قد لايسمع كثير من المصريين عن اللواء"فؤاد صالح زكي"الذي رحل عن دنيانا"الأربعاء الماضي"الثالث من إبريل،ولكن القائد الراحل، تشهد له"حبات الرمل"في سيناء الغالية،وتقر بمسيرته،صحرائها،وتتذكره"قناة السويس"ومواقع القتال الصعبة،قبل وبعد خرب السادس من أكتوبر للعام 1973..ولم لا..وهو القائد البطل،والذي شارك في حرب الاستنزاف،وقاتل في القنطرة،وعبر القناة في الحرب المجيدة،وكان أحد صناع النصر العظيم،الذي سطرته قواتنا المسلحة الباسلة،في يوم النصر علي العدو الصهيوني،في واحدة من أخطر المواجهات العسكرية في تاريخ الحروب. شاءت الأقدار أن أتعرف باللواء"فؤاد صالح زكي"في العام 2007،يوم كنت رئيسا لقطاع الأخبار والبرامج السياسية بقناة الساعة الفضائية،وقررت يومها أن ألتقي بمجموعة من أبطال النصر العظيم،ممن لم تسلط عليهم الأضواء من قبل،رغم دورهم البطولي في تحقيق النصر العظيم..يومها تفضل علي اللواء فؤاد صالح زكي بزيارتي في مكتبي بوسط القاهرة،وبصحبته العقلية الحافظة لكل تفاصيل المعركة،وهو العميد"جابر الديب"،حيث تحاورنا مطولا،ووضعنا الخطوط العريضة لإجراء لقاءات مع أبطال الكتائب24-25-26،والتي كانت تتبع اللواء الثامن مشاة،الذي تولي قيادته"المقدم"فؤاد صالح زكي،منذ العام 1970،والذي كان يتبع الفرقة السابعة مشاة،والتي كان يقودها العميد الراحل"أحمد بدوي"والذي تقلد منصب وزير الدفاع فيما بعد،وتمت ترقيته لرتبة المشير. رحت أتجول علي بيوت الأبطال،وأجري اللقاءات في منازلهم،حيث أمدوني بذكريات هائلة،جسدتها في عمل تليفزيوني،إمتد لنحو 27 حلقة،بعنوان "ساعة الصفر"،تم عرضها علي شاشة"قناة الساعة"في هذا الوقت،وحازت علي إعجاب واسع لدي المشاهدين،حيث كانت"كاشفة"وللمرة الأولي،عن بطولالت ،ظلت خافية،لسنوات طويلة،وجسدت حكايات أبطال،كانوا "يتسابقون إلي الشهادة"،كما عبر عن ذلك بصدق الراحل الكبير اللواء"فؤاد صالح زكي". كان الفقيد الكبير،إنسانا وطنيا،ومصريا مخلصا،ومتواضعا،متدينا،متسامحا،حنونا،به أبوة صادقة،ومتدفقة،تعامل بها مع ضباطه وجنوده،سواء خلال فترات الحرب،والمواجهات الطويلة مع العدو الصهيوني،أوبعد انتهاء الحرب،حيث ظل بالنسبة لهم"أبا وقائدا"يلتفون من حوله،وينصتون لتوجيهاته،ويتسامرون مع قفشاته الخفيفة،وروحه الأخاذة التي كانت تطفو علي سطح اللقاءات الكثيرة معهم،والتي كنت شاهدا علي العديد منها،بحكم الرابطة القوية التي ربطتني بالراحل الكبير،والضباط الشجعان الذين رسموا معه،ومع جيشنا الباسل أسطورة حرب أكتوبر العظمي. قاتل الراحل الكبير بشجاعة في حرب الاستنزاف والقنطرة،وقدم الفقيد بطولات،شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء ،تحدث كثيرا عن بسالة الجندي المصري الذي قتل الجنرال الإسرائيلي"إبراهام مندرال"قائد المدرعات في الجيش الصهيوني،وكانت شجاعته وكفاءته هي الطريق الذي دفع قيادة الجيش لتعيينه قائدا للواء الثامن مشاه،وهو لايزال برتبة"مقدم"كما عبر عن ذلك اللواء"ناجي شهود"في كلمة التأبين التي ألقاها خلال حضورنا مراسم جنازته في كنيسة"مار مرقس"بمصر الجديدة،ظهر الجمعة الماضية. لم تنقطع صلة الراحل الكبير بضباطه وجنوده،من رفاق النصر،وخاصة ضباط وجنود الكتائب 24-25-26"مشاة"فتعايش معهم طيلة سنوات مابعد الحرب،وكان حرصه علي تنظيم الإفطار الرمضاني السنوي،مع الأبطال،في ذكري العاشر من رمضان،أمرا يتقدم علي أية اعتبارات أخري،حيث كان اللقاء الذي لم يتخلف عنه،ولولمرة واحدة،فرصة لاستعادة ذكريات الحرب المجيدة في مناسبة جليلة علي قلوب كل المصريين. كان الجمعة الماضية"يوم الوداع"لواحد من الأبطال العظام في تاريخ الوطن،تجمعنا،كل محبيه،في جنازته،وصاحبنا جثمانه الطاهر،حتي مقابر العائلة في الفيوم..كان بصحبتنا اللواء عادل مصطفي واللواء عادل بكري والعميد جابر الديب،والعميد مدبولي زهير وحرمه،وللعميد مدبولي"مجهود"في الإخلاص،والوفاء،أدعو الله أن يجازيه عنه خير الجزاء. كانت لحظات صعبة علينا جميعا،حين وارينا جثمانه الطاهر الثري في المقبرة العائلية،ورحنا نشد علي يد السيدة الفاضلة"حرمه"ورفيقة دربه الطويل،ونجله "الدكتور جمال"وأفراد عائلته،قبل أن نأخذ طريق عودتنا للقاهرة،وقلوبنا متعلقة بحب فريد،لبطل عظيم،وعقولنا تستعيد ذكريات طيبة،عشناها معه لسنوات طوال،قبل أن يغادرنا إلي"دنيا الخلود"ولانملك أمام إرادة الله،سوي أن نترحم عليك أيها القائد العظيم،وندعو الله أن يجزيك عن كل ماقدمته لوطنك وأمتك.