البريكست ويقصد به الانسحاب الوشيك للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى. ويأتى قرار الانسحاب البريطانى بعد الاستفتاء الذى حصل فى 23 يونيو عام 2016 فى عهد رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون والذى جاء لصالح الانسحاب بسبب المشككين فى وحدة أوروبا مقابل المؤيدين للبقاء معها، ولهذا الغرض فقد أسست ببريطانيا إدارة حكومية جديدة من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبى فى يوليو عام 2016، وقد بدأت المفاوضات مع الاتحاد الأوروبى بشكل رسمى فى شهر يونيو 2017 بهدف إتمام اتفاقية الانسحاب، ومنذ هذا التاريخ وإلى الآن تعيش دول الاتحاد الأوروبى ومؤسساته كابوسًا بسبب طول أمد تلك المفاوضات ولانعكاسات خروج بريطانيا وتأثيراته السلبية على مستقبل الاتحاد الأوربى وعلى بريطانيا وعلاقاتها الخارجية واقتصادها وشعبها أيضًا، وما لحق ببريطانيا وحكوماتها المتعاقبة من لعنات البريكست والتى أدت خلال أقل من أربع سنوات إلى استقالة ثلاثة من رؤساء حكوماتها. وقد بدأ قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى منذ أن تعهد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون خلال الحملة الانتخابية لعام 2015 بالمملكة المتحدة بإجراء استفتاء جديد، وهو الوعد الذى حققه فى عام 2016 بعد الضغط من الجناح المستقبلى فى حزبه، إلا أن محاولات ديفيد كاميرون لتمرير البقاء فى الاتحاد الأوروبى لم تحظ بالأغلبية البرلمانية وادى فشله إلى تعرضه لضغوطات برلمانية وحزبية أدت به فى النهاية إلى الاستقالة من رئاسة الوزراء والتعرض للعنة البريكست فى 13 مايو عام 2016 لتخلفه تيريزا ماى لرئاسة الوزراء، وقد عملت تيريزا ماى هى الأخرى خلال مدتها الرئاسية القليلة على الخروج من تلك الأزمة أو حسمها من خلال إجراء انتخابات عامة مبكرة بعد أقل من عام من حكمها لكنها وبعد جهودها المضنية مع مجلس العموم خسرت أغلبيتها البرلمانية بسبب لعنة البريكست ولتعلن استقالتها فى 13 يونيو 2019، لتتم مرة أخرى دعوة البريطانيين إلى انتخابات برلمانية مبكرة أخرى خسرت خلالها تيرازا ماى مقعدها ،وتمكن بوريس جونسون المحافظ بالفوز برئاسة الحكومة فى يوليو عام 2019 وليتولى بنفسه مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبى. كان من المقرر وبعد مفاوضات وتعديلات ومواعيد كثيرة أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبى فى 29 مارس 2019 عندما تنتهى فترة التفاوض على اتفاقية الانسحاب ما لم يتم الاتفاق على فترة تمديد ،ومع عدم التزام الحكومة البريطانية بمواعيد الخروج مدد الاتحاد الأوربى ولأكثر من مرة خلال تلك المدة موعدا للخروج، وكان آخره يوم 31 من أكتوبر الماضى، وأيضًا لم تتمكن خلاله الحكومة البريطانية بقيادة بوريس جونسون من الوفاء بالتزامها بالخروج لاعتراض البرلمان وكعادته على بنود الاتفاق بل وعلى الخروج والبقاء مع موافقة الاتحاد الأوربى بتمديد موعد نهائى هو 31 من يناير القادم 2020 كفرصة أخيرة لبريطانيا لحسم مسألة الخروج، ليجد بوريس جونسون نفسه فى النهاية أمام اتخاذ قراره بالاستقالة وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، ليضع بذلك آماله العريضة ومستقبل حزبه السياسى فى مهب الريح ومنها عدم التمكن من الرجوع لمنصبه على غرار ما حدث لرئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماى، يحدث هذا السيناريو غير المتوقع لبوريس جونسون فى ظل الانشقاقات الكبيرة داخل حزبه من ناحية، واستعداد حزب العمال المعارض بقيادة زعيمه جيريمى كوربين وقبوله للتحدى من ناحية أخرى. وبهذا تكون بريطانيا قد باتت على موعد لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة وذلك بعد تجميد مجلس النواب البريطانى أواخر شهر أكتوبر الماضى للعمل السياسى المتعلق بالبريكست، والموافقة على إجراء انتخابات برلمانية مبكرة والتى يأمل من خلالها بوريس جونسون فى استعادة الأكثرية البرلمانية ليتمكن بأريحية من تنفيذ وعده بالخروج، وفى النهاية سيكون على الناخبين البريطانيين خلال ديسمبر القادم الاختيار بين جونسون الذى يسعى لإتمام صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، أو بين حكومة اشتراكية تحت قيادة زعيم حزب العمال المعارض جيريمى كوربين الذى سيتفاوض مجددا بشأن الاتفاق قبل إجراء استفتاء ثان، وإذا لم يحقق أى منهما فوزا حاسما فى الانتخابات، فستستمر أزمة أو لعنة الخروج البريطانى من الاتحاد الأوربى.