لا يختلف اثنان علي أن مبدأ الشوري وجد في الحياة علي أساس العدل. والعدل وجد في جميع الأديان علي مختلف أجناسها وألوانها، ولعل الناس يعيشون في أمان وطمأنينة، مادام هناك إنصاف عادل. وإذا ربطنا مبدأ الشوري بالعدل وجد الأمن والأمان. والناس الآن يغفلون ماهي الشوري، ونسي الناس أن هناك سورة في كتاب الله سميت بالشوري، وهناك الكثير والكثير عن مبادئ الشوري. وبالعكس ننظر الآن في الصورة الحقيقية المرئية لدنينا التي نتعايش فيها. قد نتألم، قد نحزن، قد نفرح. ولكن لابد لنا أن نتأمل في غدٍ مشرق مفعّم بالأمال والأفراح. إن مصر تعيش أصعب لحظات لها علي طريق الديموقراطية الذي بدأ بمصاعب كثيرة وعاتية علي الشعب الجميل. الشعب الذي تحمل الكثير، ومازال يتحامل علي نفسه، والذي يتطلع إلي غداً مشرق. وكانت من أولي خطوات الديموقراطية وضع دستور يحمل في جعبته بعض من الشوك الذي يألم طوائف الشعب. وإذا ذكرت المعني الصحيح.. ما هذه المواد التي تحمل الشوك وتؤذي به شعب يريد أن ينهض بأمة تعبت وعانت كثيراً. مواد غير ملائمة للمصريين. ودعني عزيزي القارئ من هذه المواد، كل ما أقصده هو دستور فرق تسد، وجعل الشعب المتألم ينقسم إلي فريقين في ملعب مصر. لقد وضع دستور غير مفهوم.. وإنما وضع لمصلحة طرف واحد. كي يحكم ويتحاكم به. وإذا كانت النية خالصة لله، ما فرّق هذا الدستور الشعب.. لماذا؟ لم يقم هذا الدستور علي الشوري التي أمرنا بها الله، لماذا دائماً نُعاند ونتعاند؟ ما الفائدة يا دستور مصر؟ لماذا لم نحاول مرة واثنان وثلاث أن نتوافق ونتجمع ليس في وضع دستور يليق بمصر.. بلا... بل نتوافق ونتعاهد علي حب الوطن أولاً، ثم بعد ذلك بأمر الشوري نبدأ بدستور يبني البلد علي أسس وقواعد راسخة ومتينة تعيد كل فقير علي هذه الأرض الطيبة حقه المنهوب والمسلوب منه. لماذا يهمش بعض الطوائف من شعبنا في هذا الدستور. يا أصحاب فكرة وضع الدستور لمّا تلموا الشمل... لما تتفرقوا... وتنذرف الدماء علي الأسوار.. بل علي الأرض.. لماذا؟ كل هذا التعنت واللامبالاة للغير. لاشك أن الشوري التي حثنا النبي صلي الله عليه وسلم بقوله وفعله، يتحقق من ورائها أهداف عظيمة. فهي تعمل علي نشر الألفة بين أفراد المجتمع، وهي وسيلة للكشف عن أصحاب الرأي السديد. ومَنُ بإمكانهم وضع خطط يؤخذ بها في المواقف الصعبة الطارئة. يقول رسولنا العظيم 'ما من رجل يشاور أحداً، إلاً هدي إلي الرشد'. كما يقول رسولنا الكريم: 'الاستبداد برأيك يزلك، ويهورك في المهاوي'. ليتنا نعي في أقوال أشرف الخلق وأن نعمل بها ليس بالكلام، ولكن بالفعل حتي يستريح الجميع، ويبدأ صفحة جديدة مليئة بالحب والتعاون والتوافق، وإبدأ الرأي في صوابه الصحيح، وذلك لنهضة بلدنا المتألم. يا واضعي الدستور.. اتقوا الله، إن الشوري هي مبدأ العدل، إنه دستور دنيوي وليس هو شريعة حتي لا نتشاور فيه. فشرع الله لا يجوز أبداً التشاور فيه لأنه مُنذل من عند الله أمر ثابت لا تغيير فيه، لكن ما بالكم يا لجنة الدستور بأنه قانون دنيوي. يجب أن يراعي فيه مبدأ الشوري. وأن تكون الصدور منيرة ومستنارة بهدي الله، يجب ان نتكاتف، بل بالعكس يجب ان تتكاتفوا مع بعضكم البعض، ما كل هذا يا دستور مصر الذي يشغل بالنا الآن. لقد تركنا مشاغل وهموم البلد الحقيقية والأساسية التي يعاني منها شعبنا المهمش، أصبحنا نفكر في دستور وهناك قنبلة البحث عن العمل 'البطالة' وهذه المشكلة أساسية وخطيرة جداً. فهي التي تصنع البلطجة في مصر. الكلمة التي أصبحت تتردد علي كل لسان الآن، وما لنا كنا في الماضي لا نسمع عنها أبداً إلا قليلاً. الآن أصبحنا لا يمر يوم علينا إلا وأن نكررها، نسمعها ونشاهدها علي قنوات التلفاز. من المسؤول؟ يا رئيس مصر .. الكلمة الأولي والأخيرة لك، لابد لك أن تنظر إلي الله بحقيقة الأمور. وأن تحتضن هذا الشعب بجميع طوائفه، نحن زائلون بلا محالة. نحن راجعون إلي الله، وسوف نترك ورائنا الموروث والوارث. يا رئيس مصر.. يقول عبدالملك بن مروان 'لأن أخطئ وقد استشرت أحب إلي من أن أصيب، وقد استبددت برأيي من غير مشورة'. يا رئيس مصر.. لم الشمل.. وصحح دستور مصر حتي يرضي الشعب. وأجمع طوائفك كلها وتشاور وشاورهم واستشير. البلد الحبيب محتاج إلي التكاتف.. محتاج لبناء وطن لم الشمل وليس فرق تسد. لعلني أمسي ثم أصبح وتشرق علينا شمس جديدة صافية تحمل لنا كل الخير، وقمر ينير لنا طريق الخير والهدي والصلاح، وأرض طيبة تحملنا جميعاً إلي بر الأمن والأمان. حماك الله يا مصر بقلم: محمد شوارب