وزير العدل الفلسطيني: نرفض أي ترتيبات تُفرض بالقوة على غزة.. والمجاعة تستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا    أوكرانيا تخرق هدنة "عيد النصر" بإطلاق مسيرات نحو الأراضي الروسية    لوران بلان بعد فوز الاتحاد ضد النصر: فخور بفريقى.. ولا أهتم بالانتقادات    ميدو: رفع إيقاف قيد الزمالك خلال أيام.. والعدالة خط أحمر في أزمة الأهلي    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    ميدو: توقعت انتقال زيزو للأهلي وأخبرت مسؤولي الزمالك    بوسي شلبي ترد على ورثة محمود عبدالعزيز: الزواج صحيح ولم نخالف الشرع أو القانون    سعر الذهب اليوم الخميس 8 مايو محليًا وعالميًا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    مسؤولون سوريون: الشرع طلب لقاء ترامب لعرض رؤيته لإعادة الإعمار    مصر وقطر: بث الفُرقة بين الأشقاء لن ينجح    وزير دفاع إسرائيلي أسبق مهاجما حكومة نتنياهو: يجب إغلاق إسرئيل وشلها من أجل إنقاذها    وصف الإمارات لحكومة السودان ب"غير شرعية" - قراءة في سياق الاعتراف بالتدخل في الشأن الداخلي والحرب الأهلية    جبالي يستقبل رئيسة مجلس الشيوخ بكوت ديفوار    رسميًا خلال أيام.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 بعد قرار وزارة المالية (احسب قبضك)    "بحوث الصحراء" يواصل دعم مزارعي ومربي مطروح بقوافل بيطرية مجانية    تحرك جديد من المحامين بشأن أزمة الرسوم القضائية - تفاصيل    موعد نهائي دوري الأبطال بين إنتر ميلان وباريس سان جيرمان    الزمالك يحسم موقف محمد شحاتة من لقاء سيراميكا كليوباترا    «فريق واحد».. شوبير يكشف مفاجآت حول موقف الهبوط من الدوري    قبل الإعلان الرسمي.. لجنة الاستئناف تكتفي باعتبار الأهلي مهزوم أمام الزمالك فقط (خاص)    الغندور حكما لمباراة الأهلي والمصرى بالدورى والشهدى للفيديو    تطور جديد في واقعة ضبط راقصة شهيرة بمخدرات في مطار القاهرة    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم والأرصاد تُحذر من ظاهرة جوية «مؤثرة»    خريطة العام الدراسى المقبل: يبدأ 20 سبتمبر وينتهي 11 يونيو 2026    المعاينة: وفاة شخص وإصابة 8 آخرين إثر حادث تصادم 8 سيارات فى السلام    تفاصيل اعتداء معلم على تلميذه في مدرسة نبروه وتعليم الدقهلية يتخذ قرارات عاجلة    "أولياء الأمور" يشكون من جداول امتحانات الترم الثاني: تؤثر على نفسية الطلاب    بلاغ للنائب العام يتهم الفنانة جوري بكر بازدراء الأديان    11 مصابًا وشلل مروري في تصادم مروّع على الطريق الدائري| صور    بعد انخفاضه في 8 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 8 مايو 2025    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    «فستانك الأبيض» تحتفظ بصدارة يوتيوب.. ومروان موسى يطيح ب«ويجز» بسبب «الرجل الذي فقد قلبه»    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    حدث بالفن| عزاء حماة محمد السبكي وأزمة بين أسرة محمود عبدالعزيز وطليقته    "الرعاية الصحية": تقديم الخدمة ل 6 مليون مواطن عن منظومة التأمين الصحي الشامل    أخبار × 24 ساعة.. التموين: شوادر لتوفير الخراف الحية واللحوم بدءا من 20 مايو    لمدة 6 أيام.. الفرقة القومية المسرحية بالفيوم تقدم ليالي العرض المسرحي «يوم أن قتلوا الغناء» بالمجان    بعد تداولها على مواقع التواصل، مصدر يرد على جدل قائمة مصروفات جامعة القاهرة الأهلية    صحة الشرقية تحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بالمستشفيات    حسام موافي يوضح الفرق بين الشريان والوريد    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    تفاصيل احتفال دمياط بعيدها القومى فى ذكرى انتصارات الأجداد عام 1250م    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات الطفولة المبكرة    الجمعة.. قافلة طبية مجانية بقرية صلاح الدين في البحيرة    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    محافظ المنيا يوافق على تحسين خدمات النقل وفتح التقديم لترخيص 50 تاكسي    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن : التراجع في القرارات الرئاسية وفق السياسة الشرعية في الشريعة الإسلامية
نشر في الزمان المصري يوم 19 - 12 - 2012

الرئيس مرسي-منذ توليه المنصب رسميا بتسليم المجلس العسكري السلطة إلى الرئيس المنتخب يوم 30 يونيو- لكنه استطاع أن يشعل فيها أزمة حينما قرر عودة مجلس الشعب المنحل، مما أشعل الصراع بين مؤسستي القضاء والرئاسة، ليعلن الرئيس محمد مرسى تراجعه عن القرار مؤكدا احترامه الكامل للقضاء. التراجع تكرر غير مرة، بحيث أصبح سمة مميزة للرئيس، البعض يفسره إيجابيا بأنه «دليل على المرونة» وآخر يفسره سلبا بأنها «دليل على التخبط السياسي»، تعيين المستشار عبد المجيد محمود سفيرا لمصر فى دولة الفاتيكان، كان أحد القرارات التي تم التراجع فيها. لم يقف الأمر عند حد القرارات، تخطاها إلى الإعلانات الدستورية، فما أصدره الرئيس يوم 21 نوفمبر على لسان متحدثه الرسمي ياسر على، ألغاه أيضا الرئيس يوم 8 ديسمبر على لسان الدكتور محمد سليم العوا، بإعلان دستوري جديد تنص أولى مواده على إلغاء السابق.. التراجع تم بعد بحور دماء سالت فى عدد من الميادين وبعد حالة تقسيم رهيبة يعانيها المصريون منذ الإعلان. أن قرار فرض ضرائب على عدة سلع وخدمات أعدته الحكومة, وجاء نتيجة لأن الدولة لديها 200 مليار جنيه عجز في ميزانية الدولة, والوزارة رأت من منطلق اقتصادي أن هذه الضرائب ستصيب سلعًا غير أساسية. هل يوجد خلل في صناعة القرار الرئاسي ؟ هذا السؤال فرض نفسه وسط ما يحدث في مصر الآن.. وذلك بعد أن رأينا رئيس الجمهورية يتراجع عن العديد من القرارات السيادية منذ مجيئه.. بداية من إعادة مجلس الشعب المنحل.. وإقالة النائب العام عبد المجيد محمود قبل أن يتراجع عن قرار الإقالة وبعدها يقيله مرة أخرى.. ثم الإعلان الدستور الذي أصدره.. وأخيرا قانون الضرائب الجديد.. لهذا نحلل ذلك الأمر وفق نظرية تراجع القرارات في السياسة الشرعية والسنة النبوية
***.على الخليفة واجبات شرعية كثيرة كغيره من المسلمين، ولكن هناك واجبات خاصة به بمقتضى ما تكلفه من قيامه بهذا الأمر، وخلاصتها الحفاظ على الدين وحراسته، وتحقيق مصالح المسلمين الشرعية والدنيوية ودرء المفاسد عنهم، وتحت هذه الواجبات العامة تفصيلات كثيرة، كما تحتاج إلى تنظيمات وترتيبات لتحقيق تلك الواجبات على النحو المرضي، ومن مسؤولية ولي الأمر القيام بهذه الواجبات واستحداث ما تحتاج إليه من تنظيمات وترتيبات وإزاء هذه المسؤولية المكلف بها الخليفة؛ إنّ نشاطات السلطة الخفيّة في المجتمعات المتقدّمة في إطار الصراع السياسي للحفاظ على الثروات الوطنية وغيرها، تعتبر من الشروط الضرورية لاستمرار الديمقراطية، لأنّ النقد الخفيّ للأساليب التي تتّبعها السلطة السياسية الحاكمة في كافة المجالات من شأنه أن يؤدي إلى تدعيم الديمقراطية. بينما في المجتمعات المتخلفة تسقط الحكومة بسبب هذه الجماعات السرية ويكون التنازع بينهما عبر التخريب والإفساد والتهريج.
فإن الشريعة جعلت له على الرعية حقوقاً؛ حتى تكون هذه الحقوق معينة له على تحقيق واجباته ومقاصد الخلافة، قال الماوردي:«وإذا قام الإمام بما ذكرته من حقوق الأمة؛ فقد أدى حق الله تعالى فيما لهم وعليهم، ووجب له عليهم حقان: الطاعة والنصرة؛ ما لم يتغير حاله عندما يُشْكِل الأمر في قضية ما، أو عندما تتعدد الحلول لمشكلة ما، أو عندما لا يكون المرء قادراً على اتخاذ القرار السليم في القضايا التي تعرض له، أو يريد التأكد من صواب القرار الذي أداه إليه اجتهاده، أو يريد التوصل إلى الأيسر والأنسب من الحلول الصالحة المتعددة؛ فإنه يلجأ إلى من يعتقد أن لديه المقدرة على القيام بذلك مع الأمانة والصدق فيما يشير به، ويطلب منه أن يعاونه برأيه في ذلك، وقد يطلب المستشير ذلك من فرد أو من مجموعة من الناس مجتمعين أو منفردين. وقد يكرر الاستشارة في الأمر الواحد، وقد يكتفي بإشارة أول من يشير عليه. وعرض الآراء وتقليبها ممن يحسنون ذلك في مثل تلك الأحوال، واختبارها لمعرفة كنهها، واستخراج أفضلها وأنفعها وأيسرها؛ هو ما يعرف بالشورى ويراد منها. والأدلة على مشروعية الشورى كثيرة؛ منها قوله تعالى : {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159]، وقوله:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى} [الشورى: 38]، وهي دالة على سلوك المؤمنين الحميد فيما يتعاطونه من أمورهم، وهي أعم من أن تكون قاصرة على ما يتعلق بنظام الحكم أو المسائل السياسية، وقد دلَّت سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم العملية على كثرة مشاورته لأصحابه، فشاورهم في مسائل عامة تتعلق بالجهاد كما في غزوة بدر وأُحد وغيرهما، كما شاور بعضهم في خاصة نفسه في أمر عائشة رضي الله عنها الحَصَان الرَّزَان في قصة الإفك، وغير ذلك من الأمور الكثيرة. وشاور خلفاؤه الراشدون من بعده، وجاءت آثار السلف في الحض على ذلك والترغيب فيه، والناظر في المجتمع الإسلامي في الصدر الأول يجد أن المشاورة كانت أمراً فاشياً وسلوكاً حميداً عند عامة المسلمين، يتبعونه في أمورهم العامة والخاصة، والوقائع بذلك كثيرة جداً والشورى في المسائل العامة التي تتعلق بالأمة أو جمهورها أو طائفة كبيرة منها أَوْلى من الشورى في المسائل الخاصة التي تتعلق بأفراد أو مصالح جزئية؛ لأن الأولى خطرها عظيم ونفعها كبير، ولذلك كانت الشورى في المسائل المتعلقة بالنظام السياسي الإسلامي الذي يمثِّل السياج الواقي للإسلام ودولته أَوْلى بكثير من غيره، ولا يستغني ولي الأمر عنها في إدارته لشؤون ولايته إدارة حسنة. وتأمل كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف الموقف الحاسم في شأن العاطفة دونما النظر إلى تأثيراتها، ما دام الأمر الذي حسم والقرار الذي اتخذ فيه الخير والمصلحة في يوم صلح الحديبية كان النبي – صلى الله عليه وسلم – مسددا بالوحي لا شك في ذلك تحرّكت العاطفة في نفس الفاروق عمر رضي الله عنه فجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: ألسنا على حق؟ قال: بلى، قال: أليسوا على الباطل ؟قال:بلى قال: فعلام نعطي الدنية في الدنيا في ديننا؟.ونحن الآن في قوة لماذا نقبل بهذه الشروط ؟ النبي عليه الصلاة والسلام يروض تلك العاطفة فيقول: إني رسول الله وان الله لن يضيعني. انظر إلى أبي بكر رضي الله عنه عندما ذهب إليه عمر وهو بهذه العاطفة، ماذا قال الصديق رضي الله عنه؟ قال: الزم غرزه فانه رسول الله، لكن الشاهد الأقوى في هذه الحادثة بعد أن ابرم العقد بالمشافهة، وقبل أن يكتب جاء أبو جندل ابن سهيل بن عمرو والذي تولى عقد الصلح من كفار قريش لإجراء الصلح، جاء وهو يرصف في قيوده مسلم مضطهد معذب مقيد، جاء ليلتحق بالرسول وبالمسلمين فلما رأوه المسلمون تحركت نفوسهم، وهاجت عواطفهم، وكان موقفا عصيبا وله وقع في النفوس عظيم، فماذا قال سهيل بن عمرو؟ قال:يا محمد قد لجت القضية بيننا - الاتفاق ابرم وان لم يكتب – فأمر رسول الله أبا جندل أن يبقى في مكانه، وبقي عليه الصلاة والسلام على عهده ووعده ولم تغلب العاطفة في حادثة قد يكون لها ضرر عظيم بل جعل العاطفة في حدها وجعل لها أوان يأتي بإذن الله عز وجل في وقتها. كثيرا ما يتردد الناس ولا يعزمون أمراً ولا يتخذون قراراً، ولا ينشئون عملاً/ ولا يبدون ممارسة، فتضيع الأوقات دونما شيء، وأيضا التراجع يبدأ ثم يرجع ويأخذ ثانية ثم يتقاعس هذا أيضا مبدد للجهد ومضيع للوقت ومؤثر في النفس. وتأمل في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم أحد، يوم كانت العاطفة عند من لم يشهد بدر، وكانوا يريدون ان يشهدوا غزوة وجهاد في سبيل الله كما شهد أصحاب بدر، فألحوا على النبي عليه الصلاة والسلام عندما كان رأيه أن يبقى في المدينة وأن يتحصن فيها وأن يكون موطن القتال في أزقتها، فيكون له الغلبة على عدوه. فكان الشباب المتحمسون يريدون الخروج والقتال والجهاد فبعد أن كثر الكلام، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم أقوال هؤلاء الرجال دخل إلى بيته ولبس لامته أي – عدة حربه – فرأى أولئك النفر المتحمسون أنهم قد ضغطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم قد ألزموه أو ألجئوه إلى ما لم يكن يحب، وإلى ما لم يكن يميل إليه، فقالوا يا رسول الله رجعنا عن رأينا فافعل ما بدا لك، كان من الممكن أن يرجع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ( ما كان لنبي إذا لبس لامته ان يضعها حتى يفصل الله بينه وبين عدوه ). القائد الأعظم ما يتقدم بقرار ثم بعد أسبوع يلغي القرار، ثم يتخذ قرارا ثانيا ثم يبدله بثالث، تصبح الأمور فوضى، ويشعر الناس أن القائد ليس بصاحب خبرة ، أو على أقل تقدير انه ليس بصاحب جد ولا اعتناء الأمور ،أو أنه تؤثر فيه المؤثرات ،فلا يكون حينئذ ثقة ولا حصول للمصلحة المنشودة في مثل هذه القرارات .فان الرجوع في القرارات من الثوابت الأصيلة في مبدأ الشورى مادامت تصب في مصلحة الأمة وأهل والخبرة والمشورة أشاروا علية بذلك
**كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.