من كان يظن أن الإرهاب هو العدو الوحيد لبلدنا فهو واهِم ، ومن كان يظن أن التقدم سيأتي بلا محاربة للمفسدين فهو من المغيبين ، هناك من الأمراض ما يمكن أن يتعايش معها الإنسان لفترة بعيدة دون أن يدري وبعد أن تتمكن منه تظهر على السطح لتفتك به وساعتها يكون قد مر الوقت ، هكذا الفساد بأنواعه مثل المرض المتخفي اللعين إن لم يكن لديك أجهزة يقظة ومدربة فلا يمكنك الكشف عن هذا الوباء اللعين في ظل انعدام الضمير والوطنية عند بعض الناس ممن يتولون وظائف قيادية أو غير قيادية ، وقد أنعم الله تعالى على وطننا العزيز بجهاز يقاوم هذا الوباء اللعين الذي انتشر في الجهاز الإداري في البلاد ألا وهو هيئة الرقابة الإدارية وينطبق عليهم لقب (الجندي المجهول) لأنهم يعملون بتجرد وصمت وبعيداً عن الميديا ، خلال عام فقط وجهت الرقابة الإدارية الضربات الموجعة والمؤلمة لثلة من الفاسدين ممن استباحوا المال العام ،وتمكنت من استرداد ما قيمته 21 مليار جنيه خلال العام الحالي فقط ، ويمكن سرد جزء من هذه الأعمال على سبيل المثال لا الحصر : أولا :استرداد مساحة (1000) فدان بمدينة 6 أكتوبر الجديدة تعدت قيمتها مبلغ 6 مليارات جنيه استولى عليها مسئولو شركتي المجموعة العقارية، والمصرية للاستثمار الزراعي والعقاري بمساعدة موظفين بكل من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وجهاز مدينة 6 أكتوبر، وتم ضبط جميع أطراف الواقعة وبعرضهم على النيابة العامة قررت حبسهم. ثانيا : ضبط الأمين العام للمجلس الاعلى للإعلام متلبسا برشوة كبيرة مقابل تسهيل أمور خاصة لرجل أعمال والحصول على أراضٍي. ثالثا : القبض على 4 أفراد يتزعمهم محامي تخصصوا في الاستيلاء على أراضي الدولة بمنطقة مركز أرمنت محافظة الأقصر، وعرضهم مبلغ 2 مليون جنيه على سبيل الرشوة على مدير إدارة الإشغالات بمركز أرمنت، مقابل تسهيل استيلائهم على قطعة أرض مساحتها 8400 م2 قيمتها حوالي 12 مليون جنيه. رابعا : تم الكشف عن قيام أحد موظفي مكتب التأمينات التابع للهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية ورئيس خزينة المكتب وسيدتين بالاستيلاء على حوالي مبلغ (13,5) مليون جنيه من حساب المكتب بأحد البنوك عن طريق استخدام توكيلات مصطنعة والتلاعب في قيمة الشيكات خامسا : استيلاء موظف سابق بالضرائب وآخرين على قطعة أرض مملوكة للإصلاح الزراعي مساحتها 18 ألف م2 كائنة بمحافظة الجيزة وتبلغ قيمتها حوالي (367) مليون جنيه بموجب توكيلات مصطنعة عن طريق التواطؤ مع باحث بمصلحة الشهر العقاري. سادسا : ضبط مدير المكتب الفني لمحافظ البحيرة لتقاضيه مبالغ مالية وعطايا على سبيل الرشوة تقدر بنحو 500 ألف جنيه من رجال أعمال وأصحاب شركات مقاولات، مقابل إنهاء مصالحهم داخل محافظة البحيرة وتقنين وضع اليد لبعض قطع الأراضي سابعا : قامت هيئة الرقابة الإدارية بالقبض على نائبه محافظ الإسكندرية داخل ديوان عام المحافظة عقب ثبوت تورطها فى عدة وقائع فساد تشمل الرشوة والإضرار بالمال العام والتربح. الكلام عن ما أنجزته الرقابة الإدارية خلال فترة قصيرة يحتاج إلى مجلدات وكتب ، فالرجال في الهيئة يعملون في دأب وصمت من أجل اقتلاع الفاسدين من جهازنا الإداري فكان الله معهم ،الرقابة الإدارية هي ضمان لاستقرار العمل الإداري ونزاهة من يتولون المسؤوليات الحساسة ومحاسبة من يحاول التربح من خلال وظيفته أو من تربح منها ، وكأني أستذكر مقولة ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضى الله عنه حينما أرسى ذلك المبدأ العظيم ( من اين لك هذا ) وأتمنى أن تضعها تحت اسمها ،في 1986 م في فرنسا ألقت الشرطة الفرنسية القبض على سائق كسر إشارة المرور وأمام الضابط كانت المفاجأة ، سائق التاكسي هو رئيس الصناعات العسكرية الفرنسية يقود تاكسي بعد انتهاء عمله الرسمي ، تعاطف الضابط مع سائق التاكسي فهذا هو الرجل الذي يشار إليه بالبنان وكثيرا ما يُرى مرافقاً لفرنسوا ميتران الرئيس الفرنسي آنذاك ، الضابط سأله ما الذي دفعك إلى العمل على تاكسي ؟ قال : أجهز ابنتي الكبرى للزواج ولا أريد أن أمد يدي لأحد والراتب لا يكفي، يا سادة أمثال هؤلاء جعلوا بلادهم من أعاظم الدول ، أمثال هؤلاء لو غضوا طرفهم لأصبحوا مليارديرات ،ليس عيبا أن تمارس عملا أخر لزيادة الدخل ، لكن العيب والحرام والمحظور أن تسرق المال الذي وُكِلت عليه ، من لم يكن له وازعاً من ضميره فلن يردعه أحد ، اتقوا الله تعالى في بلدنا فغدا نحاسب على القطمير