إنه العرض الذى جرى تصويره فى نهاية الشهر الماضى وضم كلا من ترامب و«كيم جونغ» أثناء لقائهما فى المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين، والمصافحة الحميمة التى أريد بها أن تعطى انطباعا بدسم العلاقات ونجاح المباحثات فيما بينهما رغم أنها لم تسفر عن شىء إذ تبقى كوريا الشمالية تمتلك اليوم أسلحة أكثر مما كانت تمتلكه قبل عام عندما التقى ترامب كأول رئيس أمريكى بالزعيم الكورى الشمالى فى سنغافورة، كما أن العرض الاستعراضى فى اللقاء الأخير لم يطمس الحقيقة المتمثلة فى أن كوريا الشمالية لم تتوقف حتى الآن عن نشاطاتها النووية. أما ما أفصحت عنه صورة اللقاء فهو أن امتلاك القوة النووية يعنى امتلاكا لقوة الردع التى تجبر الآخر على احترامك فى عالم لا يعترف إلا بالأقوياء ولا مجال فيه للنوايا الحسنة. إنه المشهد الذى حظى فيه كل من الرئيس الأمريكى وزعيم كوريا الشمالية برؤية العالم لهما وهما يتصافحان قبالة الحدود المنزوعة السلاح بين الكوريتين. بيد أن المشهد لم يخف الحقيقة المتمثلة فى تصرفات ترامب والتى تعكس رغبته فى أن يكون هو المحرك لكل الأدوار ليصبح هو البطل الذى لا يشق له غبار ويكون فى الوقت نفسه هو المنتج والمخرج الذى يحرك الكاميرا ويخلق الدراما. ولقد بادر الديمقراطيون فانتقدوا المصافحة بين الزعيمين بوصفها نموذجا لطبيعة ترامب وتملقه للديكتاتوريين دون أن يكون لديه أى استراتيجية واضحة؛ ليجلس الزعيمان بعد المصافحة ويعلنان بعدها عن استئناف المحادثات الرامية إلى نزع الأسلحة النووية؛ غير أن «كيم جونغ أون» تطلع إلى تخفيف العقوبات المفروضة عليه بينما أراد البيت الأبيض نزع مخالبه النووية، غير أن أيا من المطلبين ليس فى وارد الحل فى المستقبل القريب وبذلك يظل التقدم فى المباحثات أمرا صعبا مرتبطا بصفقات تدريجية وعملية دبلوماسية طويلة وشاقة. غير أن أحد العوامل المشجعة على هذا اللقاء تجسد فى غياب» جون بولتون» مستشار الأمن القومى عن المشهد لا سيما وقد حاول جاهدا تخريب الجولات الدبلوماسية السابقة مع كوريا الشمالية. ولكن ورغم ذلك فيجب ألا يراهن الكثيرون على نتائج هذه المباحثات التى جرت بين الزعيمين؛ حيث إنها لم تعكس إلا الواجهة المظهرية دون التركيز على محتوى المباحثات وما قد تسفر عنه فى النهاية. لا سيما وأن لا أحد حتى الآن يتوقع تقدما قريبا فى حل الملفات العالقة، فرغم مظهرية العلاقة الشخصية مع «كيم» التى حاول ترامب إضفاء الأهمية عليها إلا أن هذه العلاقة هى التى أسهمت فى انهيار المحادثات التى جرت بينهما سواء فى القمة الأولى التى عقدت فى سنغافورة فى الثانى عشر من يونيو من العام الماضى، والتى خرج بيانها مبهما فيما يتعلق بنزع الأسلحة النووية فى شبه الجزيرة الكورية. أو القمة الثانية التى عقدت فى هانوى عاصمة فيتنام فى 27 فبراير الماضى، فعلى حين تطالب أمريكاكوريا الشمالية بالتخلى عن ترسانتها النووية بشكل كامل، إلا أن كوريا تربط هذا بتحقيق سلسلة شروط أبرزها رفع العقوبات الدولية التى تخنق اقتصادها ووقف ما تصفه بالتهديدات الأمريكية أى الوجود العسكرى فى كوريا الجنوبية والمنطقة عموما. بيد أن ترامب فى القمة الثالثة التى عقدت نهاية الشهر الماضى مع زعيم كوريا الشمالية «كيم جونغ أون» كان مولعا بالنجومية والمظهرية والأبهة أكثر من ولعه بتحقيق تقدم فى المباحثات الدبلوماسية. لقد ظهر ترامب منبهرا بالمشهد ليطغى انبهاره هذا على فحوى ما قد تسفر المباحثات عن تحقيقه من نتائج لا سيما وقد ظهرت منذ البداية بأنها الورقة الأصعب التى لا مفر من إنجازها؛ وفى الوقت نفسه يسيطر على ترامب وقع ما قد تسفر عنه الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2020 والتى يطمح فى الظفر من خلالها بولاية ثانية فى البيت الأبيض. ومن ثم يشحذ كل جهده لتلميع صورته أمام الداخل الأمريكى وأمام العالم على حد سواء لكى يكون أهلا بوليمة الفوز بالصفقة......