا حقيقيًا وانتهاكًا صارخًا للأمن والسيادة الليبية. وبالطبع، فإن الدعم التركى للسراج وحلفائه من الميليشيات الإرهابية لا يحتاج إلى إثبات، لدرجة أن أردوغان نفسه يعترف بهذا الدعم سواء بالسلاح أو بالإرهابيين الفارين من سوريا، وهو الأمر الذى يحدث على مرأى ومسمع من الأممالمتحدة التى فرضت حظرًا دوليًا على توريد السلاح للطرفين المتنازعين فى ليبيا، وبالتالى يثير صمت المنظمة الدولية على خرق أردوغان لهذا الحظر الكثير من علامات الاستفهام!! وقد أراد أردوغان بهذه الاتفاقية الجديدة «شرعنة» التدخل فى ليبيا لإنقاذ السراج وميليشياته الإرهابية بعد أن اقتربت «ساعة النهاية» على يد الجيش الوطنى الليبى. هذا من ناحية الشق الأمنى والعسكرى من الاتفاقية المريبة، أما من ناحية الشق الخاص بترسيم الحدود البحرية، فهو شىء أقرب إلى الكوميديا السوداء، والتى لخصها وزير الخارجية اليونانى «نيكوس ديندياس» بالقول: «إن أى اتفاق بحرى بين ليبيا وتركيا يتجاهل شيئًا شديد الوضوح وهو أن بين هاتين الدولتين جغرافيًا توجد كتلة ضخمة من الأرض وهى كريت.. وبالتالى مثل تلك المحاولة هى أمر مناف للعقل»!! ويبقى التأكيد على أن توقيع السراج لهذه الاتفاقية مع أردوغان، أمر غير قانونى بالمرة على طريقة «من لا يملك أعطى لمن لا يستحق» حيث تنص المادة الثامنة من اتفاق «الصخيرات» السياسى بين الفرقاء الليبيين، والذى تم توقيعه بالمغرب تحت مظلة الأممالمتحدة فى ديسمبر 2015م، صراحةً على أن مجلس رئاسة الوزراء ككل- وليس رئيس المجلس منفردًا - من يملك صلاحية عقد اتفاقيات دولية.