مع بداية الألفينيات تعرضت القارة الأفريقية لضربات قاسمة من العمليات المسلحة او ما يطلق عليه العمليات الارهابية فى استبدال واضح وصريح للصراعات الاهلية المسلحة التى سادت القارة الافريقية فى الثمانينات والتسعينات واصبحت فكرة الجماعة المناضلة من اجل الانفصال احدى التيمات القديمة والتى لم تعد تجذب الكثير حولها لا انظمة ولا مجتمع دولى ولا اى اهتمام فكان لابد من استبدال هذه الصراعات الداخلية بآلية جديدة تحافظ على استنزاف الموارد الافريقية وتظل كل الدول الافريقية تحت التهديد و الاستنزاف وهدر الطاقات دون كلل , فكانت الاداة المتاحة فى هذا التوقيت هى الجماعات المسلحة صاحبة الايديولوجيا الدينية او ما يطلق عليها حاليا الجماعات الارهابية . فمنذ ظهور جيش الرب الاوغندى مرورا بالاخوان المسلمين وجماعة بوكو حرام وشباب المجاهدين وصولا الى تنظيم الهوسا الاسلامى المتشدد والهدف واحد والاختلاف فى الادوات وبنية التنظيم فقط , وظل الهدف الاكبر لديهم جميعا افشال الدولة الوطنية والحفاظ على تفتيتها دون انهيار , وذلك فى ظل منظومة امنية متهالكة فى الكثير من البلدان الافريقية , وفى تضارب حقيقي للتعاطي مع مفاهيم الدول الشاملة والقوة الحاكمة لاي من الدول الافريقية , وتزامن ذلك مع قيام نفس الجماعات بتوجيه ضربات خارجية خارج حدودها لاعطاء الصيغة الدولية لاى من هذه التنظيمات وانها لا تعمل فقط داخل الحدود الافريقية وذلك حتى يرتبك المحللين وصناع القرار هل هو ارهاب دولى ام صناعة محلية تستند الى افكار وعقائد خاصة بالبيئة الافريقية ؟؟ الحقيقة لقد طرحت هذا التساؤل مرار وتكرارا على ذهنى قبل ان ابدأ فى الكتابة ووجدت انه بصورة لا تقبل الشك ان افريقيا هى القارة الوحيدة التى تتجرع مرارة الارهاب بشكله الحالى ضربة ارهابية هنا او هناك تحرك مفاصل الدولة ولكن لا تسمح بانهيارها ؟؟؟ ثم ظهور تكوينات تحمل الصيغة الافريقية وتنتمى لافريقيا فقط سواء فى الاسماء او المكونات العضوية والايدولوجية, وبالتالى كان ضرورى تفعيل عملل المؤسسة القارية التى يطلق عليها الاتحاد الافريقي .... كيف هذا وقد اشرنا من قبل ان تلك المنظمة القارية الضخمة قد تم تفعيل الازمات بها وانشاء كيانات بديلة تقوم بدورها فى مناطق اقليمية تعمل كل منطقة منها على ابعاد مؤسسات الاتحاد من الضلوع بدورها والقيام بمهامها ؟؟؟ فتراجع الاتحاد بصور مبالغ قيها عن التصدى لازمة الجماعات المسلحة فى افريقيا وتجاهل الاتحاد تفعيل اليات مثل الية مكافحة الارهاب او تبادل المعلومات وظلت الدول الافريقية حبيسة ردة فعل الدول الكبري تجاه الارهاب كما هو الحال فى غرب افريقيا والتى اعتمدت فيه دول منطقة الغرب على التدخل الفرنسي بصورة مبالغ فيها وبدأت تبحث حول دور مجلس الامن والسلم الافريقي كأحد اهم المؤسسات المنوط بها العملية الامنية فى افريقيا , وكيف لمنظمة كبيرة بحجم مجلس الامن والسلم ان تظل عاجزة عن المواجهة بهذه الكيفية المخزية ؟ فكان لابد من تفريغ لكيفية عمل هذا الجهاز ومعرفة ادواته وما هى المعوقات الحقيقية التى تمنعه من مباشر مهامه , وهنا اكتشفت ان الجهاز يتكون من اولا :فرق افريقية متعددة الجنسيات (من افريقيا)تعمل وفقا للمهام التالي - بعثات للمراقبة - بعثات فى مهام دعم السلام - بعثات لنزع السلاح - بعثات للمساعدات الانسانية - بعثات للانشار الوقائى ومنع تصعيد العنف المسلح ثانيا : قوات الانتشار السريع وهى تعمل وفقا لالية الانذار المبكر ( والتى تعطى مؤشرات اولية لامكانية حدوث نزاع مسلح فى دولة ما وفقا لمؤشرات اجتماعية وسياسية واقتصادية ) ثالثا : لجنة اركان الحرب ( والمكونة من مستشارين عسكريين وامنيين من مختلف الدول الافريقية ) رابعا :الية التدريب للمدنيين والعسكريين (تدريب ميدانى تكتيكى ) وتدريب قانونى على القانون الدولى وقانون حقوق الانسان وتنوعت مهام المجلس مابين منع انتشار العنف والحفاظ على السلم ودعم وبناء السلام واستخدام ألية الانذار المبكر وفقا لنصح وارشاد لجنة اركان الحرب ولكن مع تنوع المهام التى قام بها المجلس الا انى لم الاحظ اى حديث عن الية مواجهة الجماعات الارهابية او تدريب العناصر الامنية لمكافحة كل من (الارهاب والمخدرات والجريمة المنظمة ) والتى اصبحت افريقيا احد اهم اركان هذه المهددات الخطيرة التى تهدد حياة المواطنين فى صورة متطورة للغاية قد تودى بحياة الالاف من الافريقيين , وبالفعل توارت اجهزة الاتحاد وخصوصا مجلس الامن والسلم خلف عمليات حفظ السلام فى الدول الافريقية فى حالة النزاعات الداخلية او الصراعات الاهلية فقط دون التطرق الى الاحداثيات الجديدة التى بدأت تظهر فى افريقيا نتيجة لمعطيات الوضع الحالى المرتبك, وترك المجلس قدراته ومهام تحديثه الداخلى لمواجهة التحديات الامنية الجديدة التى ظهرت وتراجع للخلف وترك هذه المهمة للقوات الدولية , فنجد فرنسا والصين وقد ساهمتا بشكل فعال فى تدريب القوات الافريقية أمنيا بالتعاون مع الحكومات مباشرة دون المرور من خلال الاتحاد الافريقي وهذا ما فعلته فرنسا فعليا فى التعاون مع القوات الامنية فى النيجر او نيجيريا وبالتالى فهنالك تقصير حقيقى داخل مجلس الامن والسلم وفى قدرته على تجاوز هذه الثغرة الامنية واعادة تكوينه وهيكلته من جديد , وكذلك هناك إبعاد منظم للاتحاد الافريقي وتهميش لدوره الحقيقي اذا فهناك ضرورة ملحة لانشاء "هيئة افريقية منظمة للتدريب " لمكافحة الارهاب والمخدرات والجريمة المنظمة تقوم بتدريب عناصر امنية على مستوى عالى من الكفاءة وتكون فى شكل قوات تحت الطلب مؤهلة للتدخل فى اى من الدول الافريقي التى انهكت اجهزتها بدعوى مكافحة الارهاب او تهريب الاموال كما فى غرب افريقيا او مكافحة تهريب البشر والهجرة غير الشرعية من منبعها كما هو الحال فى شرق افريقيا او حتى تهريب المواد الخام من معادن نفيسة ( الالماس – والتيتنيوم ) فى الجنوب اذا ستوفر هذه القوات مشقة استنزاف افريقيا , وحتى تكون فعالة لابد وان تشارك فى التدريب قوات من دول لها باع فى هذا المجال كما هو الحال مع فرنسا والصين , وان تكون مدفوعة الثمن مما يوفر غطاء مادى ومالى للاتحاد الافريقي , ولكن اتصور ان الامر يحتاج لارادة سياسية حقيقية وحكومات وطنية تسعى بشكل او بآخر لتحقيق هدف الأباء الاوائل لافريقيا وتصبح ( أفريقيا للأفريقيين ) وخيراتها ايضا ,,,,