علي الرغم من الدور الوطني الكبير الذي قام به الجيش المصري، وانحيازه الأصيل إلي الثورة المصرية منذ لحظاتها الأولي.. وعلي الرغم من تحمل قادة القوات المسلحة، والضباط، وضباط الصف والجنود فوق طاقتهم من حملات مغرضة استهدفت الإساءة إليهم والتشهير بهم خلال الفترة الانتقالية، وعلي الرغم من انصياع القيادة العسكرية السابقة لقرارات رئيس الجمهورية 'غير الشرعية' ومغادرتها مواقعها في المؤسسة العسكرية، تجنيبًا لمصر أي صراعات تشق صفها.. علي الرغم من كل ذلك استمرت حملة الشائعات، والإساءات، والأكاذيب التي تستهدف قادة القوات المسلحة طيلة الفترة الماضية، والتي تزايدت وتيرتها بشكل ملحوظ منذ تولي الرئيس محمد مرسي مقاليد الحكم في البلاد. لقد تعاملت القيادة السياسية، وجماعة الإخوان المسلمين، ومرشدها العام مع القوات المسلحة، وكأنها مؤسسة خاصة، تسعي للاستحواذ عليها، ضمن محاولاتهم الرامية لأخونة الدولة المصرية، وإخضاعها لمشيئتهم.. وجاءت تصريحات الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين منذ عدة أشهر والتي تعرض فيها لقيادات الجيش المصري، واتهمها بالفساد، ثم راح يسحب تصريحه تحت ضغط الغضب الذي تصاعد في عقول وصدور ضباط القوات المسلحة لتكشف عن حقيقة نظرة جماعة الإخوان وذراعهم السياسية للقوات المسلحة المصرية الباسلة، وقادتها الشرفاء.. ولم تتوقف الحملات عند هذا الحد، بل جرت محاولات متكررة بتجاهل القادة التاريخيين للقوات المسلحة، وأبطال حرب أكتوبر، وكان ما حدث في استاد القاهرة في ذكري الاحتفال بانتصارات أكتوبر خير تجسيد لذلك، حيث اختصرت جماعة الإخوان الاحتفال في عناصرها وجماهيرها، علي الرغم من أنهم، وفي معظمهم لم يشاركوا في تحقيق النصر، ولا علاقة لهم به، لأنهم كانوا ممنوعين من الالتحاق بالقوات المسلحة كونهم أصحاب أفكار ورؤي مرفوضة داخل الجيش، الحريص علي الحفاظ علي كونه جيشًا وطنيًا، بعيدًا عن الانتماءات السياسية لهذا الفصيل أو ذاك. ولم تتوقف محاولات الإساءة والتعريض بالقوات المسلحة طيلة الأشهر الماضية، وتزايدت وتيرتها بشكل ملحوظ، عبر الأخبار والبيانات الكاذبة التي راحت تشق طريقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام المختلفة، وهو ما دفع بالمتحدث الرسمي العسكري باسم القوات المسلحة إلي إصدار البيان، تلو الآخر، يناشد فيه الجماعات والعناصر السياسية أن تبتعد عن القوات المسلحة التي تمارس مهامها بحيادية مطلقة، خدمة للمصريين جميعًا.. إلا أن تلك البيانات والتحذيرات لم تؤثر في هؤلاء، الذين راحوا يفرضون منهج الأخونة علي جميع المؤسسات المصرية، ومن بينها جهاز الشرطة، بعد تولية وزير يتوافق في اتجاهاته ومواقفه مع سياساتهم.. وكانت الطامة الكبري حين راحت بعض العناصر التابعة لجماعة الإخوان تطلق بالونات اختبار عن قرب صدور قرار رئاسي بعزل الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي من منصبه، تحت زعم أن الجيش يرفض تنفيذ الأوامر والتعليمات الصادرة بالتصدي للمتظاهرين السلميين، وهو ما أقلق المؤسسة العسكرية برمتها، ودفع بعديد من القادة العسكريين إلي التحذير من مغبة السير في مثل هذا الاتجاه، وجاءت تصريحات الفريق صبحي صدقي رئيس أركان القوات المسلحة المصرية في الإمارات مؤخرًا والتي تضمنت عبارات واضحة، أكد فيها أن الجيش المصري معني بما يدور في الدولة المصرية، وأنه إذا ما استدعاه الشعب فإنه جاهز للتدخل خلال ثانية واحدة. ويبدو أن التصريحات القوية والحاسمة التي وردت علي لسان أكثر من مصدر عسكري مسئول والتي حذرت من محاولات فرض الأخونة علي القوات المسلحة، كاشفة عن العديدمن التفاصيل في هذا الشأن، يبدو أنها أربكت معسكر الإخوان المتداعي، فراح مرشدهم يتراجع ويشيد بالقوات المسلحة 'درع مصر الواقية' حسب قوله، وراحت رئاسة الجمهورية تصدر بيانات رسمية تشيد فيها بالقوات المسلحة وعطائها وتنفي ما تردد حول عزل الفريق أول عبد الفتاح السيسي من منصبه، بل استقبل رئيس الجمهورية محمد مرسي وزير الدفاع في لقاء أراد من خلاله تهدئة خواطر القوات المسلحة، ونزع فتيل الغضب من صدور ضباطها وجنودها وضباط الصف. إن التجارب الإخوانية، وعلي مدي الأشهر الماضية، أثبتت أنهم يتلاعبون بالألفاظ، ويتخذون من المواقف ما يحقق مصالحهم، ويتراجعون القهقري حين يضعف موقفهم، ويتعرضون لهجوم واضح، وتحذير محدد.. إلا أن التجارب أثبتت أن مواقفهم تلك سرعان ما تتبدل، حسب الواقع ومجريات الأمور، ومن هنا فنحن نقول لهم إن اللعب مع الجيش بالنار هو خط أحمر، لن يقبل به أحد، خاصة بعد أن برهن الجيش وعلي مدي العامين الماضيين علي أنه الابن الأصيل للوطنية المصرية، ولعل ما حدث في الأيام الماضية من عودة الهتاف في المظاهرات والاعتصامات 'الجيش والشعب ايد واحدة' و'الشعب يريد تدخل الجيش'، ليؤكد عودة الوعي لمن أصابهم العوار يوم أن راحوا يتهجمون علي الجيش ويرفعون المقولة البغيضة 'يسقط يسقط حكم العسكر' فالمؤكد أن الشعب المصري بقواه المختلفة يلتف حول قواته المسلحة البطلة، ويرفض أي محاولات للمساس بقادتها، وهوما يدفعنا لتكرار التحذير مرة أخري من أن من سيقترب من القوات المسلحة البطلة، فسوف تحترق أصابعه، بل سيحترق كل جسده مهما تغافل عن حقيقة الواقع، وأصابه الغرور الواهي.. أحذر يا مرسي أنت وجماعتك 'إلا الجيش.. إلا الجيش'.