خلط الأشياء في كل الاحايين غير مستحب، وفي كثير من الأحيان قاتل .. لو ربة البيت لم تحسن مقادير الطعام لأولادها، تصبح فاشلة.. لو أن الصيدلاني أساء تقدير مكونات الدواء، وخلطها علي غير مقاديرها، لتحول الدواء إلي سم ناقع .. كذلك خلط أمور الدين في حياتنا الحزبية، أمر من البدع الدخيلة علينا. بعض ضباط وأمناء الشرطة، تظاهروا بغرض فرض بدعة إطلاق اللحي علي الزي الرسمي للشرطة، وبدعوي أنها سنة عن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، لون من خلط الأمور، السنة ليست اللحية فقط، إنها أشاعة العدل والطمأنينة بين الناس، وبعيدًا عن القسوة وهتك العرض وإهدار الكرامة الانسانية وصنوف التعذيب التي لقاها البعض قبل ثورة 25 يناير .. لم نسمع عن رجل شرطة واحد خلال ثلاثين سنة من حكم الديكتاتور، ثار أو تمرد أو انتقد تصرفات زملائه في ذلك الحين .. هل هناك من تفسير، أم أن الإسلام لم يكن قد دخل وزارة الداخلية بعد .. لماذا لم نسمع عن مناد لاطلاق اللحي في زمن الرئيس المخلوع!! ولا في زمن الرئيس المؤمن و بمقولته الشهيرة: 'أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة' أو لم يكن هؤلاء الشرطيون قد دخلوا الإسلام بعد؟!، أو ان السنة تأخرت في الوصول من يثرب إلي لاظوغلي!! هل من اللائق أن تضع علامات الرتبة بنجومها اللامعة، علي أكتاف جلباب أبيض قصير، وتضع علي رأسك طرحة الخليج وتنتعل 'الشبشب زنوبة' أو الخف المعروف عندأهل يثرب في قدمك بديلا من حذاء البيادة .. لقد ارتضيت لباس الشرطة وهيئتها منذ تقدمت للعمل في المهنة، ولا يجوز لك ان تستبدلها من تلقاء نفسك وعلي مزاجك بالملابس الازهرية مثلا، كما لا يجوز للقاضي إن يجلس علي منصة القضاء بجلباب، او بملابس الجينز الكجوال.. كما لايجوز للطبيب الجراح ان يدخل غرفة العمليات من غيرملابس معقمة وغطاء رأس وأقدام وواقي الفم والانف وقفازات الجراحة، وكلها متطلبات المهنة .. لون من ألوان خلط الاشياء والمسميات .. الحق قبل المسبحة والعدل فوق اللحية. من خلط الاشياء، ان محافظا راح يجوب أعمال المحافظة مرتديا الجلابية البيضاء، في جولته لزيارة مستشفي، حتي لايصبح نشازا بين هيئة التمريض، وعليه إن راح يفتش علي قوات البحرية وتفقد الشواطئ، ان يلبس 'المايوه' .. لون من خلط السياسة بالتدين .. الحق قبل الرداء والعدل فوق المظهرية. الخلط الثالث، ان كثر من اهل الحكم في زماننا هذا، يطلقون لحاهم وعلامة السجود تعلو جباهم، ويشترك معهم في هذا المظهر الحلاق والطباخ والكناس، ولا شك أنهم مسلمون حسن اسلامهم، وليس كل من هو علي هذا المظهر، داعية او عالم دين، أو رجل دين، ان الاسلام لا يعرف رجال الدين ولا كهانة في الاسلام .. علماء الدين فقهاء في علم الحديث و اللغة والمذاهب الاربعة، والفلسفة والتاريخ الإسلامي .. يظن بعضهم أنهم دعاة إصلاح وهداية إلي دين الاسلام، حتي وان كنت تحمل شهادات جامعات العالم في العلوم الدنيوية، فأنت لست بداعية ولا عالم دين.. ان كنتم صادقين، اخرجوا إلي بلاد تعبد الأصنام والبقر من دون الله... هؤلاء اشد احتياجا إليكم، انما مسلمو مصر مشهود بحسن عقيدتهم منذ الفتح الاسلامي، أنتم رجال سياسة ولستم علماء دين، حتي وإن كثر الشتم والسب عبر الفضائيات 'ادعو الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة' وليس اللعب بمرادفات اللغة العربية لغة القرآن الكريم .. 'والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير مااكتسبو فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا' الأحزاب 58، يا أصحاب الجلاليب البيض خذوا حذركم، فلستم رسلا ولا انتم انبياء، ولا بعثكم الله لتكونوا هداة للناس، فالهداية من اعمال الخالق سبحانه وتعالي .. ولا انتم منذرين فهذه من تكليفات الرحمن لرسوله 'ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب.. هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب' النحل 116. لا تظن ولاتعتقد أن بامكانك بين يوم وليلة أن تصبح عالم دين .. وحتي لايصبح الخلط بين معتقدك ومهنتك السياسية، ويتحول إلي عقدة نفسية يصعب خلاصك منها.